الاخبار العاجلةسياسة

نجيب الشابي للجزيرة نت: البرلمان التونسي القادم سيكون مسخا ومبتورا وقيس سعيد في عجز تام

تونس- قال زعيم جبهة الخلاص التونسية المعارضة، نجيب الشابي، إن الرئيس قيس سعيّد يتهيّأ لانتخاب مجلس نيابي ليست له أدنى رقابة على السلطة التنفيذية.

وأكد الشابي -في حوار مع الجزيرة نت- أن الرئيس أخفق في إدارة شأن البلاد، مما جعل مؤيديه ينفضّون من حوله في ظل أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية محتدّة.

من جهة أخرى، قال الشابي إن جبهة الخلاص ستواصل التعبئة ورصّ صفوفها عن طريق الاجتماعات والمظاهرات، لتهيئة الرأي العام لاستعادة الديمقراطية.

وفي ما يلي الحوار:

اعتقد أن تونس تتجه إلى أزمة محتدّة ستضعها أمام مفترق طرق إما الانهيار أو الإنقاذ. ولكن لدينا ما يكفي من قوى سياسية ومدنية أو من أجهزة صلبة للدولة، قادرة على إنقاذ البلاد من الفوضى.

ولا أظن أن هذه القوى ستترك تونس تذهب للفوضى، وبالتالي سيأتي الوقت الذي تجتمع فيه حول طاولة الحوار للحديث حول ما تستحقه البلاد من إصلاحات اقتصادية عاجلة وإصلاحات دستورية وسياسية، وصولا إلى تكليف شخصية مقتدرة تحظى بالثقة لإدارة المرحلة الانتقالية لإعادة تنظيم الانتخابات.

  • ألم يحظَ قيس سعيد بمباركة شعبية عند اتخاذه تدابيره الاستثنائية، فما الذي تعيبونه بالتحديد عليه؟

استفاد قيس سعيد في البداية بنوع من المباركة الشعبية، وبالتالي كانت الطريق مفتوحة أمامه، خاصة وسط الفراغ الداخلي، رغم أنه واجه منذ اليوم الأول حصارا خارجيا ندد بالانقلاب على الشرعية.

لكن هذا الرجل خرج عن دستور البلاد، واغتصب السلطة كاملة، وانفرد بالقرار وأقام حكما فرديا، وصاغ دستورا بصفة فردية، ويتهيأ الآن لانتخابات مجلس نيابي ليست له أدنى سلطة رقابية على السلطة التنفيذية، وكل هذا يجري على خلفية أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية أكثر من حادة لم تعرفها تونس من قبل.

واليوم بعد مضي نحو عام ونصف العام من انقلابه، تغير الأمر ولم يعد الرأي العام يؤيده بعد أن خاب أمله فيه، في ظل تردي الأوضاع المعيشية بشكل لم تعهده تونس حتى في أسوأ فتراتها.

احتجاجات في تونس للإجراءات الاستثنائيىة التي اتخذها الرئيس قيس سعيد (الجزيرة)
احتجاجات في تونس على الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد (الجزيرة)
  • أعلنتم مقاطعة الانتخابات المقررة الشهر المقبل، لكن من الواضح أن جهات دولية لا تأبه كثيرا لأصوات المعارضة. كيف ترون البرلمان القادم الذي ستغيبون عنه أنتم وأصوات معارضة كثيرة؟

لا أعتقد أنه سيكون للدول الخارجية سواء إقليمية أو دولية دور حاسم في تطور الوضع في تونس، وربما قد يكون لها دور مساعد أو معرقل ولكنها لا تقرر المسار الذي تحكمه قوانين الأزمة السياسية والاجتماعية.

أما بشأن البرلمان القادم الذي سيبرز عن انتخابات 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل، فأعتقد أنه سيكون برلمانا مسخا ومبتورا بلا صلاحيات، إذ ليست له أدنى سلطة رقابية على السلطة التنفيذية.

ومن ناحية أخرى، فقد استحوذ قيس سعيد في الدستور الذي صاغه على مساحات واسعة من السلطة التشريعية. ولمّا ننظر لصلاحيات البرلمان في الدستور ثم إلى المناخ الذي تجري فيه الانتخابات المقبلة، وسط مقاطعة كافة القوى السياسية وعزوف تام للمواطنين وضعف الترشيحات للانتخابات، يمكننا القول إن البرلمان المقبل سيكون غرفة تابعة لقيس سعيد يستعمله متى شاء ويستغني عنه متى شاء.

  • أكثر من ألف مترشّح للانتخابات يتنافسون على 161 مقعدا، ألا يعني هذا أن المسار الذي خطط له الرئيس سيفتح صفحة جديدة من الشرعية الدستورية في البلاد؟

من يقتنع بهذه الشرعية يبدو لي أنه خارج جاذبية الكرة الأرضية، لأن الشرعية الدستورية تنبثق من الإرادة الحرة المعبّر عنها في صناديق الاقتراع، وفي إطار عقد اجتماعي يضع الشروط التي تكفل للمواطنين حقوقهم وواجباتهم، ويضبط نوعا من التوزان بين السلطات، ويفرض احترام حقوق الأفراد. لكن ما يجري في تونس لا علاقة له من قريب أو بعيد بالديمقراطية أو الشرعية.

وهذا الرئيس الذي انتخب وأقسم على احترام دستور 2014 الذي صاغه ممثلو الشعب التونسي المنتخبون في انتخابات حرة بشهادة العالم، عوضا عن أن يحترمه ويصونه، مزّقه وداسه وخطّ لنفسه بنفسه دستورا جعل اللجنة الاستشارية التي كونها لصياغته تنفضّ من حوله وتبرأت من دستوره.

جانب من احتجاجات الحزب الدستوري الحر/شارع الحبيب بورقيبة/العاصمة تونس/أكتوبر/تشرين الأول 2022
جانب من احتجاجات الحزب الدستوري الحر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس على تدهور الأوضاع المعيشية (الجزيرة)
  • أنتم تتصدرون المعارضة، ولكن ما وزن جبهة الخلاص في المشهد السياسي؟

جبهة الخلاص الوطني تشكّل الفصيل السياسي الأبرز على الساحة وهي ائتلاف لعدد من الأحزاب والمجموعات السياسية والشخصيات. ومنذ انطلاقها، كنا نعلم أننا لن نجمع كل الطيف السياسي لأن النخب السياسية ترث انقسامات حادة نتيجة الأزمة التي سبقت “إجراءات 25 يوليو/تموز 2021″، وبالتالي لا يوجد اتفاق لتقييم الماضي.

وفي مثل هذا الوضع من الانقسامات جمّعت جبهة الخلاص عددا من المكونات ومدت يدها للجميع وانطلقت في العمل التعبوي الميداني، وعلى هذا الأساس نظمت العديد من الاجتماعات والتحركات الميدانية.

اقرأ ايضاً
نيوزويك: هل تغير صواريخ زيركون الروسية فائقة السرعة مسار الحرب في أوكرانيا؟

وهذه التحركات أسهمت في أقل من 6 أشهر في بناء أهم قوة سياسية على الساحة. وهي ليست قوة تعمل على أجندات حزبية أو تسعى للعودة لما مضى، وإنما قوة تعمل على أجندة مستقبلية لاستعادة الديمقراطية.

  • هل يمكن لجبهة الخلاص أن تغير وحدها موازين القوى؟

بالطبع، جبهة الخلاص لا يمكنها وحدها أن تحدث التغيير، وهذا التغيير سيكون حصيلة فعل سائر القوى السياسية والاجتماعية التي ستدفعهم الأزمة إلى الاقتراب والجلوس حول مائدة الحوار.

  • ما برامجكم وأهدافكم؟

برنامجنا بسيط. نريد القيام بإصلاحات دستورية لإصلاح النظام السياسي الذي كان جزءا من الأزمة قبل 25 يوليو/تموز 2021، كما نسعى لإنجاز إصلاحات اقتصادية واجتماعية لأن تونس تعيش أزمة خانقة سببها عجز موازنة الدولة وعجز المبادلات الخارجية وهو ما فاقم التداين الخارجي وأفقد البلاد ثقة الممولين.

وبالتالي، ندعو إلى حوار وطني للتبادل في مثل هذه الإصلاحات، وعلى ضوء ما يتوصل إليه من توافقات يتم تكليف حكومة إنقاذ أو حكومة مرحلية لإدارة المرحلة، وصولا إلى انتخابات عامة رئاسية وتشريعية.

هل سيكون قيس سعيد ضمن الأطراف التي ستتحاور معكم؟

في البداية، كنا نقول إن الحوار سيجمع أطراف الأزمة، وبالتالي كنا نرى أن قيس سعيد له مقعد حول المائدة المستديرة باعتباره طرفا في الأزمة. لكنه تجاوز كل الحدود وانفرد بنفسه بسلطة القرار حول مستقبل البلاد ولا يبدي أي استعداد للحوار، وبالتالي يجب ألا يتوقف عليه، ويجب أن ينطلق الحوار بمبادرة من المجتمع المدني والقوى السياسية.

  • ماذا يمكن أن تحقق جبهة الخلاص، خاصة أن جميع احتجاجاتها بالميدان لم تغير قيد أنملة في مسار الرئيس؟

في البداية، كان قيس سيعد يحظى بمباركة شعبية، لكن فشله جعله في انعزال مطبق في الداخل، كما يعاني من عزلة دولية واسعة، وكلما استمر في بناء مشروعه الهلامي زاد في تأجيج الأزمة في البلاد.

في المقابل، سنواصل -بوصفنا قوة سياسية وأحد مكونات المجتمع- التعبئة ورصّ الصفوف من خلال الاجتماعات والمظاهرات وفي وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، لتهيئة الرأي العام لطلب التغيير. وقد بدأت التطورات تتسارع، وهذا يجعلنا نقول إننا سنبلغ نقطة تحول.

رئيس حركة النهضة أعلن دعمه وانخراط حزبه في مبادرة أحمدنجيب الشابي- تواصل اجتماعي
ينتقد البعض مشاركة حركة النهضة في جبهة المعارضة ويرونها أحد أطراف الأزمة في تونس (مواقع التواصل)
  • هناك من يرى أن سبب الانقسام الحاصل وسط المعارضة هو حركة النهضة، بحجة أنها لم تقم بنقد ذاتي لنفسها، ويتساءل آخرون لماذا تتحالفون مع حركة النهضة وقد كنتم من أشد المنتقدين لها؟

لا شك أن المعارضة اليوم منقسمة حول نفسها، وهذا ليس بسبب المستقبل، بل من جراء الماضي. وأعتقد أن هذا هو أصل الداء، لأن الكلام في ما مضى لن ينفعنا في شيء، بينما ما يهمنا اليوم هو ما يجري وما يمكن أن يقع، وبالتالي من المفترض تأجيل الخلافات حول الماضي إلى ما بعد استعادة الديمقراطية.

ولكن المؤكد أن هناك وحدة أهداف لدى مختلف مكونات المعارضة للبحث عن مخرج للأزمة والعودة للديمقراطية، وما ينقصنا الآن هو وحدة الصف وأعتقد أن هذه مسألة وقت.

  • هناك من يصف جبهة الخلاص بحصان طروادة لحركة النهضة، أكبر مكون له وزن شعبي داخلها، وأنها مجرد إعادة إنتاج لنفسها للوصول للحكم مجددا؟ كيف تردون على ذلك؟

القراءة في النيات ومحاكمتها أمر يختص به من يريد، ولكنني لا أستطيع الحكم على النية الباطنية لحركة النهضة، وما أحكم عليه اليوم هو موقف حركة النهضة من الانقلاب وهو موقف إيجابي، وأنا لست في علاقة مع حركة النهضة من أجل شخصي ولكن من أجل بلدي التي يهددها الانهيار.

  • أعلنتم سابقا، إثر خسارتكم الانتخابات الرئاسية، الابتعاد عن الحياة السياسية. فلماذا عدتم للواجهة من جديد؟

هذه شهوة لدى خصومي السياسيين ولدى جزء من الإعلام الذين يريدون إبعادي عن الحياة السياسية.

والحقيقة أنني لم أفكر يوما في التخلي عن العمل السياسي، ليس تشبثا بهواية ولكن لأني أشعر أن بلدي في حاجة لكل طاقات أبنائها، ولديّ من الدوافع الوطنية ما يجعلني ألا أتفرج على تونس وهي تغرق.

  • بعد الثورة أصبح التونسيون يواجهون أزمات معقدة وصعبة لدرجة حنين البعض لسنوات زين العابدين بن علي، ألا ترون أن كل الأطراف السياسية تتحمل مسؤولية ما آلت له تونس اليوم؟

هناك تركة قديمة نتيجة الإخفاقات طيلة السنوات العشر الماضية في إدارة الشأن الوطني، خاصة على صعيد التنمية والتشغيل، وهذا التشخيص عليه إجماع حتى داخل جبهة الخلاص.

لكن بدلا من إنقاذ البلاد، زاد قيس سعيد الطين بلة مستغلا الأزمة لإحداث انقلاب في الحكم والانقضاض على السلطة، وكانت نتيجته الفشل والعجز، وبعد نحو عام ونصف العام، لم نشهد مثل هذا الانهيار.

  • قد يسأل سائل لماذا لا يتحرك الشارع، هل هو مع الرئيس أم أنه ربما كفر -كما يقول البعض- بكل الأطراف السياسية؟

الشارع الآن يتحرك في جرجيس وصفاقس وبأوساط قطاعات مهنية واسعة كالصحفيين. وقبل فترة، تحركت أحياء شعبية نتيجة البطالة والفقر، وجوبهت بقنابل الأمن المسيلة للدموع مثلما حدث بجرجيس.

الشارع اليوم لا يتحرك سياسيا ولكنه يعيش تحت وطأة تدهور أوضاعه المعيشية وسط ارتفاع التضخم والبطالة والفقر، ولا حل لكل ذلك سوى الحل السياسي، لأن المجتمع لا بد أن يدار سياسيا وباقتدار.

والرئيس في حالة عجز تام وفشل مطلق في إدارة شأن البلاد وهذا جعل الرأي العام يسحب ثقته من قيس سعيد لكنه لم يتحول بعد في هذه المرحلة للمطالبة بإزاحته. لكن احتدام الأزمة الاجتماعية يغذي الأزمة السياسية وينذر بتحول في الرأي العام.

  • يتهمكم الرئيس -تلميحا وتصريحا- بالعمالة والاستقواء بالخارج، فهل كنتم تراهنون على الضغط الأجنبي لإسقاط الرئيس؟ وكيف تقيّمون التدخل الخارجي في الملف التونسي؟

الرئيس لا يأتي بجديد بتوجيهه تلك الاتهامات، فالتجارب الشعبوية في الحكم ترتكز على ثنائية الحق والباطل والوطنية والخيانة والنظافة والفساد. ومن أبرز أسباب الأزمة في تونس هو اعتقاده أنه زعيم منقذ في علاقة ثنائية مباشرة مع الشعب، وهذا الشعب ليس هو الشعب الحقيقي، وإنما هو صورة وحقيقة أيديولوجية.

أما بالنسبة للموقف الدولي من المسألة الديمقراطية، فنحن نراه داعمًا للديمقراطية، ولكنه لا يتدخل مباشرة في الملف التونسي بأي شكل، ونحن متمسكون بمقومات السيادة والاستقلال الوطني ولا نقبل أي تدخل في الشأن التونسي. الموقف الدولي يعبر عن انشغاله إزاء مستقبل الديمقراطية في تونس بعد أن كانت نموذجا للنجاح في المنطقة العربية، ويطالب السلطة باحترام الحريات والفصل بين السلطات، ويدعو إلى حوار جامع لا يقصي أحدا من التونسيين ولا يشير إلى التونسيين بشيء معين، ويؤكد استعداده لإعانة التونسيين على تحقيق ما يتفقون عليه. فالموقف الدولي داعم للديمقراطية من دون أن يتجاوز حدود السيادة واستقلال القرار الوطني.

  • ما رسالتكم للرئيس سعيّد؟ وماذا تطلبون منه؟

لو كان لدى الإنسان أدنى اعتقاد أن هذا الرجل له قدرة على الاستماع لتوجهنا له برسائل عدة، لكنه لا يستمع لأحد، وبالتالي لا أشعر أن هناك أي جدوى من توجيه رسالة لقيس سعيد.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى