الاخبار العاجلةسياسة

طهران تستدعي السفير الصيني.. ما الذي أزعج الإيرانيين من زيارة رئيس الصين للسعودية؟

طهران– رغم التباين المعتاد في إيران بشأن سياسة التوجه شرقا وعلاقات طهران التي كانت توصف بأنها إستراتيجية مع بكين، وجّه الإيرانيون خلال الأيام القليلة الماضية انتقادات لاذعة للصين إثر الزيارة التي قام بها الرئيس شي جين بينغ إلى السعودية.

وأكثر ما أثار انزعاج الإيرانيين قبول الصين بإدراج موضوع الجزر الثلاث المتنازع عليها مع الإمارات ومفاوضات الاتفاق النووي في بيان القمة الخليجية-الصينية، ودعوتها طهران إلى “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.

ولم ينفع رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، ما ورد في البيان الخليجي الصيني بشأن الجزر، في تهدئة الأوساط الإيرانية التي تطالب باتخاذ موقف صارم حيال بكين، كما أن تغريدة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على تويتر والتي كتب فيها أن بلاده “لن تتسامح مع أي طرف حول ضرورة احترام وحدة أراضيها” لم تمنع بعض الصحف الإيرانية من فتح ملف تايوان.

وتزايدت الضغوط البرلمانية والأكاديمية والمجتمعية على الخارجية الإيرانية لتعلن في ساعة متأخرة من أمس السبت أنها استدعت السفير الصيني لدى طهران، تشانغ هوا، للتعبير عن “الاستياء الشديد” مما ورد في البيان المشترك.

h 56790442 1
محادثات صينية إيرانية العام الماضي قبل توقيع الطرفين اتفاق شراكة إستراتيجية لمدة 25 عاما (الأوروبية)

مصالح ومخاوف

وتأتي زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية والقمم التي حضرها في الرياض بعد أقل من عام على دخول طهران وبكين في شراكة شاملة طويلة الأمد، يقول مراقبون في إيران إن بلادهم لم تجنِ منها فائدة ملموسة حتى الآن.

في غضون ذلك، تنظر بعض الأوساط الإيرانية إلى التوسع الصيني نحو المنطقة الخليجية على أنه يأتي على حساب بلادهم، إلى جانب المخاوف من إيجاد موطئ قدم للعسكر الصيني في المنطقة بذريعة ضمان مصالح بكين الاقتصادية.

من جانبه، يقرأ الباحث الإيراني في الشؤون الإستراتيجية، سعيد شاوردي، التقارب الصيني الخليجي من زاوية حاجة بكين المتزايدة إلى الطاقة وخشية الصين من دخول الولايات المتحدة على خط عرقلة تدفق البترول نحو شرق آسيا.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح شاوردي أن التقارب الخليجي الصيني لا يأتي على حساب العلاقات العربية الأميركية وإنما لموازنة العلاقات مع القوى الكبرى وتنويع مصادر القوة، مؤكدا أن الصفقات الموقعة بين الجانبين قد تستدعي حضورا عسكريا صينيا في المياه الخليجية لضمان الاستثمارات المشتركة فيها.

ولدى إشارته إلى خشية الدول الخليجية من برنامج طهران النووي، قال الباحث الإيراني إن بلاده تخشى تأثير الجانب العربي على الحليف الصيني بشأن برنامجها النووي.

اقرأ ايضاً
"الحرية اولا" تبث صورة جمال خاشقجي على مبنى السفارة السعودية في واشنطن

وختم شاوردي بالقول، إن طبيعة الصفقات الموقعة بين الصين والدول الخليجية تظهر أن بكين قد خططت لمنافسة الولايات المتحدة في المياه الخليجية على المدى البعيد، محذرا من أن يكون احتدام التنافس الصيني الأميركي في المنطقة على حساب مصالح طهران.

الصين والعقوبات

من جانبها، توقفت صحيفة “دنياي اقتصاد” أمام الطفرة التي حققها الدولار الأميركي أمام الريال الإيراني إثر زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية، عازية سبب تراجع العملة الإيرانية المتعثرة إلى الخشية من تراجع صادرات النفط الإيراني إلى الصين خلال المرحلة المقبلة، وانخفاض عوائد طهران من بيعه.

وكتبت الصحيفة، أن بعض الناشطين في مجال تجارة العملة الصعبة يخشون مواكبة بكين للعقوبات الغربية المفروضة على إيران بعد اليوم؛ ما قد يعرقل المساعي الرامية إلى الالتفاف عليها، وبالتالي قد يشجع الواقع الاقتصادي الجديد على دخول مشترين حذرين إلى سوق العملة الصعبة لتواصل مسارها صعوديا.

23333
خورسند ينتقد تفويت بلاده فرصة توسيع علاقاتها مع الصين عقب التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 (الجزيرة)

الفرص الضائعة

في المقابل، يعتقد الباحث في الاقتصاد السياسي، مهدي خورسند، أنه لا شراكة دائمة بعد اليوم وأن المصالح هي التي تبرر توطيد علاقات الدول مع بعضها دون الأخرى، موضحا أن وصف العلاقات بين طهران وبكين بأنها إستراتيجية لم يكن دقيقا.

وفي حديث للجزيرة نت، انتقد خورسند تفويت بلاده فرصة توسيع علاقاتها مع الصين عقب التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، حيث أبدت بكين حينها رغبة كبيرة بذلك، مضيفا أن طهران لم ترحّب بالشراكة الشاملة مع الصين سوى بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وعدم جنيها ثمرة الاتفاقات مع الدول الأوروبية فيه.

ورأى الباحث الإيراني أن التوسع الصيني نحو بدائل إيران، لا سيما في المنطقة الخليجية، رد طبيعي لعدم استثمار بلاده الفرص المتاحة أمامها مع الصين؛ لا سيما في ما يخص تطوير ميناء تشابهار على الضفة الشمالية من المياه الخليجية وممر الحزام والطريق.

وخلص الباحث الإيراني إلى أن موقف بكين من البرنامج النووي الإيراني لم يتغير، إذ إن بكين كانت تعارض منذ اليوم الأول تحوّل طهران إلى قوة نووية انطلاقا من مبدأ رفض السباق النووي في الشرق الأوسط، محذرا من تفويت المزيد من الفرص في موازنة طهران علاقاتها مع القوى الشرقية والغربية والتي قد تصل إلى إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى