الاخبار العاجلةسياسة

الاستيطان في شرقي القدس إبّان الحرب تعددت أشكاله وأهدافه

القدس المحتلة- في تقرير أصدرته 4 مؤسسات حقوقية إسرائيلية تحت عنوان “القدس الشرقية في ظل الحرب”، روّجت إسرائيل خلال أشهر الحرب لخطط توسيع وإنشاء مستوطنات في القدس الشرقية من خلال بناء قرابة 7 آلاف وحدة سكنية، منها 2500 وحدة جديدة في كل من مستوطنة “جفعات شاكيد” و”القناة السفلية” و”كدمات تسيون”. في وقت ارتفعت فيه معدلات هدم منازل المقدسيين بادعاء بنائها دون ترخيص.

ووفقا للتقرير الحقوقي فإن 133 عملية هدم سُجلت في القدس منذ بداية الحرب حتى منتصف شهر مارس/آذار، و97 من المنشآت التي هُدمت كانت عبارة عن وحدات سكنية.

أبرز المخططات

ورغم أن مخطط حي “جفعات شاكيد” الاستيطاني واجه -عندما طُرح في التسعينيات- معارضة محلية ودولية أدت إلى تجميده، فإن الموافقة على المخطط تمت مطلع العام الجاري في خضم انشغال العالم بالحرب على غزة.

أما مشروع “القناة السفلية” فسيقام جنوبي القدس وتحدّه من الشمال والشرق “كنيسة مار إلياس” ودير الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية الواقعة على الطريق بين القدس وبيت لحم.

ويسعى الاحتلال من خلال هذا المشروع لإضفاء طابع ديني عبر تسميته بـ”القناة السفلية” نسبة إلى القناة الرومانية التي كانت تنقل الماء من ينابيع قرية أرطاس الفلسطينية (برك سليمان) قرب بيت لحم إلى البلدة القديمة في القدس، وتدّعي الرواية الإسرائيلية أن القناة كانت تنقل الماء “إلى جبل الهيكل” في القرن الأول قبل الميلاد.

وبين بلدتي جبل المكبر وأبو ديس سيقام حي “كدمات تسيون” الاستيطاني بعد مصادرة 16 دونما من أراضي بلدة السواحرة الغربية، وإقدام وزارة القضاء الإسرائيلية على نقل ملكية الأراضي للجمعيات الاستيطانية سرّا.

تفتيت أحياء القدس

هذه المشاريع التي ستتغلغل في أحياء شرقي القدس وتفتتها ما كانت لترى النور لو لم يكن بتسلئيل سموتريتش هو وزير المالية الإسرائيلي، فمنذ تولي الوزير “المتطرف” حقيبة المالية مطلع عام 2023 مُنحت له صلاحيات كانت موكلة لضابط مسؤول في الإدارة المدنية أحد أذرع جيش الاحتلال.

ووفقا للباحث في معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) سهيل خليلية فإن هذه الصلاحيات تتعلق بمواضيع البناء والتطوير وتحديد الأراضي والمصادقة على مشاريع استيطانية وتخصيص الميزانيات لها.

“هذه المخططات بالعادة تحتاج لعدة سنوات لتمر بمرحلتي التخطيط والتنفيذ، وما بين المرحلتين هناك 17 إجراء يجب أن يمر بها أي مشروع قبل تنفيذه، ومع مجيء سموتريتش وتنسيقه مع مجلس المستوطنات تمكن من تجاوز وتجاهل الغالبية العظمى من هذه الإجراءات” أضاف خليلية في حديثه للجزيرة نت.

وتابع: “أعطى سموتريتش المجلس صلاحية التخطيط والبدء بالبناء والحصول على أذون بأثر رجعي وهذا أدى لتسريع وتيرة الاستيطان من بداية 2023 مع توليه لمنصبه والاتفاقية الحكومية المبنية على هذا الأساس”.

أما في القدس والتي تُصنف وفقا للقانون الدولي، كما الضفة الغربية أراضي محتلة عام 1967 فإن سموتريتش أسهم في رفع وتيرة الاستيطان فيها من خلال البلدية التي أسهمت في تسريع المصادقة على المشاريع، بينما ساعد وجوده في تخصيص الميزانيات المطلوبة وتوجيهها نحو المشاريع الاستيطانية وتركيزها في منطقة القدس.

اقرأ ايضاً
"استخدمونا دروعا بشرية".. شهادات نساء بمخيم جنين بشأن اعتقال رجاله
1+2 - القدس- شعفاط مستوطنة رمات شلومو فبراير 2024 –الجزيرة نت – أعمال بناء استيطاني
البناء الاستيطاني مستمر في مستوطنة رمات شلومو على أراضي شعفاط (الجزيرة)

بصبغة سياحية

وحسب خليلية، فإن مساهمة هذا الوزير لم تقتصر على تخصيص الميزانيات، بل تعدتها إلى حد منح امتيازات للبناء الاستيطاني، عبر قروض وتسهيلات بنكية للمقاولين والمستوطنين الذين ينوون العيش في المستوطنات الجديدة.

ووصف الباحث ذلك بـ”النقطة المفصلية التي ساعدت على النهوض بالمشاريع الاستيطانية وتسريعها في شرقي القدس”.

بالعودة إلى تقرير المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية الذي نشر في أبريل/نيسان، فقدد تطرق أيضا إلى مواصلة الدولة عملها بشكل دؤوب في مواقع أثرية وتراثية شرقي القدس بهدف بسط السيطرة على الأراضي وتعزيز الحضور اليهودي، وتطبيعه من خلال خلق مراكز اهتمام سياحية موجهة للتاريخ اليهودي التوراتي للمدينة، بالإضافة لتقييد حيز الحياة الفلسطينية، وإقصاء السكان ماديا وتاريخيا إلى خارج البلدة القديمة ووضع العقبات أمام أي تسوية مستقبلية.

وخصّ التقرير الحقوقي بالذكر 3 مشاريع استيطانية سياحية، الأول في منطقة وادي الربابة ببلدة سلوان حيث تعمل ما تسمى “سلطة الطبيعة والحدائق” الإسرائيلية مع جمعية “إلعاد” الاستيطانية بالترويج لتهويد المكان من خلال العبث به ونصب بوابات وحواجز على مداخل الأراضي بالإضافة إلى افتتاح وإضاءة الجسر المعلق باللونين الأبيض والأزرق بداية الحرب.

أما المشروع الثاني فهو حفريات عين سلوان التي تنفذها “سلطة الآثار” الإسرائيلية بعد استيلاء جمعية “إلعاد” على أرض كانت مملوكة للكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية القريبة من الموقع الأثري، وخلال الحرب بدأ الجيش بالتعاون مع القائمين على المشروع عبر إرسال الجنود للمساعدة في الحفريات.

وفيما يخص مشروع القطار المعلق “التلفريك” الذي يفترض أن يوصل إلى مدينة داود السياحية الاستيطانية، فتم خلال الحرب الإعلان عن أمر مصادرة لأراض تبلغ مساحتها 8 آلاف و752 مترا مربعا بهدف نصب أعمدة “التلفريك”.

سهيل خليلية-مسؤول وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الدراسات التطبيقية/أريج
خليلية: الاحتلال يستمر في خلق تجمعات إسرائيلية بين التجمعات الفلسطينية (الجزيرة)

خنق المقدسيين

وتلجأ سلطات الاحتلال -وفقا للباحث خليلية- لتنفيذ هذا النوع من المشاريع بالتحديد لأنها تساعدهم في فكرة إضفاء الطابع اليهودي على القدس، ولأن “إسرائيل تستميت للحصول على موطئ قدم في أي شبر بالبلدة القديمة ومحيطها وتدفع أذرعها المختلفة مبالغ خيالية لكل متر مربع فيها لأن ذلك يثبت روايتهم التوراتية للمكان”.

وختم خليلية حديثه للجزيرة نت بالإجابة على سؤال كيف ستغير هذه المشاريع وجه القدس؟ بالقول إن الاحتلال ومنذ عام 1967 يحاول تغيير الشكل الجغرافي والديمغرافي للمدينة بكافة الوسائل.

ومن أهم هذه الوسائل خلق تجمعات إسرائيلية بين التجمعات الفلسطينية وتغيير أسماء الشوارع والأحياء وإطلاق أسماء يهودية عليها، بهدف إطباق الخناق على المقدسيين ومحاصرتهم لدفعهم للخروج والسكن خارج المدينة، وما زالت إسرائيل تمتلك مزيدا من سياسة “النفس الطويل” لتحقيق الهدف الأسمى بأقلية فلسطينية وأغلبية يهودية في المدينة المقدسة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى