الاخبار العاجلةسياسة

بعد أن شرّدهم الزلزال.. الحرائق تفاقم معاناة النازحين شمال سوريا

شمال سوريا- في قسم العناية المشددة بمشفى “الرحمة” ببلدة دركوش القريبة من إدلب شمال سوريا، يقف الأب خالد الحسين ويبكي بحرقة وهو يتابع أطفاله المصابين بجروح خطيرة بعد احتراقهم داخل خيمتهم.

يقول الحسين وهو يذرف الدموع “شفت ولادي عم بنحرقو قدامي وما قدرت أعمل شيء، هربنا من الزلزال بعد خوفنا من وقوع الشقة علينا وجئنا إلى الخيم فانحرق الأولاد”. وتساءل “إلى أين نذهب؟”.

وعائلة الحسين واحدة من آلاف فروا بعد كارثة الزلزال في 6 فبراير/شباط الماضي، إلى مخيمات النازحين شمال سوريا. لكن الحرائق، التي عانى منها النازحون في الخيام منذ سنين، لاحقتهم أيضا وتسببت بوفاة وإصابة عدد منهم غالبيتهم أطفال.

وزوجة الحسين كذلك تعرضت للاحتراق مع 3 أطفال من جيرانهم، وقرر الأطباء نقلهم جميعا للمشافي التركية بسبب خطورة إصابتهم.

وقبل أيام، تسببت الحرائق في مخيمات النازحين بوفاة طفلين وإصابة أحد أفراد عائلتهم في مدينة الدانا شمال إدلب القريبة من الحدود مع تركيا.

وكذلك تسبب حريق في مخيم بريف دركوش قرب إدلب أيضا في إصابة عائلة كاملة بحروق بالغة، وتعامل معها المشفى المحلي قبل نقلها للعلاج في المشافي التركية أيضا.

أطفال في مشفى دركوش شمال إدلب جراء حريق في خيمتهم(الجزيرة)
أطفال في مشفى دركوش شمال إدلب جراء حريق في خيمتهم (الجزيرة)

تفاقم الحرائق

وفي يناير/كانون الثاني الماضي أخمدت فرق الدفاع المدني أكثر من 130 حريقا، منها 12 حريقا في المخيمات و69 حريقا منزليا، وأدت هذه الحوادث إلى وفاة طفل وإصابة 16 شخصا.

وفي فبراير/شباط الماضي، والذي شهد وقوع الزلزال العنيف، أخمدت فرق الدفاع أكثر من 150 حريقا بينها 18 في المخيمات و77 حريقا منزليا، وأدت الحرائق لوفاة 4 مدنيين هم 3 أطفال وامرأة، وإصابة 16 آخرين بينهم 8 أطفال و4 نساء.

وسجّلت الفرق منذ بداية مارس/آذار الجاري حريقا في مخيم باب السلامة بريف مدينة أعزاز شمالي حلب، وأدى لإصابة 5 مدنيين بحروق وحالات ضيق تنفس، في حين احترقت على إثره 6 خيام بشكل كامل و4 أخرى بشكل جزئي.

وحول أسباب انتشار هذه الحوادث، يقول المتطوع في فريق الدفاع المدني حسّان الحسّان إنه “بالتزامن مع فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تزداد الحرائق والتي تكون أغلبها في المنازل ومخيمات المهجّرين بسبب استخدام وسائل التدفئة، حيث تشكل خطرا جديدا يخطف أرواح المدنيين ويتسبب بإصابات بالغة، وتترك في معظم الأحيان أضرارا كبيرة في الممتلكات”.

ويوضح الحسان للجزيرة نت أن غالبية الحرائق تقع بسبب وسائل التدفئة التي تعمل بالوقود أو بحرق المواد البلاستيكية أو بالكهرباء، وكذلك تسببت وسائل تسخين المياه والتدفئة التي تعمل بالغاز المنزلي في عدة وفيات وإصابات بالاختناق في مناطق شمال غربي سوريا هذا الشتاء.

اقرأ ايضاً
حماس تتبنى عملية تل أبيب.. هل يدفع الاحتلال نحو انتفاضة جديدة أم يتحمل "الذئاب المنفردة"؟

ويقول المتطوع السوري إن الواقع الصعب الذي يعيشه المدنيون في مناطق شمال غربي سوريا، وتردي أوضاعهم الاقتصادية بعد سنوات من الحرب الطويلة، أمور دفعتهم للجوء إلى طرق تدفئة أقل تكلفة، ما زاد من الحرائق “بسبب طبيعة المواد المستخدمة في التدفئة وخطرها كالوقود المعالج بدائيا والمواد البلاستيكية والفحم وغيرها من المواد غير الآمنة”.

ولفت إلى أن ضعف تجهيز شبكات الكهرباء والطاقة الشمسية والبطاريات في المنازل والخيام المبنية من القماش والبلاستيك سريع الاشتعال، أمور تحوّل أي تماس كهربائي إلى كارثة يصعب السيطرة عليها.

وفي عام 2022 الماضي، استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 1929 حريقا في شمال غربي سوريا كان منها 593 حريقا في منازل المدنيين و185 حريقا في المخيمات و141 في محطات الوقود، وتوزعت الحرائق المتبقية على الغابات والحقول الزراعية والمدارس والأسواق والمرافق العامة.

في حين بلغت حصيلة ضحايا الحرائق خلال عام 2022 الفائت، 21 حالة وفاة بينهم 9 أطفال، و94 حالة إصابة بينهم 36 طفلا.

آثار نفسية صعبة

وفي قصة مأساوية حديثة أيضا، فقد السوري أمين عبد اللطيف طفله وتعرّضت طفلته لحروق في منطقة “قاح” شمال إدلب قبل 17 يوما، خلال اشتعال النار في خيمتهم وأثناء قيام والدتهم بطهي الطعام بعد تعثر طفلته بأنبوبة الغاز.

يقول عبد اللطيف للجزيرة نت إن “الأم كانت تجلي الصحون خارج الخيمة عندما لاحظت هروب طفلتها للخارج والنيران تشتعل بها، وخلال ثوانٍ قليلة كانت الخيمة محترقة وطفلها الآخر بداخلها”.

ويضيف “كان طفلي الصغير نائما في سريره وأنا كنت في عملي، لم تتمكن والدته من الدخول لإنقاذه بسبب كثافة النيران، وبعد دقائق وجدته متفحما”.

ولم يستطع الأب تحمل مشاهدة جثة ابنه، فطلب دفنه فورا. أما الأم، فما تزال تشعر بالذنب لعدم قدرتها على إنقاذه وتعاني من آثار نفسية شديدة وصلت لحد الهلوسات البصرية والسمعية “وكأنها تتخيله وهو يصرخ بها ويقول لماذا تركتني أحترق؟”.

ويطالب الأب المكلوم بتغيير الخيام ببيوت متنقلة (كرفانات) بشكل عاجل؛ “فالخيام أصبحت تهدد حياة كل من يسكن فيها ولا يمكن لأي عائلة أن تطهو أو تتدفأ خارجها في فصل الشتاء”.

 

 

حملات توعية

ويعمل فريق الدفاع المدني السوري عبر حملات توعية مستمرة بأساليب استخدام وسائل التدفئة الصحيحة للحد من الحرائق وتقليل أضرارها على الأفراد والممتلكات. وتنظم فرقه تدريبات في المخيمات بشمال غرب سوريا، بهدف تمكين النازحين من السيطرة على الحرائق قبل انتشارها.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى