استعراض عضلات عسكرية أو تهديد حقيقي لروسيا والصين.. ما السر وراء مناورات الناتو المفاجئة؟
أثار إعلان حلف شمال الأطلسي “الناتو” المفاجئ -عن إطلاق مناورات عسكرية هي الأضخم منذ تأسيسه- الكثير من التساؤلات أهمها: لماذا الآن؟ وهل للأمر علاقة بالحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ أكثر من عام؟
من وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والباحث بالمركز العربي في واشنطن خليل العناني، فإن هناك مسوغات عديدة لمناورات الناتو، من أهمها الحرب الروسية الطاحنة في أوكرانيا، وكذلك التوتر المتصاعد بين الصين وأميركا في بحر جنوب الصين.
واعتبر العناني -في تصريحات لـ “ما وراء الخبر” بتاريخ 2023/6/7- أن الناتو أراد من خلال هذه المناورات أن يبعث رسالة لموسكو تؤكد وحدة الناتو وقوته العسكرية، خاصة بعد التصعيد الواضح في الحرب التي اندلعت منذ عام وأكثر من 3 أشهر، وباتت تشهد مؤخرا هجمات تستهدف قلب العاصمة موسكو ومدنا أخرى.
ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية أن تكون المناورات تأتي في سياق التوتر المتصاعد بين الصين وأميركا في بحر جنوب الصين، معتبرا أن رسالة الناتو للصين وروسيا هي بيان حالة الاستعداد القصوى بالحلف وإمكانية تفعيل المادة الخامسة التي تنص على أن أي هجوم على أي دولة داخل الناتو يعتبر هجوما على كل الأعضاء.
رسائل جديدة
من جانبه أشار أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد إلى أن الناتو حسب قانونه الداخلي هو حلف دفاعي بالأساس، ولم يستبعد أن تكون المناورات الجديدة تحمل في طياتها رسائل جديدة، أهمها إظهار ما يمتلكه الناتو من قدرات كبيرة على تحقيق الانتشار الجغرافي بشكل واسع وسريع، وأيضا جعل روسيا والصين تدركان أن مفهوم الدفاع بات موضع بحث لأنه قد يكون استباقيا أو يمكن استخدامه في حال تعرض أي دولة من الأعضاء لعدوان خارجي.
وأوضح ماجد أن العقلية الأوروبية -بعد التراجع الكبير في الموازنات العسكرية- تغيرت بشكل جذري مع ارتفاع الإنفاق العسكري، مشيرا إلى أن أوربا تعمل على إظهار عضلاتها العسكرية الجوية وكذلك قدرتها العسكرية الواسعة، والتي قد تصبح في أي لحظة على تماس مباشر مع روسيا، وتنخرط معها في عمليات عسكرية إذا تطلب الأمر ذلك.
أما عن الأهداف المباشرة لهذه المناورات، فقال قائد الحرس الوطني الجوي الأميركي الجنرال مايكل لوه إن أولوية التدريبات العسكرية المشتركة في ألمانيا هي الردع وجاهزية القوات، معتبرا أنها أكبر حركة تدريبات جوية عابرة للأطلسي يتم تنفيذها وتضم أكثر من 50 وحدة معا للوصول لقوة جوية متماسكة من سلاح الجو الأميركي، ثم إدماجها جميعا مع 24 شريكا دوليا آخر.
ومن جانب آخر، قال مسؤول عسكري أميركي للجزيرة إن المناورات تتضمن تدريبات جوية عابرة للأطلسي تعتبر الأكبر من نوعها، واضعا المناورات في سياقها الأوسع قائلا إن المشهد الإستراتيجي العالمي تغير تماما بعد حرب روسيا على أوكرانيا.
تجدر الإشارة إلى أن الناتو أعلن عن إجراء مناورات عسكرية بألمانيا، وُصفت بالتدريبات الجوية الأضخم منذ تأسيس الحلف. وتتزامن هذه المناورات التي تهدف لإظهار القدرة على الانتشار السريع والفاعل، مع أخرى مستمرة في رومانيا تحت تسمية “ديفندر 23” بمشاركة عشرات آلاف الجنود من 25 دولة على وقع تحديات متعاظمة مع روسيا والصين.