أوضاع مأساوية في مخيمات لبنان وسوريا.. مفوض الأونروا للجزيرة نت: 90% من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر
عمّان- قال فيليب لازاريني المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الوكالة تواجه جملة من التحديات الوجودية، ومن شأن تلك التحديات منعها من الوفاء بالتزاماتها حيال اللاجئين، مؤكدا حاجة الأونروا لتمويل مالي يتراوح بين 50 و80 مليون دولار قبل نهاية العام الجاري.
وتحدث لازاريني في حوار مع الجزيرة نت على هامش انعقاد أعمال اللجنة الاستشارية للأونروا في العاصمة الأردنية عمّان، وبحضور الممثلين الأعضاء لـ29 دولة، والمراقبين الأربعة للأمم المتحدة، لمناقشة واقع الوكالة والتحديات التي تواجهها.
ولفت إلى الارتفاع غير المسبوق لمعدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط بنسب تراوحت بين 80 و90%، مما يشكل أعباء إضافية على الأونروا، مشددا على ضرورة توفير قاعدة تمويل صلبة ومستدامة لعمل الأونروا.
وأوضح المفوض العام أنه بغياب حلٍّ سياسي وعادل ونهائي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فسوف تبقى الأونروا هيئة تابعة للأمم المتحدة لا يتم الاستغناء عنها، وليس هناك أي بديل لها، خاصة أنها تقدم خدمات أشبه بخدمات القطاع العام، إضافة إلى أنها أكبر استثمار في التنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين.
وتاليا نص الحوار.
-
عقدتم اليوم اجتماعكم الدوري للجنة الاستشارية لوكالة الغوث الدولية “الأونروا”، ما الجديد الذي تم عرضه في اجتماعكم؟
اجتماع اللجنة الاستشارية يعقد مرتين كل عام، وهو اجتماع تشاوري يتم فيه طرح التحديات التي تواجه الأونروا، والتفكير بالخطة الخمسية بين عامي 2023 و2028، واحتياجات الأونروا لتمويل مالي من 50 إلى 80 مليون دولار قبل نهاية العام الجاري، وتغطية رواتب ديسمبر/كانون الأول القادم، كما تم البحث في نسب الفقر المرتفعة بطريقة غير مسبوقة بين اللاجئين في سوريا ولبنان والضفة وغزة، وتراوحت بين 80 و90%.
تم أيضا الحديث عن حاجة الأونروا إلى 200 مليون دولار خلال السنوات الثلاث القادمة من غير الميزانية السنوية، وذلك لمعالجة آثار التقشف التي مرّت بها الوكالة، والتحوّل نحو الرقمنة في عمليات الوكالة وبرامجها.
وتم الحديث خلال اللقاءات عن التحديات السياسية التي تواجه الأونروا، خاصة أنها أصبحت أكثر عرضة للتقلبات السياسة، فنتائج أي انتخابات هنا أو هناك من الممكن أن تؤثر على عمل الأونروا؛ وتم الحديث أيضا عن التفويض الجديد للأونروا خلال الشهر القادم.
ويشكل الاجتماع فرصة للقاء والتشاور بين رئاسة الوكالة والجهات الداعمة لها والدول المستضيفة للاجئين، ومناقشة جهود الوكالة التي تبذلها في حشد التمويل، ومن أجل التوصل لأرضية مالية مستقرة بالنسبة للأونروا.
-
ما أبرز التحديات التي تواجه عمل الأونروا في إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمل الوكالة الخمس؟
الأونروا تعتبر الأكثر التصاقا من ناحية تزويد اللاجئين الفلسطينيين بالأمان والسلامة، وأبرز التحديات ارتفاع معدلات الفقر بين اللاجئين لمعدلات لم نعهدها من قبل، خاصة في سوريا ولبنان وغزة حيث تصل معدلات الفقر إلى 80-90%.
وهذا يعني ان مجتمع اللاجئين الفلسطينيين بكامله يعتمد على الوكالة، وتشكل شريان حياة بالنسبة لهم من أجل تزويدهم بالمساعدات الغذائية. وفي قطاع غزة، 40% من الأطفال هناك لا يحصلون على وجبة الفطور الصباحية.
والتحديات التي تواجه استمرار عمل الأونروا متعددة ومتنوعة، منها السياسي والاقتصادي والمالي، إضافة إلى زيادة أعداد ومتطلبات اللاجئين، خاصة أن نسبة الزيادة السكانية لديهم مرتفعة بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط.
-
كيف ترون الدعم الدولي والعربي للأونروا وموازناتها، وهل ترونه كافيا؟
قدّمت دول عربية وخليجية في 2018 دعما لميزانية الأونروا بـ200 مليون دولار، لكن هذا الدعم تراجع في نهاية العام الماضي 2021 إلى 20 مليون دولار، أي أن نسبة التراجع العربي في دعم مشاريع وخطط الوكالة بلغت 90%.
وقامت رئاسة الأونروا بإعادة الاتصال بالدول العربية والخليجية الداعمة، ومؤخرا قدّمت السعودية دعما للأونروا بـ27 مليون دولار، وهناك دول عربية وخليجية قدّمت مساعدات.
وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح دولي للوكالة في هذا العام بمبلغ 340 مليون دولار، وتشارك مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة جولييتا نويس، في اجتماعات اللجنة الاستشارية.
وهناك اهتمام دولي باستمرار تقديم الدعم المالي اللاجئين، والدعم السياسي من خلال تجديد التفويض للوكالة، ونطالب بأن يترجم هذا التفويض بدعم مالي للوكالة يمكّنها من الاستمرار في عملها وتقديم الخدمات اللازمة والضرورية لمجتمع اللاجئين.
المجتمع الدولي يركز اهتمامه على المشكلات المستجدة، خاصة الأزمة الأوكرانية وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود، مما يؤثر بشكل سلبي على عمليات الوكالة.
-
بالتزامن مع عقد الاجتماع هناك اعتصام في غزة احتجاجا على تراجع الخدمات، وبين الفينة والأخرى تحدث احتجاجات بأشكال مختلفة. ما رسالتكم للمحتجين على تراجع خدمات الأونروا؟
يدرك موظفو الوكالة واللاجئون في الدول المستضيفة الصعوبات والأزمات التي تواجهها الأونروا، وحالة عدم اليقين في الحصول على التمويل اللازم، وهناك تشارك بين جميع الأطراف بهذه الهموم.
ورسالتي أن إدارة الوكالة لن تدّخر جهدا في تحسين ظروف العمل للعاملين لديها، والخروج من هذا الوضع غير المستقر الذي يؤرق الجميع، سواء الموظفين أو اللاجئين أو الدول المستضيفة، وهدفنا التخفيف من حجم الأزمة على اللاجئين الفلسطينيين، واستمرارية تقديم الخدمات.
-
ماذا يعني التجديد للأونروا حتى 2026 في ظل ما تمر به القضية الفلسطينية واللاجئون الفلسطينيون، خاصة أن هناك من قرأ في التجديد رسالة سياسية ترفض تصفية الأونروا وبالتالي قضية اللاجئين؟
الأونروا تتمتع بتأييد سياسي حاسم، لكن هذا التأييد بحاجة إلى أن يقابله دعم مالي لتطبيق التفويض، وضرورة الحصول على دعم مستدام. يفترض مع التصويت على التفويض الجديد، تحمل مسؤولية كبيرة لتوفير الموارد المالية للأونروا بما يسمح لها بالاستمرار في عملها، وأن تبقى شريان الحياة للاجئين الفلسطينيين.
وتمّ خلال الاجتماع الأخير للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، تقديم خطة مفصلة من أجل حصول الأونروا على جزء ثابت من ميزانية الأمم المتحدة السنوية، وهذا تطور دراماتيكي وكبير في التفكير، وتم طرح هذا المقترح بمشاركة الأردن والسويد خلال المؤتمر الوزاري، ودعا الأمين العام للامم المتحدة الدول الأعضاء لتأييد هذا المقترح ودعمه.
وتقدم الأونروا خدماتها بشكل مباشر لمجتمع اللاجئين الفلسطنيين، فلدينا أكثر من 700 مدرسة في منطقة العمليات، تحتضن نحو نصف مليون طالب، وتقديم الرعاية الصحية والطبية لأكثر من مليوني لاجئ، وهناك خدمات الحماية والرعاية الاجتماعية، وخدمات شبكة الأمان الاجتماعي للفئات الأكثر فقرا وحاجة في مجتمع اللاجئين، فضلا عن 28 ألف موظف.
ولذلك، لا يمكن للأونروا أن تستمر بهذه المهام والوظائف الموكلة لها والتي تتطلب منها التنمية البشرية والمحافظة على الاستقرار بالمنطقة، من خلال تمويل طوعي وغير مستدام من قبل الدول الأعضاء بالمجتمع الدولي.
-
هناك أوضاع صعبة للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بالذات. ما أبرز التحديات التي تواجه عملكم هناك؟
يعيش اللاجئون الفلسطنيون في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مع حالة من العنف لم تشهدها المنطقة منذ عام ونصف. وفي قطاع غزة تقدم الأونروا مساعدات غذائية لأكثر من 1.2 مليون لاجئ هناك، بعدما كان يتم تقديم المساعدات لـ800 ألف لاجي قبل 15 عاما. واقتران الفقر باللاجئين في فلسطين مع غياب العملية السياسية، يؤجج الضيق واليأس والغضب.
وفي الأردن، تأثر اللاجئون الفلسطينيون هنا بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، إذ تعيش نسب كبيرة منهم تحت خط الفقر، إضافة لتأثرهم بتداعيات أزمة جائحة كورونا، مما أثر على حياتهم وقدراتهم الاقتصادية.
ودائما أكرر في لقاءاتي مع المعنيين أنه في ظل غياب حل سياسي وعادل ونهائي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فسوف تبقى الأونروا هيئة تابعة للأمم المتحدة لا يتم الاستغناء عنها، وليس هناك أي بديل عنها، خاصة أنها تقدم خدمات أشبه بخدمات القطاع العام، إضافة إلى أنها أكبر استثمار في التنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين.
-
هناك أوضاع تزداد صعوبة على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ما مشاريعكم للتخفيف من معاناتهم التي باتت جزءا لا يتجزأ من معاناة اللبنانيين هناك؟
غالبية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وجميعنا شاهدنا مأساة غرق القوارب المحملة باللاجئين قبالة سواحل سوريا. وفي زيارتي الأخيرة للبنان جلست مع لاجئين فلسطينيين هناك، وكانت أمنيتهم الهجرة والعيش في أي مكان خارج لبنان، لأن الحياة التي يعيشونها هناك ليست فيها أية كرامة.
-
أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا عرفت عقدا غير مسبوق من المعاناة، ما أبرز مشاريعكم في سوريا اليوم؟
نفس المأساة وحالة اليأس أيضا تنطبق على اللاجئين الفلسطنيين في إقليم سوريا، حيث المزيد من اللاجئين يعودون لمخيمات من الركام، مثل مخيم عين التل أو اليرموك، ويعيشون بين هذا الركام فقط لأنهم لا يجدون مكان آخر يلجؤون إليه.
-
ختاما، ما مستقبل الأونروا في ظل الأوضاع التي تشهدها القضية الفلسطينية، وما رسائلكم للفلسطينيين والعرب والعالم من أجل استمرار الوكالة في أداء دورها؟
رسالتي للعالم أن من الضروري توفير قاعدة تمويل صلبة ومستدامة لعمل الأونروا، وعدم توفير تلك القاعدة يعني استمرار أزمة الأونروا المالية ومناشداتها للمجتمع الدولي بالحصول على التمويل اللازم لمواصلة عملها.