الاخبار العاجلةسياسة

أحكام جديدة بالسجن والإبعاد.. شكاوى من ترحيل الخرطوم مصريين

القاهرة/الخرطوم – منذ الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير في 2019، أثيرت تساؤلات ومخاوف بشأن أوضاع المصريين الذين فروا إلى السودان في أعقاب إزاحة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2013، خاصة فيما يتعلق بتسليم بعضهم للقاهرة.

والأحد الماضي، أصدرت محكمة مكافحة الإرهاب في الخرطوم أحكامها في القضية المعروفة إعلاميا بـ”خلية المتفجرات”، وشملت المؤبد بحق 4 مصريين وترحيلهم إلى القاهرة، والسجن لعامين والترحيل أيضا بحق 5 آخرين.

الأحكام بالسجن المؤبد والترحيل إلى مصر شملت: شعبان خليل عبد العظيم، ومحمود أحمد وجيه، وأحمد حنفي عبد الحكيم، وطه عبد السلام المجيعص. في حين جاء الحكم بالسجن عامين والترحيل بحق: محمود فوزي أبو الفتح، وسعيد عبد العزيز حامد، وفوزي أبو الفتح الفقي، وطارق علي سيف، وعبد الناصر عوض علي.

وذكرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أنها رصدت زيارة وفد أمني مصري رفيع المستوى للخرطوم يوم الأحد الماضي بالتزامن مع صدور الحكم.

وأضاف بيان للشبكة “لم يتسن لنا التأكد من سبب زيارة الوفد الأمني المصري، وما إذا كان له علاقة وثيقة بتاريخ انعقاد المحكمة، وخاصة أن الحكم شمل إبعاد الجميع من الأراضي السودانية وترحيلهم إلى مصر، وخاصة مع وجود اتفاق أمني مصري سوداني يجيز ترحيل مصريين محكوم عليهم بقضايا إلى الأراضي المصرية إذا طلبت مصر ذلك”.

ونقل البيان شكوى المعتقلين من تعرضهم لفترات مختلفة من الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، قبيل أن يتم عرضهم على النيابة المختصة، وكذلك لأنواع متعددة من التعذيب البدني والنفسي، مع حرمانهم من الزيارات ومقابلة محاميهم.

وأعربت المنظمة الحقوقية عن تخوفها من إتمام السلطات السودانية عمليه ترحيلهم إلى مصر، مما يعرض حياتهم للخطر، وفق وصفها.

ترحيل سابق

المخاوف من الترحيل تستند إلى حالات سابقة، منها ما ذكرته وسائل إعلام سودانية من أن الخرطوم سلمت في يونيو/حزيران الماضي 21 من وصفتهم بـ”عناصر إرهابية” مصرية إلى القاهرة، شارك بعضهم في تنفيذ عملية إرهابية بحي جبرة جنوب الخرطوم في سبتمبر/أيلول 2021.

ونقلت عن مصدر أمني أن التسليم شمل المصري أكرم عبد البديع، الذي قاد عملية جبرة التي أدت إلى مقتل 5 من ضباط الأمن السوداني.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 سلمت السلطات الأمنية السودانية 5 مطلوبين مصريين، أدانتهم محاكم مصرية في قضايا متعلقة بـ”تنظيم (الدولة الإسلامية) داعش والتيارات التكفيرية”، وذلك ضمن قائمة قدمتها السلطات المصرية للمسؤولين في السودان. وقالت المصادر إن من بين المطلوبين شخصًا يدعى مدين إبراهيم، صدر بحقه حكم غيابي بالسجن في القضية المعروفة باسم “أنصار الشريعة”.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أوقفت السلطات المصرية حسام منوفلي سلام من مطار الأقصر قبل توجهه إلى تركيا، وذلك بعدما هبطت الطائرة السودانية التي كان على متنها اضطراريا، حيث ذكر قائد الطائرة أنه تلقى إنذارا بوجود حريق.

وتحدث ناشطون سودانيون بمواقع التواصل الاجتماعي حينها عن وجود تنسيق بين السلطات السودانية والمصرية. وذكرت السلطات المصرية بعد ذلك أن حسام سلام قيادي بحركة “حسم” التي تتهمها السلطات المصرية بارتكاب أعمال عنف في البلاد.

%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AD %D9%87%D8%B4%D8%A7%D9%85 %D9%88%D8%A3%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%87
المصري وضاح هشام اعتقلته السلطات السودانية وسلمته للقاهرة (الجزيرة نت)

شهادة أحد المرحلين

أحد تلك الحالات التي تضررت من تلك الإجراءات، تعود للشاب المصري وضاح هشام نور الدين، الذي كان يعمل ويقيم في السودان مع زوجته وأبنائه، حيث اعتقلته قوات الأمن السودانية وأخفته قبل أن ترحله دون حضور محام أو محاكمة.

اقرأ ايضاً
صحيفة هندية: كرة ثلج الغضب من التصريحات المسيئة للرسول عليه السلام مستمرة في التدحرج

وقال شقيقه مهند، للجزيرة نت، إن وضاح اعتقل في مارس/آذار الماضي بناء على طلب السلطات المصرية، ومنذ اللحظات الأولى لاعتقاله أجريت اتصالات ومناشدات واسعة من قبل ذويه وأسرته والمنظمات الحقوقية للإفراج عنه وعدم ترحيله إلى مصر.

وأعرب عن أسفه وغضبه الشديدين من تجاهل السلطات السودانية كل المناشدات والمطالبات الحقوقية، التي أكدت خطورة ترحيله على حياته وعلى وضع أسرته، إلا أنها ضربت بها عرض الحائط ولم تكترث بها، مفضلة التعاون الأمني مع السلطات المصرية على التعامل الإنساني، على حد قوله.

يشار إلى أن قانون حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الصادر عن الأمم المتحدة ينص، بحسب المادة (6)، على أنه “لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة عن أي سلطة عامة، مدنية كانت أو عسكرية أو غيرها، لتبرير عمل من أعمال الاختفاء القسري”.

كما تنص المادة (8) على أنه “لا يجوز لأي دولة أن تطرد أو تعيد أو تسلم أي شخص إلى أي دولة أخرى، إذا قامت أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض عندئذ لخطر الاختفاء القسري”.

اتفاقيات أمنية

كان رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان قد زار القاهرة في مايو/أيار 2019 بعد أسابيع من سقوط نظام البشير، وأبرم اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، تعهد بموجبها البرهان بأنه لن يبقي على أراضي السودان أي عنصر مطلوب أمنيا لمصر.

وقال الخبير القانوني السوداني محمد عبد العظيم إن اتفاقية تبادل المجرمين وقعها البلدان خلال عهد البشير، لكن النظام السابق لم يكن يسلم مصر أي إسلامي مطلوب، بل كان ينصحهم بمغادرة البلاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح عبد العظيم أن الاتفاقية تلزم الدولة بتسليم أي مطلوب، لكن بعد صدور أحكام قضائية بحقه وليس لأسباب سياسية أو أمنية.

وقالت مصادر أمنية في الخرطوم للجزيرة نت إن من سلمتهم الخرطوم إلى القاهرة منذ سقوط نظام البشير يتجاوز 50 شخصا من العناصر الإسلامية، وذكرت أن غالبيتهم من “الجماعات التكفيرية” الذين صدرت أحكام قضائية بحقهم، وهناك تبادل للمعلومات بشأن العناصر التي تشكل خطرا على الأمن القومي في الدولتين.

وفي وقت سابق، كشف مصدر بجماعة الإخوان المسلمين بمصر لمراسل الجزيرة نت أن الكثير من المعارضين المصريين فطنوا إلى مخاطر استمرار البقاء في السودان في أعقاب الإطاحة بنظام البشير، وقرروا الرحيل إلى مكان آخر.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار المتحدث إلى أن بعض الذين بقوا هناك أو لم يسعفهم الوقت أو كانوا على وشك الخروج ألقت قوات الأمن السودانية القبض عليهم، وقامت بسجن البعض وترحيل البعض الآخر وتسليمهم للنظام المصري في إطار التفاهمات الأمنية بين النظامين.

ومنذ ذلك الوقت أعربت منظمات حقوقية مصرية وسودانية ودولية عن إدانتها لقيام السلطات السودانية بملاحقة المعارضين المصريين والتضييق عليهم، وترحيل بعضهم إلى بلادهم، رغم ما يمثله ذلك من انتهاك للقوانين الدولية من ناحية، وتعريض حياة الآخرين للخطر من ناحية أخرى.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى