الاخبار العاجلةسياسة

حمل هموم الأسرى وعائلات الشهداء.. لماذا استهدفت إسرائيل خضر عدنان؟

رام الله- في آخر اعتقال للأسير الفلسطيني عدنان خضر، هدد ضابط الاحتلال الإسرائيلي مخاطبا أبناء الشيخ قائلا “أبوكم يُحرك الضفة من شمالها لجنوبها بكلمة منه، سأجعله يموت في السجن” هذا التهديد جعل عدنان يعلن الإضراب الفوري عن الطعام قبل أن يخرج من بيته.

الاعتقال الذي حاول فيه الاحتلال تطويق الحالة النضالية التي كان يصنعها الشيخ عدنان بالشارع الفلسطيني من خلال مشاركته في كل الفعاليات الوطنية والشعبية والتي ارتبطت بالمقاومة والشهداء والأسرى، حوّله إلى عنوان مواجهة جديدة رفع فيه السقف بإعلان الإضراب عن الطعام رفضا لكل أنواع الاعتقال، وصولا إلى استشهاده فجر اليوم بعد 86 يوما من الإضراب.

التأثير الكبير لعدنان بالشارع الفلسطيني جعله يواجه الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال وذلك بتقديم لائحة اتهام، وعدم تحويله للاعتقال الإداري، مقابل ذلك رفع الشيخ عدنان سقف المواجهة برفض الاعتقال برمته “فالأصل في الإنسان أن يكون حرا” كما تقول زوجته رندة موسى.

وبعد استشهاده اليوم، جلست الزوجة في منزله وسط بلدة عرابة جنوب جنين شمال الضفة الغربية تحيط بها عشرات النسوة اللاتي قدمن التهنئة لها باستشهاده، تحيط بهن عشرات اللافتات والصور المعلقة على حيطان المنزل وترصد تلك الصور الإضرابات التي خاضها الشهيد سابقا.

فلسطين- جنين- عزيزة نوفل- من بيت الشهيد خضر عدنان- الجزيرة نت
عشرات النسوة يقدمن التهنئة لزوجة الشيخ عدنان باستشهاده (الجزيرة)

نقطة تحول

وخاض الشيخ عدنان 6 إضرابات عن الطعام خلال مرات اعتقاله الـ 13، أشهرها إضرابه الثاني عام 2011 عندما أعلن امتناعه عن الطعام والكلام احتجاجا على اعتقاله الإداري (اعتقال بموجب ملف سري) وقيام أحد المحققين الإسرائيليين بشتمه وإهانته وشد لحيته.

وأضرب الشيخ عدنان حينها لفترة استمرت 66 يوما، وتضامن معه الشارع الفلسطيني بالكامل، بالإضافة إلى التضامن الدولي غير المسبوق، مما جعله يفرض انتصاره على سلطات الاحتلال.

هذا الإضراب كان نقطة التحول في حياة الشيخ عدنان، الذي تحول لقائد ميداني ورمزا بالشارع الفلسطيني، وهو ما حمله مسؤولية كبيرة، كما كان يقول في مقابلات سابقة مع الجزيرة نت “أشعر أنني مسؤول عن كل من يعلن الإضراب عن الطعام اقتداء بي”.

هذا التأثير وانتمائه لحركة الجهاد الإسلامي -التي ترفع المقاومة شعارا لها- كان سبب الاعتقالات المتكررة للشيخ عدنان، ومحاولة تغييبه بشكل متعمد عن الشارع، وخاصة فترة “هبة القدس” عام 2015 وما تبعها من محطات مواجهة.

تقول زوجته للجزيرة نت “تأثير الشيخ على الشارع واضح ومحبة الناس له كبيرة، لذا حرص الاحتلال على تغييبه بالاعتقال الإداري”.

وكل مرة كان الشيخ عدنان يعلن الإضراب عن الطعام رفضا لهذا الاعتقال وكان ينتصر، وهو ما جعل الاحتلال يعلن تقديم لائحة اتهام له مباشرة بعد اعتقاله، وهو ما رفضه من خلال إضرابه الأخير.

فلسطين- جنين- عزيزة نوفل- زوجة الشيخ خضر عدنان وأبنته مريم - الجزيرة نت
زوجة الشهيد تؤكد أن الشيخ عدنان كان له تأثير كبير على الشارع الفلسطيني (الجزيرة)

عدوى المواجهة

خلال الإضرابات التي قام بها الشيخ عدنان وانتصاره فيها، رفع مستوى المواجهة بين الأسرى والاحتلال في ملف الاعتقال الإداري، واقتدى به مئات الأسرى الذين رفضوا هذا النوع من الاعتقال من خلال الإضراب.

الأسير المحرر المحامي محمد علّان أحد الذين أصابهم عدوى “المواجهة” من الشيخ عدنان، كما يقول، وسار على دربه بالإضراب عن الطعام رفضا لاعتقاله الإداري عام 2017.

التقيناه في بيت عائلة الشيخ عدنان حاملا صورته والدموع تملأ عينيه، قال للجزيرة نت “الشيخ خضر عدنان طالما كان يزعج الاحتلال بتحركاته الفاعلة وحشده هِمة الشارع الفلسطيني، فهو الشخصية الأكثر تحركا في الضفة الغربية خلال السنوات الماضية”.

وتابع علّان “الاحتلال الإسرائيلي أراد أن يُسكت صوت الشيخ، إلا أنه بقي مصرا أن يبقى شوكة في حلوقهم حتى في استشهاده”.

وفور الإعلان عن استشهاد الشيخ عدنان أعاد نشطاء تداول فيديوهات سابقة له في مسيرات ووقفات تضامنية مع الأسرى والشهداء، من بينها وقفات تضامنية خلال إضراب علّان وغيره من الأسرى بل شمل الأسرى المرضى وعائلات الشهداء الذين كان يزورهم.

هاني جرادات، أحد مؤسسي حركة الجهاد في فلسطين، قال خلال حديثه مع الجزيرة نت إن هذا النشاط للشيخ عدنان سبب استهدافه من قبل الاحتلال طوال هذه السنوات، متابعا “كان يحمل همة لو وزعت على أهل الأرض لكفتهم، فأراد الاحتلال التخلص من هذه الروح”.

وبحسب جرادات فإن تأثير استشهاد الشيخ سيكون محركا إضافيا للشارع الفلسطيني، ولن يتوقف باستشهاده “خضر رمز من الرموز لدى الأسرى وغير الأسرى وكل إنسان حر”.

فلسطين- جنين- عزيزة نوفل- هاني جرادات أحد مؤسسي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين - الجزيرة نت
جرادات يؤكد أن استشهاد الشيخ عدنان سيكون محركا إضافيا للشارع الفلسطيني (الجزيرة)

مفجر ثورة الأمعاء الخاوية

رغم التأثير الكبير للشيخ عدنان بالشارع الفلسطيني، وهو ما أزعج الاحتلال والسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، فإن التأثير الكبير كان بين صفوف الأسرى أنفسهم، ومنذ إضرابه الأول عام 2011 وحتى إضرابه الأخير عام 2023 أضرب أكثر من 410 أسرى بشكل فردي في سجون الاحتلال حقق معظمهم انتصارات ضد الاعتقال الإداري.

ولعل إضرابه الأخير -الذي رفع سقفه برفض الاعتقال بشكل عام- يترك التأثير الكبير الذي أحدثه إضرابه الفردي ضد الاعتقال الإداري أيضا، وهو ما جعل الاحتلال يرفع مستوى إجرامه معه ويرفض أي حلول وتفاوض لفك إضرابه.

تقول زوجته “الاحتلال تعمد تقديم لائحة اتهام ضد زوجي ليصل إلى هذه النتيجة، هو يعلم جيدا أنه من سن سنة الإضرابات” وعمد إلى اغتياله لإيجاد “رادع لكل من يفكر بالإضراب”.

رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس يوافق ما قالته زوجة الشهيد، واعتبر أن تقديم إسرائيل لوائح اتهام لا تتضمن تهما واضحة هو وسيلة لقتله عن عمد، والاحتلال كان يعلم جيدا أن الشيخ عدنان لن يتراجع عن قراره بالإضراب سوى بالحرية غير المشروطة.

وتابع فارس للجزيرة نت “قرار الاغتيال واضح من الطريقة التي كان يتم التعامل بها مع عدنان بعد تقدمه أيام الإضراب ورفض تقديم العلاج له والإصرار على إبقائه في عيادة سجن الرملة بلا رعاية طبية”.

وبحسب رئيس نادي الأسير الفلسطيني فإن إسرائيل تتعامل مع الإضراب هذه المرة انطلاقا من مبدأ الردع، ولم تكن لتسمح باستمرار هذا الرمز.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى