الاخبار العاجلةسياسة

قبيل الانتخابات.. المعارضة الموريتانية تكسر الصمت وتلوح بتحالفات خطيرة وحملة مبكرة للنظام

نواكشوط- ثلاث سنوات مضت على تولّي نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في موريتانيا، وصِفت بأنها الأكثر استقرارا وتوافقا بين النظام والمعارضة.

لكن، يبدو أن هذا الهدوء السياسي مهدد بالتبدد مع اقتراب استحقاق الانتخابات التشريعية التي تجري للمرة الأولى في عهد النظام الحالي، وبعد أن لوّحت فيه المعارضة بتحالفات وصفها الكثيرون بـ”غير المتجانسة”.

ويتخلل الاستعدادات التي تسبق الانتخابات المزمع عقدها في الربع الأول من العام الجديد 2023، احتقان مبكر وتحدّيات تواجه النظام في استحقاق من الصعب التكهن بنتائجه خصوصا مع إصرار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على البقاء في الساحة السياسية وعزمه خوض غمار الانتخابات.

ويضاف إلى ذلك حالة من التذمر الشعبي الواسع من أداء الحكومة الباهت في بعض الجوانب، وانتشار الفساد والزبونية، حسب تصريحات معارضي النظام.

000 1HS3OT
موريتانية تحتفل بفوز الرئيس الغزواني في انتخابات 2019 (الفرنسية)

المعارضة.. قلق وتخوف

عبرت المعارضة الموريتانية عن قلقها مما تسميه “تضييق الحريات” بمنع قوى وطنية ذات حضور جماهيري في الساحة السياسية من حقها في الحصول على تراخيص لأنشطتها الحزبية.

وتقلق المعارضة أكثر من “تدخل السلطات في العملية الانتخابية ومن استخدام المال السياسي” لشراء الأصوات أو في التحالفات، وهي إشكاليات يقول المحللون السياسيون إنها لم تُحسم ولم يتم التطرق لها بشكل تفصيلي في الحوارات الماضية بين المعارضة والنظام.

وكانت وزارة الداخلية الموريتانية قد وقّعت مع الأحزاب السياسية اتفاقا يتعلق بالتحضير للعملية الانتخابية في سبتمبر/أيلول الماضي. ونصّت الوثيقة الموقعة على التزام الحكومة بتمكين لجنة الانتخابات من ممارسة صلاحياتها كاملة، ومدّها بالوسائل اللازمة لضمان شفافية العملية الانتخابية.

ورغم إقرارها بأن الاتفاق أتى بتحسينات مهمة؛ حيث تم لأول مرة اعتماد التصويت المباشر للجاليات، وأتاح لائحة من المرشحين الشباب، مع التزامات بضمان الشفافية في الانتخابات، فإن المعارضة تعتقد أن الاتفاق جاء في ظروف ليست في صالحها.

وفي آخر تصريح له، قال محمد محمود ولد سيدي، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعارض “تواصل”، إن “ممارسات السلطات لا تُنبئ عن التزامها ببنود الاتفاق ولا مضامينه”.

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، سرد مسؤول الشؤون السياسية في “تواصل” ونائب رئيسه، السالك ولد سيد محمود، عددا من الخروقات منها توقف المشاورات التي ينص الاتفاق على ضرورة استمرارها.

وأشار ولد سيد محمود، إلى ما وصفه بـ”تمييع هيئة متابعة تطبيق بنود الاتفاق بتشكيلها من أغلبية من الموالاة بخلاف ما نص عليه الاتفاق”. بالإضافة إلى “التمادي في استخدام الحديث القَبَلي الواضح، وانحياز الحكام والولاة وتدخلهم البيّن في الشأن السياسي بشكل يتنافى مع الشفافية المطلوبة في الانتخابات”.

تحديات أمام النظام والمعارضة

وفيما لوّحت قوى سياسية وشخصيات وطنية بتحالفات لكسب الرهان في الانتخابات المقبلة، من ضمنها حزب “الرباط الوطني” الذي ينتسب له الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، تستمر أحزاب الأغلبية وعلى رأسها “الإنصاف” الحاكم، في التعبئة لبرنامج الحكومة وتثمين إنجازاتها في مهرجانات وُصفت بأنها “حملات سابقة لأوانها”.

اقرأ ايضاً
بدء تنفيذ قرار إعفاء السعوديين من «التأشيرة» لدخول بريطانيا

ويرى المحلل السياسي الهيبة ولد الشيخ سيداتي، أن هذه الانتخابات “تحدّ للنظام؛ فهي التي ستترجم حقيقته لأنه ليس امتدادا لنظام سابق حتى يكون سلوك الناخب تجاهه معروفا”.

ويضيف سيداتي للجزيرة نت، أن الانتخابات من الناحية العددية “سيتنافس فيها 25 حزبا فقط مقابل 100 حزب شاركت في الانتخابات الماضية، وهذا تحدّ جديد لأنه يرفع القاسم الانتخابي ويؤثر على نتائج العملية الانتخابية”.

ولكن في المقابل، يقول المحلل “هناك 6 دوائر انتخابية في الداخل استُهدفت بتقطيع إداري جديد، وهذا الإجراء يميل لصالح النظام، إذ إنه يقلص من حضور المعارضة فيها”.

h 55291984
فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت بموريتانيا عام 2019 (الفرنسية)

“تحالفات قد تعصف بالتهدئة”

في هذا السياق، جاء اجتماع الأحزاب والشخصيات المعارضة مؤخرا بمقر حزب “تواصل”، والذي شارك فيه حزب “الرباط الوطني” الذي ينتسب له الرئيس السابق، و”تحالف العيش المشترك” المقرب من حركة “أفلام”، والحقوقي المثير للجدل برام الداه اعبيد.

ووُصف هذا الحراك من أنصار النظام بأنه “غير متجانس”، واعتبره البعض تمهيدا لتحالفات خطيرة قد تعصف بالهدنة، ولاقى الاجتماع رفضا واسعا من جماهير الأغلبية التي اعتبرته “جُرما”.

لكن المعارضة بالمقابل، اعتبرت اجتماعها طبيعيا للتنسيق ومناقشة خطها في المرحلة المقبلة، وأكدت أن تعاونها وتنسيق أحزابها المختلفة في الانتخابات لا يعني اندماجها، ولا تطابق وجهات نظرها.

وانطلاقا من هذا المنظور، أكد ولد سيد محمود للجزيرة نت أن حزبه “تواصل” ليس لديه أي مشكلة مع القوى السياسية المعارضة التي لا تسعى لتقسيم البلد وليس لها ولاء خارجي، أو غير متورطة في ملفات أخلاقية أو قضائية.

000 1HP2PG
أنصار الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يعتقدون أن لديه القدرة على تحقيق الاستقرار (الفرنسية)

تمهيد لانتخابات مصيرية

يرى أنصار النظام أن الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، يتميز بأسلوبه العقلاني الهادئ في إدارة التهدئة السياسية، ولديه قدرة على تحقيق الاستقرار، خلافا لسابقه. ويستبعد هؤلاء أن تأخذ المواجهة بين النظام والمعارضة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة طابع الصراع والغوغائية.

ولا يتوقع المحلل سيداتي أن يتعاطى النظام مع تخوفات المعارضة سلبيا؛ فهذا الاستحقاق برأيه “مجرد انتخابات تمهيدية لانتخابات مصيرية هي الأهم وهي الرئاسية (في 2024)”.

ويضيف أن “أقصى ما تحلم به المعارضة هو أن تضاعف مقاعدها في البرلمان لتصل 40 مقعدا، وهذا لو تحقق لن يؤثر على العملية الانتخابية، فهي كانت أقلية ولا تزال بعيدة من النصف، وبالتالي قد يكون هناك حضور معارض في بعض الدوائر ولكن ليس بالدرجة التي تزعج النظام”.

لم تعد قائمة

لكن نائب رئيس “تواصل” المعارض، اعتبر أن التهدئة عنوان فقط يتغنى به النظام. وصرح ولد سيد محمود قائلا “لم تعد هناك تهدئة سياسية في موريتانيا بالمعنى الجوهري، خصوصا عندما حُرمت الأحزاب من حقها في الترخيص، وكُممت أفواه الناس، واعتُقل المحتجون على سوء الأوضاع”. وفي تقديره فإن الأمور “لم تعد تنطلي على أحد والأيام كافية لزوال بريق التهدئة”.

وتطالب المعارضةُ الحكومةَ بانتخابات حرة ونزيهة، وتوفير سجل وطني للناخبين من أجل ضمان مشاركة الجميع وتسهيل إجراءات الترشح والانتخاب، وكذلك الترخيص للأحزاب السياسية المستوفية للشروط والممنوعة من حقها في الترشح.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى