الاخبار العاجلةسياسة

إعدامات وهجرة وحوادث أمنية.. من المستفيد من الفوضى في درعا؟

شمال سوريا- رغم أن الحوادث الأمنية المتمثلة في الاغتيالات والعمليات العسكرية لم تتوقف منذ سيطرة النظام على محافظة درعا جنوب سوريا في عام 2018، فإن اللافت مؤخرا تحول منحى تلك الحوادث إلى شكل جديد تمثل في عمليات إعدام ميدانية، تتهم بالوقوف وراءها عناصر حواجز عسكرية من النظام السوري والمليشيات الموالية له.

ولم تستقر الأوضاع للنظام في المحافظة التي تلقب بـ”مهد الثورة السورية”، بعد أن انطلقت منها الاحتجاجات السلمية في ربيع عام 2011، إذ لا تمثل حالة السيطرة العسكرية وإحكام النفوذ على درعا إلا صورة هشة ووضعا مهيأ للانهيار نحو الصراع في أي لحظة.

وتتخذ عمليات الاغتيال والإعدامات أخيرا شكلا من أشكال الانتقام والقتل المتبادل بين طرفين متصارعين بنمط غير تقليدي، بعيدا عن الصراع العسكري المسلح، الأول منهما النظام السوري والمليشيات الموالية له من عناصر “التسويات”، والثاني عناصر محسوبة على فصائل المعارضة السورية.

وتعكس الأرقام التي أصدرها مكتب توثيق الانتهاكات لدى “تجمع أحرار حوران” الحقوقي خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي حجم حالة عدم الاستقرار والفوضى الأمنية، إذ تم تسجيل 27 عملية ومحاولة اغتيال في مناطق عدة من محافظة درعا، أسفرت عن مقتل 23 شخصًا، بينهم 17 مدنيًّا، إضافة إلى إصابة 3 مدنيين آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة 7 من محاولات الاغتيال.

إنهاء حقبة المعارضة

ويرى المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” أيمن أبو نقطة أن تحول الاغتيالات إلى نمط الإعدامات الميدانية يدل على احتراف الخلايا الأمنية التابعة للنظام السوري والمليشيات الموالية لإيران اعتقال وتصفية المطلوبين والمعارضين للنظام على الحواجز الأمنية.

وقال أبو نقطة -في حديث للجزيرة نت- إن الإعدامات تتم في غالب الأحيان بعد عدة ساعات أو أيام قليلة من الاعتقال، مرجحًا إجراء استجواب سريع من ضباط مسؤولين عن الحواجز ومن ثم القتل ورمي جثث المعتقلين في الطرقات، مضيفا أن التجمع وثّق 5 إعدامات ميدانية في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأكد أبو نقطة أن الإعدامات والاعتقالات في درعا تستهدف بالدرجة الأولى قيادات وعناصر سابقين في فصائل المعارضة المسلحة، بغض النظر عن كونهم مؤيدين أو رافضين لاتفاقيات التسوية مع النظام.

وبحسب المتحدث، فإن الأهداف من هذه الإعدامات تتمثل إنهاء حقبة فصائل المعارضة وأي جسم يتبعها، إضافة إلى إفراغ المنطقة من فئة الشباب المعارضين للنظام على وجه الخصوص، لأجل أن تخلو الساحة للنظام والنفوذ الإيراني في منطقة جنوب سوريا.

اقرأ ايضاً
سفارة الإمارات في لندن تخرج عن صمتها بعد فضيحة الشيخة لطيفة

وحول انعكاس الأمر على الأوضاع المعيشية، أوضح أبو نقطة أن معدل مغادرة الشباب لمحافظة درعا زاد بشكل واضح، لافتًا إلى أن مشهد طوابير المدنيين للحصول على جوازات سفر مستعجلة من أجل مغادرة البلاد أكبر دليل على ذلك.

2 9
رغم سيطرة النظام السوري عسكريا على درعا فإنه لم يحكم سيطرته على سكانها (مواقع التواصل)

خلخلة المجتمع

ومع غياب الولاء للنظام بقيت مدن درعا عصية على الرضوخ والاستسلام، وبرز دور الزعامات المحلية والشخصيات المؤثرة في المجتمع، لتلعب دورًا مهمًا في صناعة الرأي المحلي وحشده، بما يتناسب مع المزاج العام لسكان المحافظة الجنوبية.

واعتبر رئيس مجلس محافظة درعا الحرة، عصمت العبسي، أن النظام السوري فوجئ عام 2018 بأنه ليس من السهولة أن يحكم درعا رغم السيطرة على الأرض، الأمر الذي دفعه إلى نمط الاغتيالات كأفضل أسلوب أمني يستهدف السكان.

وقال العبسي -في حديث للجزيرة نت- إن الاغتيالات والإعدامات الأخيرة محاولة لتصفية عدد من الناشطين والمؤثرين ووجهاء المناطق، والهدف منها خلخلة المجتمع المحلي، لكون هذه الشخصيات تقود الحراك الثوري والشعبي، ومن دون القضاء عليها يصعب تفكيك المناطق والسيطرة عليها.

ورأى العبسي أن القوات الإيرانية والمليشيات المرتبطة بها مستفيدة من هذا الوضع الأمني، لكونها تعمل على استغلال انسحاب الروس من الجنوب السوري، بهدف السيطرة وبسط نفوذها على حوران، جنوبي سوريا.

الغربة أفضل من الموت

وفي ظل تراجع الوضع الأمني في درعا، لم يجد أهالي المحافظة بدًّا من الرحيل، أو على الأقل ضمان هجرة أبنائهم الشباب وإبعادهم عن احتمالية أن يكونوا هدفًا للاغتيالات التي تعصف بالمنطقة.

وأكد عبد الحكيم الحوراني (اسم مستعار) -وهو أحد سكان محافظة درعا- أنه عرض منزله للبيع بثمن أقل من سعره الحقيقي في السوق، بغية تأمين المال لهجرة ابنه الوحيد إلى تركيا ومن ثم نحو إحدى الدول الأوروبية.

وقال الحوراني -في حديث للجزيرة نت- إنه يفضل لابنه حياة الاغتراب على أن يفجع به يوما ما في درعا، نتيجة عمليات اغتيال أو اقتحام عسكرية ربما يقوم بها النظام للمدن التي ترفض حتى الآن الاعتراف به كسلطة.

وبحسب “تجمع أحرار حوران”، فإن نسبة العقارات المعروضة للبيع في محافظة درعا قد تتجاوز الثلث في بعض المناطق، خصوصا في ريف درعا الغربي، بسبب رغبة مئات العائلات تأمين تكاليف سفر أبنائها إلى خارج سوريا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى