باحث أميركي: لهذا سيفوز أردوغان
لم تصف صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الانتخابات الرئاسية التركية بأنها “أهم انتخابات في العالم لعام 2023” من دون سبب. فقد استفاد الرئيس رجب طيب أردوغان بذكاء من تضاؤل النفوذ العالمي للولايات المتحدة باتباع سياسة خارجية مستقلة دائما تعزز مصلحة بلاده، والتي غالبا ما تتعارض مع مصلحة واشنطن. ونجح، بسلسلة من التوغلات العسكرية، في تقويض المشروع الأميركي لإقامة حكم ذاتي كردي في سوريا، والذي اعتبرته أنقرة مسألة أمن قومي.
في هذا السياق، يرى على دمرداش، دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ساوث كارولينا، في مقال نشرته مجلة “ناشونال إنترست” (National Interest) أن لا مبالاة واشنطن لأمن تركيا جعلت أردوغان يمضي قدما في صفقة أنظمة الدفاع الجوي الروسية “إس-400” (S-400).
وفي شرق البحر الأبيض المتوسط الغني بالطاقة، تبنى مفهوم “الوطن الأزرق”، الذي يرسم الحدود البحرية لتركيا من منظور بري.
ولفت الباحث إلى أن خصم أردوغان، المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو مصمم، بالرغم من ذلك، على التراجع عن مكاسب أردوغان المتصورة في السياسة الخارجية. ويعتبر فصائل وحدات حماية الشعب الكردية “الوطنيين الذين يحاولون إنقاذ وطنهم”.
كليجدار لا يقارن بأردوغان، لأنه قبل ترشيحه كان كثيرون في تحالف الأمة يعتبرونه غير كفء وشخصا عرضة للخطأ
وألمح الكاتب إلى أن أردوغان هو المرشح الأوفر حظا في جولة الإعادة يوم 28 مايو/أيار الجاري، ورجح خسارة كليجدار أوغلو بالرغم من الصعوبات الاقتصادية ومشاكل اللاجئين في تركيا، وهي القضايا التي ابتليت بها حملة أردوغان.
وأضاف دمرداش أن كليجدار أوغلو لا يقارن بأردوغان، لأنه قبل ترشيحه كان كثيرون في تحالف الأمة يعتبرونه غير كفء وشخصا عرضة للخطأ. وقد أشار إلى المحافظات على أنها “دول” ينبغي لتركيا أن تنخرط معها في التجارة. ولم يستطع قراءة أول سطرين من النشيد الوطني التركي.
وذكر أن كليجدار أوغلو خسر 11 مرة ضد أردوغان في السنوات الـ13 الماضية. ومع ذلك يصر على البقاء على رأس حزب الشعب الجمهوري، حتى أن المشاهير المناهضين لأردوغان وكذلك الناخبين الشباب نظموا مسيرات حاملين لافتات مكتوب فيها “أرجوك كليجدار أوغلو، لا تترشح”.
وفي المقابل، أكد أنصار أردوغان مرارا وتكرارا على جاذبيته وصفاته، وهي الجوانب التي تجعله زعيما تعامل مع نظراء مثل شي جين بينغ وفلاديمير بوتين وجو بايدن.
وقال الباحث إن هذا التناقض أثر على آراء الناخبين المترددين. وقد أعطى كليجدار أوغلو انطباعا بأنه سياسي مؤيد للغرب من دون تحفظ ومستعد لتحقيق كل ما تمليه الولايات المتحدة وأوروبا.
وعلق بأن هذا لا يبشر بالخير مع الناخبين القوميين الذين يعتقدون أن واشنطن وبروكسل هما سبب مشاكل تركيا، لا سيما في ما يتعلق بإرهاب حزب العمال الكردستاني.
وأضاف الباحث أنه بالرغم من الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد، فإن غالبية الأتراك اعتبروا مغازلة كليجدار أوغلوا لحزب اليسار الأخضر تهديدا وجوديا للجمهورية، إذ ينظر للحزب على نطاق واسع بأنه الامتداد السياسي لحزب العمال الكردستاني. كما أن محاولاته لمناشدة أنصار فتح الله غولن، المتهم الوقوف خلف محاولة الانقلاب التركية عام 2016، أضرت أكثر بفرصه.
وختم المقال بأن الجولة الأولى من نتائج الانتخابات هزت المعارضة التركية، وتبشر بهزيمة منكرة في جولة الإعادة. وسيكون لانتصار أردوغان تداعيات خطيرة ليس فقط على المعارضة التركية، ولكن من المرجح أيضا أن يؤدي إلى سياسة خارجية أكثر حزما.