الاخبار العاجلةسياسة

روسيا وإيران وإسرائيل.. كيف ينظر الخبراء إلى تعقيدات الخريطة السياسية بالمنطقة؟

القدس المحتلة/ موسكو/ كييف/ واشنطن- أعربت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA) عن المخاوف من تأسيس شراكة دفاعية كاملة بين روسيا وإيران، معتبرة أنها تهدد إسرائيل، وتفاوتت توقعات الخبراء بشأن هذه العلاقة، لا سيما مع غموض مستقبل الحرب الدائرة في أوكرانيا وصعود حكومة يمينية متشددة في إسرائيل.

وشرح مدير “سي آي إيه” وليام بيرنز -في لقاء مع شبكة “بي بي إس” (PBS) مؤخرا- المخاوف الأميركية حيث تقوم طهران بتزويد موسكو بطائرات مسيرة لدعم المجهود الروسي في الحرب الأوكرانية من جانب. ومن جانب آخر، تبحث روسيا في طرق لدعم طهران تكنولوجيا وعسكريا.

واعتبر بيرنز أن مثل هذا التطور “يشكل تهديدات حقيقية للدول المجاورة لإيران” في إشارة إلى إسرائيل على وجه التحديد.

وفي دراسة حديثة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أشار الخبير نداف بولاك إلى أن المسؤولين الأميركيين يراقبون عن كثب العلاقات العسكرية الآخذة في التعمق بين روسيا وإيران.

وطالب الخبير إسرائيل بضرورة إطلاع موسكو على خطوطها الحمراء، وتوضيح أن أي خرق لها سيلحق الضرر بعلاقتهما، وقد يغير حسابات إسرائيل بشأن تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي متقدمة.

وأعتبر بولاك أن علاقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يمكن أن تخفف من هذه الهواجس.

واستطلعت الجزيرة نت رؤية خبراء من 4 دول معنية بهذا التطور، وكيف يمكن توقع مسارها خلال 2023، فجاءت النتائج على النحو التالي:

إسرائيل تراقب

عكست تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين توجها جديدا حول الإستراتيجية التي ستتبعها حكومة نتنياهو، بالتقرب إلى الكرملين وتعزيز العلاقات مع بوتين.

وأوضح المختص بالشؤون الإستراتيجية والأمن القومي عومر دوستري أن “الغزو الروسي لأوكرانيا دفع إلى تعزير العلاقات القوية بالأساس بين طهران وموسكو، كما أكدت خبرة العقدين الأخيرين”.

وكانت علاقة إسرائيل مع روسيا قد شهدت حالة من التوتر على خلفية نشاط الوكالة اليهودية في موسكو باستقدام اليهود إلى فلسطين، لذا يقول الباحث الإسرائيلي “تسعى إلى تبديد التوتر وطي صفحة الماضي مع الكرملين خاصة حول ملف الوكالة اليهودية الذي ما زال عالقا أمام المحاكم الروسية، وذلك من خلال العلاقات الوطيدة بين نتنياهو وبوتين”.

وشكك الباحث بمعهد يروشاليم للإستراتيجية والأمن، في حديثه للجزيرة نت، في أن يكون لهذا التقارب بين طهران وموسكو أي تأثير على الأمن القومي الإسرائيلي، في الوقت الذي تراقب فيه تل أبيب عن كثب استمرار توريد الأسلحة الإيرانية لروسيا.

MINISTER ELI COHEN
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين تحدث عن تعزيز العلاقات مع روسيا (الأناضول)

خيار التهدئة

وفي موسكو، اعتبر خبراء أن المقاربة مع تل أبيب، حليف واشنطن الأساسي بالمنطقة، منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، زادت من تعقيد علاقات روسيا وإسرائيل، وأضعفت إلى حد ملموس من رهان الأخيرة على دور “ضاغط” لموسكو على إيران. ورفعت، في المقابل، من منسوب حساسية الكرملين تجاه أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران.

ورجح محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف أن تذهب تل أبيب إلى خيار التهدئة مع موسكو، بعد سلسلة من التوترات غير المسبوقة في العلاقات بين الطرفين، والتي أطلت برأسها بشكل واضح من خلال مواقف الحكومة الإسرائيلية السابقة حيال الحرب بين أوكرانيا وروسيا، والتي -كما يرى- لم تحقق لإسرائيل نتائج وازنة، بل أظهرت “هشاشة” خفية في بنية العلاقات الثنائية.

أما الخبير في العلاقات الدولية ديمتري كيم فيدعو لعدم التسرع بإعطاء توقعات “متفائلة” بحصول تغيرات إستراتيجية في المواقف الإسرائيلية تجاه روسيا، معتبرا أن انتخاب حكومة جديدة في إسرائيل شأن داخلي في الأساس، قبل أن يكون حدثًا دوليًا، حسب تعبيره.

ووفقا للخبير الروسي، فإن المصالح الإسرائيلية هي مقياس السياسة الخارجية لتل أبيب، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن حكومة نتنياهو ائتلافية، وسيكون الأخير ملزمًا بأخذ مواقف جميع الكتل بعين الاعتبار، وتقديم تنازلات عند الضرورة، بما فيها للأحزاب المتشددة في مواقفها تجاه الكرملين بسبب الحرب في أوكرانيا.

اقرأ ايضاً
بسبب عطل في المحرك.. تحطم طائرة شحن عسكرية روسية ومقتل 3 من طاقمها

ومع ذلك، فإن نتنياهو، حسب كيم، سيمتنع عن إطلاق تصريحات موالية لأوكرانيا، على عكس سلفه يائير لبيد، ولكن ذلك لا يلغي احتمال عودة العلاقات بين موسكو وتل أبيب إلى دورة جديدة من التعقيد، مع ازدياد التقارب الإستراتيجي بين روسيا وإيران.

Ukrainian President Volodymyr Zelenskiy speaks in Kyiv
الرئيس الأوكراني زيلينسكي قال سابقا إن الأقوال الإسرائيلية أكبر من الأفعال (رويترز)

الموقف الأوكراني

ومن كييف، التي تتجه الأنظار إلى موقفها من “السياسات المسؤولة” إزاء العلاقات الإسرائيلية الروسية التي تحدث عنها كوهين، لم يتردد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الاتصال بنتنياهو لتهنئته بالمنصب الجديد، مما يوضح أن كييف لن تدعم بسهولة مشاريع قرارات لصالح إسرائيل بالأمم المتحدة، وأن ذلك الدعم مرهون بالمساعدات العسكرية التي تريدها كييف من تل أبيب.

لكن خبراء يرون أن التغيير في إسرائيل لا يحمل أثرا كبيرا على أوكرانيا في المحصلة، بل يجعل “الممانعة” الإسرائيلية أكثر وضوحا وصراحة فقط.

وفي حديث مع الجزيرة نت، قال الخبير العسكري بالمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية ميكولا بيليسكوف “رغم أن أوكرانيا وإسرائيل تنظران بعين واحدة تقريبا إلى إيران كدولة إرهاب، إلا أن ذلك لم يدفع تل أبيب لدعم كييف بما تحتاجه من سلاح، وخاصة فيما يتعلق بصد مسيرات شاهد التي تستخدمها روسيا بكثافة، حتى في ظل حكومة لبيد السابقة”.

وأضاف أنه منذ بداية الحرب، أصبح العتاب هو موقف كييف تجاه تل أبيب، بدءا من قضية إغلاق الأبواب أمام اللاجئين الأوكرانيين، وانتهاء بقضية طلب السلاح المتطور، وهذا ما عبر عنه زيلينسكي بصراحة مع أنه ينحدر من أصول يهودية، إذ أشار إلى أن الأقوال الإسرائيلية أكبر من الأفعال، ولم تترجم إلى ما هو مفيد على الأرض.

ويرى الخبير العسكري أن التغيير في إسرائيل لن يؤثر كثيرا على مسار الحرب، فهناك سقف لن يتجاوزه نتنياهو في علاقة تل أبيب مع روسيا، إلا في حدود ما تسمح به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأضاف “في النهاية، لن تدعم إسرائيل أوكرانيا علنا في حرب مباشرة مع روسيا، لكني أعتقد أنها قد تكون معنية، في مرحلة من المراحل، بتقديم دعم معين لكييف، يضعف الدور الإيراني ويقلل فائدته، حتى وإن كان ذلك تحت الطاولة”.

مخاوف واشنطن

ومن ناحية أخرى، لا تخفي واشنطن معارضتها القوية للتعاون العسكري المتنامي بين إيران وروسيا، خاصة مع اعتبار إدارة جو بايدن الحرب في أوكرانيا أولويتها على رأس أولويات سياستها الخارجية حاليا.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار الدكتور جودت بهجت، أستاذ شؤون الأمن القومي بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، إلى أن “إلحاق هزيمة بروسيا يعد هدفا إستراتيجيا لإدارة بايدن منذ بدء الحرب في فبراير 2022”.

وأضاف أن واشنطن ترى أن المساعدة العسكرية الإيرانية (الطائرات بدون طيار بشكل أساسي) تجعل من الصعب إنهاء الحرب، وتساعد بوتين على الاستمرار في الحرب.

من جانبه، غرد السيناتور الجمهوري، وأحد كبار داعمي إسرائيل بمجلس الشيوخ، لينسي غراهام، منتقدا موقف وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد تجاه الحرب. وقال “آمل أن يفهم كوهين أنه عندما يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف، فإنه يتحدث إلى ممثل نظام مجرم يرتكب جرائم حرب على نطاق واسع كل يوم”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى