الاخبار العاجلةسياسة

خبير أميركي: إنهاء الاقتتال بالسودان يتطلب تضافر جهود الجميع من عرب وأميركيين وأفارقة

حذّر خبير غربي بارز من احتمال أن ينزلق السودان نحو الفوضى إذا لم تسرع الولايات المتحدة وشركاؤها من العرب إلى وضع حد للقتال الضاري الذي تشهده البلاد بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو الشهير بــ”حميدتي”.

ووصف أليكس دي وال المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة، ما يحدث في السودان بأنه اقتتال بين “زعماء عصابات”، في إشارة إلى البرهان وحميدتي.

وذكر في مقال بمجلة “فورين أفيرز” الأميركية (Foreign Affairs) أن العالم ينأى بنفسه عن الصراع الدائر هناك، لكنه استدرك قائلا إن هذا هو رد الفعل الأول المنطقي  لحرب “مرعبة” تُستخدم فيها أثقل الأسلحة في شوارع العاصمة الخرطوم.

وقال إن سكان المدينة يحتمون بمنازلهم، بينما يسمع أزيز المروحيات الهجومية والطائرات المقاتلة وهي تشق عنان السماء، وتحتدم المعارك في شوارع الخرطوم لتحول المباني إلى أنقاض.

غير أن دي وال -وهو من كبار الخبراء الغربيين المختصين بالشأن السوداني- انتقد في مقاله الدول الغربية لموقفها السلبي من الصراع، مشيرا إلى أن نزوح الرعايا الأجانب من السودان يعكس حقيقة “أكثر قتامة”.

فالولايات المتحدة ونظراؤها العرب والأوروبيون “الذين هُرعوا لإنقاذ مواطنيهم، لم يبذلوا سوى جهود فاترة ومتأخرة لوقف القتال ومساعدة السودانيين”، قاصدا بذلك مبادرة تلك الدول لفرض هدنة لمدة 72 ساعة على الأطراف المتناحرة، والتي بدأت منتصف الاثنين الماضي لكنها سرعان ما انتُهكت.

وأشار الكاتب إلى أن اللجنة الرباعية الخاصة بالسودان -والتي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا إلى جانب السعودية والإمارات- كانت تدعم إجراء مفاوضات بين البرهان وحميدتي من أجل إعادة البلاد إلى الحكم الديمقراطي عقب الانقلاب الذي نفذاه معا في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، لكن إخفاق الرباعية في كبح جماح “الجنرالين” دفعهما نحو مواجهة “مميتة”.

حرب كارثية

ووفقا للمقال، فإن السودان -الذي بدا قبل بضع سنوات فقط على أعتاب انتقال ديمقراطي طال انتظاره- “يجد نفسه الآن في أتون حرب أهلية كارثية”.

وتتفق الدول الغربية وجيران السودان العرب والأفارقة، وكذلك الصين وروسيا، على وصف الصراع هناك بأنه “كارثة”. من جانبه، يرى دي وال أن الفشل في وضع حد للحرب يشكل إدانة صارخة للنظام الدولي، وخاصة اللجنة الرباعية.

ويضيف الخبير الدولي أنه إذا لم يتسن منع السودان من الانزلاق إلى حرب شاملة قريبا، فإن المبدأ الذي يحكم عمليات الإجلاء الدولية -والقائم على أن الكل يبحث عن مصلحته الخاصة- سيكون هو النظام السائد.

اقرأ ايضاً
مجموعة الدول الصناعية السبع ستعلن عن مشروع جديد يخص البنية التحتية العالمية

وهاجم دي وال كلا من البرهان وحميدتي، واصفا إياهما بــ”زعماء عصابات فاسدين”، مضيفا أن الأول يعتبر نفسه رئيس دولة، فيما الثاني كان شريكا للأول في الإطاحة بالإدارة المدنية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

واستعرض الكاتب في مقاله أبرز المحطات التي شهدها السودان منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير إثر ثورة شعبية عام 2019.

البرهان وحميدتي

وقال إن البرهان ليس قائدا ملهما، ويفتقر بشكل خاص إلى الكاريزما والحيوية، وأن أداءه العام باهت، ويعتمد في سلطته على قاعدة عسكرية ومصالح تجارية، وهو ما يحب على دعاة الديمقراطية في السودان أن يطلقوا عليه اسم “الدولة العميقة”. كما أن البرهان يحظى بدعم أعضاء في نظام البشير المعزول.

وأوضح أنه لم يعد سرا أن الموالين للبشير يعدّون البرهان أفضل رهان لاستعادة السلطة، ويرى العديد من السودانيين أن أنصار النظام السابق لهم يد في الحرب الدائرة بين البرهان وحميدتي.

ويتمتع حميدتي -برأي كاتب المقال- بنقاط قوة خاصة به، وقد لعب دورا حاسما في الإطاحة بالبشير أظهر طموحا وحيوية وطغى على رئيسه الحالي البرهان، كما أنه يدير إمبراطورية تجارية سريعة النمو وأقام علاقاته الخاصة مع القوى الأجنبية.

غير أن الكاتب يعتقد أنه في حال انتصر قائد قوات الدعم السريع على الجيش، فإن النتيجة المحتملة هي أن الحكومة التي سيشكلها ستكون “شعبوية وفاسدة”، ولن تفعل شيئا لعلاج أزمات البطالة المتسارعة والجوع في البلاد.

ويخلص دي وال إلى أنه ما من قوة دولية تريد استمرار هذه الحرب، كاشفا أن واشنطن قد تُفضِّل بمرور الوقت الاستقرار، ومن ثم الميل نحو البرهان، فيما قد تدفع علاقات حميدتي بمجموعة فاغنر الروسية وتجارته بالذهب مع موسكو نحو الاتجاه الآخر.

ويرى الكاتب أن ثمة الآن نافذة صغيرة لواشنطن والرياض للمطالبة بهدنة أكثر جوهرية على أسس إنسانية، والإصرار على حوار سياسي.

ولفت إلى أن الأمل هو في أن يتمكن السعوديون من إقناع القاهرة وأبو ظبي بعدم تمويل أو تسليح هذا الطرف أو ذاك، وأن يحشدوا دعما دوليا لخطة سلام يشركون فيها الرئيس الكيني وليام روتو، كما يمكن لواشنطن أن تدافع عن الحركة الديمقراطية التي خانتها بشكل مخجل.

وأشار إلى أن أي صيغة لإنهاء الحرب سوف تتطلب مهارات دبلوماسية قوية وإطار عمل متعدد الأطراف يضم الأمم المتحدة والأفارقة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى