الاخبار العاجلةسياسة

الحكومة الإسرائيلية القادمة.. نتنياهو يمسك بالملفات السياسية والدولية ومصير الفلسطينيين بيد غُلاة المتطرفين

القدس المحتلة – توحي مضامين اتفاقيات تشكيل الائتلاف بين حزب الليكود والشركاء الخمسة من أحزاب اليمين المتشدد وما يُعرف بتحالف “الصهيونية الدينية”، بأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة مقبلة فتح على عدة جبهات وساحات صدامية، على الرغم من التقاء المصالح بين مركباتها.

ومن المتوقع أن يركز رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو، الذي قدم تنازلات كثيرة وكان عُرضة للابتزاز من الأحزاب الحريدية (المتدينين) واليمين المتطرف، جُل اهتمام حكومته على السياسات الخارجية والعلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية وأوروبا وأميركا، كما سيبقي ورقة قرار الحرب أو شن أي عملية عسكرية بيديه.

وتحظى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وهي السادسة التي يشكّلها نتنياهو في سنوات رئاسته المختلفة لمجلس الوزراء، بدعم 64 من أصل 120 عضوا في الكنيست.

وكما يظهر من تركيبة الائتلاف الحكومي المؤلف من الليكود والأحزاب الحريدية “شاس” و”يهودية التوراة”، مع تحالف “الصهيونية الدينية” وحزبي “عظمة يهودية” و”نوعام”، أن 38 من أعضاء الائتلاف من أصل 64 ينتمون للتيارات الدينية اليهودية وتحالف “الصهيونية الدينية” الجديد وأحزاب المستوطنين، ويقطن 14 من أعضاء الائتلاف الحكومي  في المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

000 9C89CQ
عضوا الحكومة الجديدة المتطرفان بيتسلئيل سموتريش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) سيقودان المشهد الأمني والاستيطان في الضفة (الفرنسية)

جبهات صدام داخلية

وإن بدت الحكومة الجديدة متماسكة، وتجمع مركباتها الكثير من القواسم والمصالح المشتركة، وتحديدا في مواقفها المتطرفة من الفلسطينيين والاستيطان وسياسات الاحتلال في الضفة الغربية، فإنها تبدو هشّة في قضايا خلافية داخلية تتمحور حول العلاقة بين الدولة والديانة اليهودية.

ومن المتوقع ألا يقتصر تصادم المصالح عند القضايا الإسرائيلية الداخلية، بل سيتخطى حدود دول الجوار ولربما الدول الموقّعة على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، حيث تشير التقديرات إلى أن برنامج الحكومة سيحكم قبضته السياسية والأمنية على الفلسطينيين، الأمر الذي ستكون له انعكاسات سلبية على علاقات إسرائيل الدبلوماسية الإقليمية والدولية، وكذلك تصعيد التوتر مع الإدارة الأميركية بسبب الملفين الفلسطيني والنووي الإيراني.

ووفقا للتحليلات والتقديرات السياسية، فإن البرامج والسياسات الحزبية للشركاء في الحكومة والمنصوص عليها في اتفاقيات تشكيلها، توحي بأنها ستصطدم بعدة جبهات؛ لعل أبرزها داخلية بين مركبات الأحزاب ومختلف الشرائح المجتمعية في إسرائيل بخصوص قانون الخدمة الإجبارية والإعفاء من الخدمة العسكرية لليهود المتدينين.

وترجّح تقديرات “مركز أبحاث الأمن القومي” التابع لجامعة تل أبيب، أن نتنياهو سيوظف الورقة الإيرانية على المستوى الإقليمي والدولي وسيصعد ضد طهران، مع استبعاد أن يؤدي ذلك إلى مواجهة عسكرية مباشرة.

وفي المقابل، وعلى صعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يقّدر المركز أن المرحلة مرشحة لتصعيد مع الفلسطينيين في الضفة وغزة وداخل الخط الأخضر (المناطق المحتلة عام 1948)، وهو التصعيد الذي من شأنه أن يتسبب لتل أبيب في أزمات دبلوماسية خارجية.

الملف الفلسطيني بيد المتطرفين

يقول المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي بلال ضاهر إن نتنياهو الذي سيحتفظ لنفسه بمتابعة الملفات الكبيرة ومنها النووي الإيراني والعلاقات مع الدول العربية وأميركا وقرارات الحرب، حوّل الملف الفلسطيني إلى تحالف “الصهيونية الدينية” بزعامة بتسلئيل سموتريتش والذي سيكون مسؤولا عن الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة في الضفة الغربية، ومعه حزب “عظمة يهودية” برئاسة إيتمار بن غفير.

اقرأ ايضاً
"ديلي ميل" تسرّب صورا محرجة لهانتر بايدن ابن الرئيس الأمريكي جو بايدن

ويعتقد ضاهر، في حديث للجزيرة نت، أن إحكام بن غفير سيطرته على جهاز الشرطة، ونقل صلاحيات الإدارة المدنية إلى سموتريتش سيؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، قد يمتد إلى داخل الخط الأخضر، خصوصا في ظل التوتر وتصعيد المقاومة المسلحة شمالي الضفة.

وستوظّف الصلاحيات التي ستُنقل إلى بن غفير وسموترتيش -حسب المحلل- لقمع الفلسطينيين والتضييق على حياتهم، مقابل توغل وتوسيع المشروع الاستيطاني، حيث ستشهد المرحلة المقبلة تصعيدا في هدم المنازل الفلسطينية بمنطقة “ج” (تشكل أكثر من 60% من أراضي الضفة حسب تصنيف أوسلو)، إلى جانب تشريدهم وطردهم  من منطقة الأغوار، وأيضا طرد البدو في النقب (جنوب)، مقابل توسيع الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية المقامة على أراضٍ بملكية خاصة للفلسطينيين.

أما على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، يقول ضاهر إن “القضايا الخلافية الحارقة في المجتمع اليهودي ستبقى ترافق هذه الحكومة، وذلك بكل ما يتعلق بالحريات والعلاقة بين الديانة اليهودية والدولة، وتقويض صلاحيات المحكمة العليا والجهاز القضائي عبر تعيين قضاة من التيار المحافظ اليمني”.

إلى جانب ذلك، يقول ضاهر إن تجنيد اليهود الحريديين وقانون الخدمة العسكرية الإجبارية سيكون في جل أجندة وبرنامج حكومة نتنياهو، بحيث إن الإعفاء من التجنيد بذريعة دراسة الديانة اليهودية “سيكون وجها آخر لمحاولة فرض التعاليم التوراتية على الحياة اليومية والاحتكام للتشريعات التوراتية من قِبل شركاء الائتلاف الحكومي”، وهو ما أبدى نتنياهو التحفظ عليه حين صرح بأن “إسرائيل لن تكون دولة إكراه ديني”.

Swearing-in ceremony of the new Israeli government the 25th Knesset
تحذيرات من أن برنامج الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد سيقوّض السلطة الفلسطينية (رويترز)

برنامج قد يقود لتفكيك السلطة

من ناحيته، يحذّر المتحدث باسم “كتلة السلام الآن” آدم كلير من أن تصعيد حكومة نتنياهو القادمة ضد الفلسطينيين من شأنه أن يؤدي إلى تفكيك السلطة الفلسطينية، مؤكدا أن أعضاء الائتلاف الحكومي من الأحزاب الحريدية واليمين المتطرف صرحوا علانية بضرورة تفكيك السلطة والتحلل من اتفاقيات أوسلو وإدارة الضفة عبر إدارات مدنية عسكرية تشرف على كل محافظة.

وعليه، يقول كلير للجزيرة نت إن “نتنياهو الذي سيبقى يحتفظ لنفسه بإدارة الملفات الحارقة والعلاقات الخارجية سيعاود مجددا للتلويح بفزاعة النووي الإيراني وتوظيفها من أجل حرف الأنظار عن القضية الفلسطينية وحتى الأزمات الإسرائيلية الداخلية”.

ويعتقد أن حكومة نتنياهو التي ترفض مبدأ حل الدولتين وتعارض إقامة سلطة مستقلة للفلسطينيين، وتؤمن بـ”أرض إسرائيل” على كل فلسطين التاريخية، وستصطدم مع المجتمع الدولي في الملف الفلسطيني.

وأوضح كلير أن القضية الفلسطينية باتت تشكل أكبر التحديات السياسية والأمنية لإسرائيل، وهي جزء لا يتجزأ من الملفات الإسرائيلية الداخلية بسبب واقع “دولة المستوطنين” في الضفة والقدس، مشيرا إلى أن هذه الحكومة ستصطدم بالسجال بين العلمانيين والمتدينين وعلاقتهم بالدولة اليهودية، الأمر الذي سيعمّق الشرخ بين مختلف الطوائف اليهودية والمجتمع الإسرائيلي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى