الاخبار العاجلةسياسة

ساهمت في ترحيل 2.5 مليون مهاجر.. هل تردع المادة “42” الملايين عن التفكير باللجوء لأميركا؟

واشنطن- أصبح الحديث عن المادة القانونية 42 مرادفا للجدل حول تعقيدات قضية الهجرة للولايات المتحدة، خاصة بعدما أخبرت إدارة جو بايدن المحكمة العليا، مساء أول أمس الثلاثاء، أن عليها رفض محاولة 19 ولاية يقودها جمهوريون للإبقاء على هذه المادة الهادفة لعرقلة دخول طالبي اللجوء للأراضي الأميركية.

لكن في الوقت ذاته، طلبت إدارة بايدن من المحكمة تأجيل إنهاء العمل بهذه المادة القانونية حتى 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري على الأقل، وإلى أن يتم الانتهاء من الاستعدادات الجارية لمواجهة تدفق موجة متوقعة من المهاجرين.

وكان رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، طلب من الأطراف المشاركة في الدعوى القضائية ووزارة العدل والاتحاد الأميركي للحريات المدنية إبداء الرأي بخصوص الموعد المؤقت قبل إنهاء العمل بالمادة. وإلى أن تصدر المحكمة العليا أمرا -وهو متوقع في أي وقت- سيبقى العمل ساريا بالمادة 42.

ويأتي الجدل القانوني في الوقت الذي يستعد فيه المسؤولون الفدراليون وحكام المدن والمقاطعات الحدودية لمواجهة زيادة في عدد المهاجرين غير النظاميين ممن توقعوا وقف العمل بالمادة 42 في 21 ديسمبر/كانون الأول، طبقا لقرار قاضٍ فدرالي.

U.S. President Donald Trump (R) talks with U.S. Supreme Court Chief Justice John Roberts as he departs after delivering his State of the Union address to a joint session of the U.S. Congress on Capitol Hill in Washington, U.S. January 30, 2018. REUTERS/Jonathan Ernst
رئيس المحكمة العليا جون روبرتس (يسار) طلب من جهات قضائية ومنظمات مدنية إبداء الرأي حول تمديد العمل بالمادة 42 (رويترز)

جذور الأزمة

كان من المقرر أن تنتهي صلاحية المادة 42 منذ مارس/آذار الماضي، وهي مادة قانونية بدأ العمل الاستثنائي بها منذ مارس/آذار 2020، خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب. وتقضي بطرد طالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود الجنوبية مع المكسيك بشكل غير قانوني، وذلك بذريعة الاحتياطات الصحية المصاحبة لانتشار فيروس كوفيد-19.

وتخالف هذه المادة القانون الأميركي الذي يسمح بدخول مؤقت لطالبي اللجوء حتى يتم البت في طلباتهم، وهو الإجراء الذي قد يستغرق في بعض الحالات عدة سنوات.

وقبل أسابيع، أصدر إيميت سوليفان القاضي الفدرالي بولاية لويزيانا، أمرا ينهي العمل بهذه المادة بنهاية 21 من الشهر الحالي وذلك لعدم قانونيتها، وهو الإجراء الذي لم تعارضه إدارة الرئيس جو بايدن.

وكخطوة احترازية، قدمت 19 ولاية يقودها جمهوريون، طلبا طارئا للمحكمة العليا بالإبقاء على المادة كإجراء ضروري لمنع عبور الآلاف من المهاجرين غير النظاميين لولاياتهم. وقالوا إنهم لا يملكون الموارد الكافية لتوفير مأوى أو خدمات صحية أو تعليمية لهؤلاء المهاجرين.

ومنذ مارس/آذار 2020، سمحت المادة 42 لضباط حرس الحدود الأميركيين بضبط وترحيل أكثر من 2.5 مليون مهاجر عبروا الحدود الجنوبية بصورة غير نظامية.

وبدون تطبيق هذه المادة الاستثنائية في طبيعتها؛ كان بإمكان المهاجرين غير النظاميين تسليم أنفسهم طوعا لسلطات الهجرة الأميركية فور عبورهم الحدود كي تبدأ عملية بيروقراطية طويلة في النظر بطلبات لجوئهم، ويبقون خلالها داخل الولايات المتحدة.

وتحرم المادة 42 المهاجرين من فرصة طلب اللجوء على الحدود، ولا تسمح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة انتظارا للبت في طلباتهم، وعلى الفور يتم ترحيلهم للمكسيك، وهناك ينتظرون للبت في طلبات لجوئهم المقدمة للسلطات الأميركية.

يستعدون للأسوأ

في هذه الأثناء، تستعد حكومات الولايات الحدودية الجنوبية (تكساس وأريزونا ونيومكسيكو وكاليفورنيا)، لمواجهة تدفق مئات، وربما آلاف، المهاجرين يوميا.

وكان قادة بعض الولايات الجمهورية الجنوبية، مثل تكساس وأريزونا، قد نقلوا قبل شهور آلاف المهاجرين إلى الولايات والمدن التي يحكمها الحزب الديمقراطي في الشمال على متن حافلات وطائرات، في محاولة لإبراز مخاطر سياسة بايدن المتساهلة مع المهاجرين غير النظاميين.

يأتي ذلك في الوقت الذي وصل فيه عدد قياسي من المهاجرين -كثير منهم من كوبا وهاييتي وفنزويلا- بالفعل إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك هذا العام، في محاولة للهروب من المصاعب الاقتصادية والأزمات السياسية في بلدانهم.

اقرأ ايضاً
السعودية تجدد التأكيد على وقوفها مع العراق لصون استقراره وحفظ سيادته

وذكر تقرير حديث للأمم المتحدة أن عدد اللاجئين الفنزويليين وصل إلى أكثر من 7 ملايين لاجئ بسبب التوترات السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ عام 2018.

المعبر الحدودي الذي يشهد تحرك عشرات الالاف يوميا بين بلدة ريو كلورادو المكسيكية وبلدة سان لويس بولاية أريزونا وحيث يتم اعادة من يلقي القبض عليه من الفنزويليين للمكسيك
معبر حدودي يشهد تحرك الآلاف يوميا بين بلدة “ريو كلورادو” المكسيكية وسان لويس الأميركية حيث يتم إعادة من يلقى القبض عليه من الفنزويليين للمكسيك (الجزيرة)

من جانبه، قال عمدة مدينة نيويورك الديمقراطي إريك آدامز، إن إدارته تراقب الزيادة المحتملة على طول الحدود الجنوبية ردا على نهاية العمل بالمادة 42 ولمعرفة كيف يمكن أن تؤثر على المدينة.

وقال آدامز في بيان له “نواصل مراقبة الوضع عن كثب فيما يتعلق بمصير المادة 42، وسننتظر سماع المزيد من المحكمة العليا”.

ولكن أضاف “بغض النظر عن النتيجة، استقبلت مدينة نيويورك 800 طالب لجوء في الأيام الأربعة الماضية فقط، وقد حان الوقت لشركائنا في الولاية والشركاء الفدراليين للتحرك. نحن بحاجة إلى موارد مالية لمواصلة خدمة عشرات الآلاف الموجودين حاليا في رعايتنا وجميع أولئك الذين يصلون كل يوم”.

وفي مناطق الحدود بولاية تكساس، يخشى المسؤولون ألا يستطيعوا مواجهة سيل المهاجرين، والذين يتحركون في مجموعات من مئات أو آلاف الأشخاص معا، عقب انتهاء العمل بالمادة 42.

وأعلن حاكم ولاية تكساس الجمهوري نشر مئات من جنود الحرس الوطني على طول الحدود الجنوبية بمنطقة الباسو الحدودية.

وفي ولاية أريزونا، قال المدعي العام مارك برنوفيتش، إن “التخلص من المادة (42) سيعرض المزيد من الأميركيين والمهاجرين للخطر بدون داع من خلال تفاقم الكارثة التي تحدث على حدودنا الجنوبية”. مضيفا “تشير التقديرات إلى أن عمليات العبور غير القانونية سترتفع من 7 آلاف إلى ما يصل إلى 18 ألفا يوميا”.

بايدن تبنى سياسات ترامب

وقبل عامين ندد الرئيس الأميركي جو بايدن -خلال حملة ترشحه- بسياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه الهجرة، والتي قال إنها تتسبب في “القسوة والإقصاء لبشر أبرياء”، بمن في ذلك “الفارون من الحكومة الوحشية للرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو في فنزويلا”.

لكن بايدن تحول إلى تبني سياسة سلفه ترامب خاصة في مرحلة ما قبل الانتخابات النصفية في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأبقت إدارته على العمل بالمادة 42.

وفور إعلان المحكمة الدستورية الإبقاء المؤقت على العمل بالمادة، أصدرت وزارة الأمن الداخلي، وهي المنوط بها الإشراف على شؤون الحدود والمهاجرين، بيانا جاء فيه “كما هو مطلوب بموجب أمر الوقف الإداري للمحكمة العليا، سنظل نعمل بموجب المادة 42، وسيستمر طرد الأفراد الذين يحاولون دخول الولايات المتحدة بشكل غير قانوني إلى المكسيك”.

وطالب البيان الكونغرس “بتوفير الأموال” لأمن الحدود و”تعزيز إجراءات الهجرة الشاملة التي اقترحها الرئيس بايدن في أول يوم له في منصبه”.

لم يمنع السور- الجدار الحديدي الفاصل بين الولايات المتخدة والمكسيك بالقرب من بلدة سمرتون في جنوب أريزونا مئات الالاف من المهاجرين غير الشرعيين من العبور من تحت او فوق السور
لم يمنع الجدار الحديدي الفاصل الذي أنشئ في عهد ترامب مئات آلاف المهاجرين من العبور للولايات المتحدة (الجزيرة)

تعهد جمهوري بمحاسبة بايدن

وتعهد النائب جيمس كومر، الرئيس الجديد للجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب، بفتح تحقيق برلماني جاد حول أزمة الحدود الأميركية الجنوبية فور بدء أعمال الكونغرس الجديد في الثالث من الشهر المقبل.

ويتهم كومر بايدن بتبني سياسية هجرة راديكالية “تسببت في خلق أسوأ أزمة حدودية في تاريخ الولايات المتحدة”. ويقول الجمهوريون إن بايدن منذ فبراير/شباط 2021 يتجاهل التقارير التي تشير إلى أن إدارته لا تمنع تهريب البشر، ولا تردع عصابات المخدرات مما سمح بتدفق موادها القاتلة مثل حبوب “الفنتانيل” إلى المدارس والجامعات الأميركية.

ولا يتهم الجمهوريون بايدن بالإخفاق في تأمين الحدود فحسب، بل يقولون إن سياسته تجذب المهاجرين غير النظاميين بصورة لا تتوقف.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى