رغم المطالب بحصر السلاح بيد الدولة العراقية الداخلية تجيز حمل السلاح لفئات معينة
بغداد– “رغم الاحتياطات الأمنية التي نتخذها لحماية أنفسنا وممتلكاتنا، فإننا عرضة للسلب والسطو، لذلك فإن حيازة السلاح مهمة بالنسبة لنا لدرء المخاطر المحتملة والمتوقعة”. بهذه الكلمات يحكي أحمد اللامي عن أهمية حيازة السلاح في العاصمة بغداد.
اللامي يمتلك محلا شمال شرقي بغداد للصرافة وتسليم رواتب الموظفين عبر بطاقات “الماستر كارد” الحكومية، ويؤكد أنه بحاجة ماسة لحيازة السلاح نظرا لتعامله اليومي بالأموال التي تصل لمئات الملايين من الدينار العراقي، فضلا عن العملات الأجنبية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى اللامي أن قرار وزارة الداخلية بمنح بعض فئات المجتمع إجازة حمل السلاح يعد قرارا صائبا، لا سيما لأصحاب محلات الصرافة، حيث سيمكنهم ذلك من الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم للسلب أو السطو المسلح أو حتى الابتزاز.
وبيّن أن أصحاب محلات الصرافة أكثر عرضة للسطو المسلح مقارنة بغيرهم من المقاولين والتجار والشركات، حيث يمتلك كثير منهم حمايات خاصة، أو أن شركاتهم تقع غالبا ضمن مناطق أمنية محصنة، وهو على خلاف وضع محلات الصرافة المنتشرة بين الأسواق والشوارع العامة والأزقة، حسب قوله.
ترخيص حمل السلاح
في السياق، يؤكد رئيس غرفة تجارة بغداد فراس الحمداني -في حديثه للجزيرة نت- أن قرار وزارة الداخلية منح رخص لحيازة وحمل السلاح جاء بعد مناشدات استمرت أكثر من عام لحصول رجال الأعمال والشركات على هذا الاستثناء، مبينا أن القرار جاء متوافقا مع القانون، كما سيسهم في حفظ أمن المواطن، وفق قوله.
وكان وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري أعلن أواخر مارس/آذار الماضي منح 4 فئات مجتمعية إجازات حيازة وحمل السلاح الناري، وشمل القرار المقاولين والتجار وصاغة الذهب وأصحاب محلات الصرافة.
وحسب بيان الوزارة، فإن منح إجازة حيازة السلاح ستكون وفق الضوابط والقوانين النافذة، حيث سيشمل القرار التجار حاملي هوية غرفة التجارة من الدرجتين الأولى والثانية، وكذلك المقاولون من الدرجتين الأولى والثانية بعد تأييد ذلك من قبل اتحاد المقاولين، فضلا عن أصحاب محلات صياغة الذهب وبيعه بعد تأييد حصولهم على إجازة ممارسة المهنة وتأييدها من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في وزارة التخطيط، يضاف لهم أصحاب محلات الصرافة شريطة حصولهم على تأييد من قبل شركة الصرف الآلي (كي كارد)، وفق بيان الداخلية.
وعن أهمية القرار وتبعاته الأمنية، يرى الخبير الأمني سرمد البياتي -في حديثه للجزيرة نت- أن القرار يعد طبيعيا نظرا لظروف العراق الأمنية، وأنه يعد صائبا ومتبعا في بعض دول العالم، وفق قوله
ويتابع البياتي “رغم تأكيدنا أهمية حصر السلاح بيد الدولة، فإن ذلك لا يعني السلاح المجاز وحامله المعرَّف، وإنما السلاح المنفلت الذي يجوب الشوارع والمسلحين الذين يستقلون سيارات من دون لوحات تسجيل، وكذلك الذين يدعون أنهم من جهات أمنية”.
تبعات اجتماعية
في المقابل، وفي ما يتعلق بمخاطر منح تراخيص حمل السلاح لفئات متعددة من المجتمع، يؤكد أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية ببغداد فاضل البدراني أن القرار قد يكون سليما ظاهريا، إلا أنه يعدّ غير صحيح في البعدين الاجتماعي والأمني؛ إذ يوحي بأن القوات الأمنية غير متواجدة في بعض المناطق التي تضم مقرات تجار ومقاولين وصاغة وأصحاب صرافة، لا سيما أن صاغة الذهب والصرافة متواجدون في الأسواق العامة داخل المدن وليس في أطرافها.
ويقول البدراني للجزيرة نت إن القرار لا يعطي إشارة إيجابية بقدر ما يؤدي إلى عسكرة المجتمع، وأن الأفضل ضبط الأمن لحماية المجتمع بجميع فئاته، منبها وزارة الداخلية إلى أهمية التفكير في المرحلة المقبلة عبر اتخاذ خطوات عملية لضبط الأمن بناء على إستراتيجية سلمية بعيدا عن حمل السلاح وعسكرة المجتمع، وفق تعبيره.
ويسعى العراق إلى حصر السلاح بيد الدولة، بعدما شهدت البلاد بعد الغزو الأميركي عام 2003 ظهور العديد من الجماعات المسلحة وبمسميات مختلفة، ومنها المدعومة من قوى سياسية ودول إقليمية، حسب مراقبين.
ورغم تعهدات الحكومات المتعاقبة فإنه لم تتخذ أي خطوات حقيقية حتى الآن، لا سيما أن جميع المحاولات الحكومية السابقة واجهت صعوبات في الشروع في حصر السلاح بيد الدولة.
السلاح والقانون
وفي ما يتعلق بالناحية القانونية، يرى الخبير حيدر الصوفي أن القرار جاء وفقا لأحكام القانون، وبما يتوافق مع قانون الأسلحة الصادر عن البرلمان العراقي الذي يجيز لوزير الداخلية منح رخص حمل وحيازة السلاح لفئات من المجتمع، كما يجيز منح فئات أخرى وفقا للظروف، منبها إلى أن صلاحية ذلك تقع على عاتق وزير الداخلية حصرا.
وعن المخاوف من انتشار الأسلحة وتقنينها، يبين الخبير القانوني أن السلاح المرخص مسيطر عليه لوجود قاعدة بيانات في وزارة الداخلية تضم جميع بيانات السلاح وبصمة إطلاقه وصاحبه، مما يسمح للوزارة بكشف أي جريمة تنفذ بسلاح مرخص، وفق قوله.
وينص قانون الأسلحة رقم (15) لسنة 2017 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة لكل من حمل أو باع أو اشترى أسلحة نارية أو عتادها من دون إجازة من سلطة الإصدار، وبغرامة لا تقل عن 500 ألف دينار (350 دولارا) ولا تزيد على مليون دينار (700 دولار أميركي).
كما أجاز القانون المشرع من قبل البرلمان العراقي إمكانية فتح محلات خاصة ببيع الأسلحة النارية من مقتنيات المواطنين والموجودة محليا، وذلك بإجازة من سلطة الإصدار المتمثلة في وزارة الداخلية.