أكاديمية فرنسية تتناول في مقال حرب أوكرانيا ومخاطر التفكك الروسي
يحذر مقال في مجلة فورين أفيرز الأميركية (Foreign Affairs) من تفكك روسيا ومن تحفيز حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا لعملية التفكك تلك، قائلا إن روسيا دولة هشة ومن الممكن أن يؤدي تفككها إلى مزيد من العنف الذي سيؤثر على الأمن الدولي.
ودعا مقال في المجلة -كتبته مارلين لارويل المؤرخة وعالمة السياسة الفرنسية المتخصصة في شؤون أوراسيا- صناع السياسة الغربيين إلى عدم الوقوع في فخ الخلط بين التصريحات الراديكالية للمنفيين السياسيين من روسيا وآراء المواطنين الروس، قائلة إنه سيكون من الخطأ افتراض أن الأقليات في البلاد ستساعد تلقائيا في إنشاء روسيا أكثر انسجاما مع المعايير الغربية، موضحة أن الأقليات العرقية هناك ليست أكثر ميلا نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم “الرشيد” والليبرالية الموالية للغرب من الأغلبية العرقية الروسية.
استقرار نظام بوتين على المحك
وكانت الكاتبة استهلت مقالها بالقول إنه في الوقت الذي يضاعف فيه بوتين حربه في أوكرانيا، فإن استقرار نظامه على المحك، مشيرة إلى أن بعض المراقبين تنبؤوا بإمكانية الإطاحة به، بينما أعرب آخرون عن أملهم في تفكك البلاد.
وقالت إن الجغرافيا الروسية تجعل تماسكها بعيد المنال. فهي تمتد على 11 منطقة زمنية، وهي أكبر دولة في العالم من حيث الكتلة الأرضية، و20% من سكانها ليسوا من أصل روسي ولكنهم ينتمون إلى شعوب أصلية محلية، وفي حين تمت تسمية موسكو ثالث أكثر المدن ازدهارا في العالم -من قبل موئل الأمم المتحدة لمؤشر ازدهار المدينة قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب في أوكرانيا- فإن جزءا كبيرا من شبه القارة السيبيرية فقير وقليل السكان. وفي أقصى الشمال، تسود المدن الصناعية الاستخراجية المتدهورة. وفي الشرق الأقصى، يرتبط السكان اقتصاديا بالصين واليابان وكوريا الجنوبية أكثر من ارتباطهم بموسكو وسانت بطرسبرغ. وتحت قيادة بوتين، تمركزت السلطة بشدة في موسكو وتم تقليص الاستقلال السياسي والثقافي في المقاطعات.
تاريخ طويل من استخدام الجزرة والعصا
وقالت الكاتبة إن روسيا تتمتع بتاريخ طويل من القادة الذين استخدموا مزيجا من العصا والجزرة للحفاظ على توحيد المناطق النائية في البلاد، إذ منح القياصرة الاستقلال الثقافي لبعض الدول المحتلة، بينما اُجبر البعض الآخر بعنف على الاندماج. واتبع النظام السوفياتي نفس قواعد اللعبة، حيث احتفل أحيانا بالهويات القومية، وقام أحيانا بترحيل ومعاقبة الأشخاص الذين يعتبرون غير مخلصين للمشروع السوفياتي.
وأضافت أن الحرب في أوكرانيا قد تؤدي إلى زيادة الدعوات إلى استقلال ذاتي أكبر عن موسكو، إذ ولّدت التعبئة العسكرية في سبتمبر/أيلول الماضي رد فعل عنيفا في مناطق بها أعداد كبيرة من الأقليات العرقية التي عانى المجندون منها بالفعل من معدلات إصابات عالية. وحتى رئيس جمهورية الشيشان، رمضان قديروف، الذي يقدم نفسه على أنه جندي مشاة مخلص لبوتين، أوقف التعبئة في الشيشان قبل القادة بالمناطق الأخرى، وأعلن أن جمهوريته قد أوفت بالفعل بحصتها. وفي داغستان صدر إعلان مماثل.
وأشارت أيضا إلى أن بعض المراقبين الغربيين لم يكتفوا بالتكهن بشأن انهيار روسيا فحسب، بل قاموا بالتحريض من أجله، ورأوا فيه حلا لسلوك موسكو الدولي. وقالت إن التفكك لن يحل “مشكلة روسيا” في الغرب، وإن أي مستقبل إيجابي لروسيا وجيرانها مثل أوكرانيا، وكذلك لبقية العالم، سيتطلب من البلاد إعادة اختراع فدراليتها من الداخل، بدلا من الانفجار.