الاخبار العاجلةسياسة

تروج للشذوذ.. إجماع فلسطيني على رفض وثيقة لأونروا

غزة- جوبهت “مدونة قواعد السلوك” الصادرة عن “مكتب الأخلاقيات” في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) برفض فلسطيني واسع من هيئات رسمية وقوى سياسية ومكونات أهلية تمثل الموظفين واللاجئين، لما تضمنته من بنود تشجع على الشذوذ (المثلية الجنسية).

ويقول أحد بنود المدونة “تنظر الأونروا إلى المساواة بين الجنسين وفقا لآراء الأمم المتحدة، ونتيجة لذلك تتصف المساواة بشمول الزملاء (موظفو أونروا) والمستفيدين (جموع اللاجئين من متلقي الخدمات) من الشواذ والسحقيات وما يسمى “مزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية الأخرى”، وفي حال تعارض ذلك مع الأعراف الثقافية المحلية يجب أن تسترشد سلوكياتنا بمعايير السلوك للخدمة المدنية الدولية وغيرها من الأنظمة والقواعد التابعة للأمم المتحدة”.

وعممت أونروا هذه المدونة على مديري برامج في قطاعات التعليم والصحة والقطاعات الخدمية الأخرى، واستباقا لتعميمها على نطاق أوسع شنت هيئات وقوى فلسطينية “هجوما حادا” على أونروا، ونددت “اللجنة المشتركة لاتحادات الموظفين في الضفة الغربية وقطاع غزة ورئاسة غزة” في بيان بتوزيع هذه المدونة المؤلفة من 69 صفحة رغم التحذير المسبق كونها “تتنافى تماما مع الفطرة السليمة للبشرية جمعاء”.

ورفضت اللجنة المشتركة -التي تضم “اتحاد الموظفين المحليين- مكتب غزة الإقليمي” و”اتحاد العاملين العرب في وكالة الغوث بالضفة الغربية” و”اتحاد رئاسة غزة”- بشكل قاطع “نشر ثقافة الشذوذ الجنسي وترسيخها في مجتمعنا الفلسطيني وتزيينها كقيمة للمساواة”، ودعت “جميع الزملاء والزميلات من مديري الدوائر ورؤساء الأقسام والبرامج لإعادة هذه الإصدارات إلى مصدرها وعدم التعاطي معها، والالتزام بتعليمات الاتحاد”.

حريات جنسية وقيود سياسية

وقال معلم في مدرسة تابعة لأونروا في مخيم للاجئين للجزيرة نت إنه “ملتزم بتعليمات اتحاد الموظفين، وفي حال وصولها إلى المدارس فلن أوقع على الالتزام بهذه المدونة التي تتنافى والقيم الدينية ومنظومة القيم المجتمعية”.

وبحسب المعلم (فضل عدم الكشف عن هويته خشية تعرضه للعقاب الوظيفي)، فإن “من عادة أونروا أن تصدر مثل هذه النشرات وتتذرع بأنها “للاسترشاد” وليست ملزمة للموظفين بالتوقيع عليها في حال تعرضت للضغوط، لكن في الواقع فإنها تمارس ضغوطا شديدة وتفرض قيودا على الموظفين، أبرزها ما يتعلق بالحريات السياسية والتعبير عن الرأي”.

من جهته، قال رئيس “برنامج التعليم” في أونروا فريد أبو عاذرة للجزيرة نت إن المدونة أُرسلت عبر البريد الإلكتروني للبرامج والمؤسسات المختلفة التابعة لأونروا، وإنها “ليست خاصة بالتعليم فقط”.

وبحسب أبو عاذرة، فإنه لم يقرأها ولم يطلع بعد على تفاصيل ما تضمنته من بنود وسلوكيات، وقال إن “المدونة لا تقتصر على غزة، وإنما مناطق العمليات الخمس التابعة للوكالة”.

وأُسست أونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في العام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في مناطق عملياتها الخمس -وهي الضفة الغربية (تشمل القدس الشرقية) وغزة والأردن ولبنان وسوريا- إلى حين حل قضيتهم.

سابقة خطيرة

بدورها، وصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هذه المدونة بأنها سابقة خطيرة، وتدعو مدرسينا وتلاميذنا إلى “الشذوذ والانحراف الأخلاقي”.

وقالت الحركة في بيان إن أونروا “أُنشئت لرعاية وغوث اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى ديارهم، وليس لفرض قيم مجتمعات أخرى أو تلويث عقول تلاميذنا بقيم فاسدة”.

وقال رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية في حماس باسم نعيم إنها “ليست المرة الأولى التي تعمل فيها أونروا على تمرير أفكار أو مواقف تتنافى مع قيمنا الدينية ومنظومة عاداتنا وتقاليدنا الفلسطينية”.

اقرأ ايضاً
نيوزويك: النائبة الأميركية جايابال على حق.. إسرائيل "دولة عنصرية"

وفي حديثه للجزيرة نت كشف نعيم عن إجراءات بالإيقاف عن العمل اتخذتها أونروا في السابق ضد مديرين وموظفين لمجرد تساؤلهم عن كيفية تمرير مثل هذه الأفكار والسلوكيات الغريبة، مضيفا “حماس تراجع أونروا منذ فترة طويلة في مثل هذه المدونات التي تتضمن بنودا تروج للشذوذ وتقيد حرية الرأي والتعبير”.

وحماس -وفقا لتأكيد نعيم- لن تسمح بتمرير مثل هذه “المدونة الشاذة عن قيمنا الدينية وعاداتنا الوطنية والمجتمعية، وهي تستمد قوتها في ذلك من “الموقف الفلسطيني الجامع والرافض لها سياسيا واجتماعيا ودينيا”.

وشدد المسؤول في حماس على أن “أونروا ملزمة بالعمل وفق قوانين الدول المضيفة، ولا يمكن أن يستقيم عملها من دون التعاون مع الحكومة القائمة في غزة، ولو اضطر الأمر وتمسكت أونروا بهذه المدونة فسيكون هناك موقف بوسائل الضغط الشعبية والقانونية لمنع تمريرها”.

كما صدرت عن المجلس التشريعي وقوى سياسية ومنظمات حقوقية بيانات رافضة ومنددة، وطالبت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية ولجانها الشعبية في المخيمات الوكالة الأممية بسحب المدونة.

ورفضت الدائرة “بشكل قاطع إدراج لغة تشير إلى الميول الجنسية والهوية الجندرية في مدونة قواعد السلوك لموظفي أونروا، وأن الادعاء بوجودها بين الموظفين واللاجئين هو محض افتراء وتجنٍ على الموظفين واللاجئين معا”.

وتساءلت دائرة شؤون اللاجئين “كيف تجرؤ إدارة أونروا على إدراج مبادئ وقواعد ما زالت نقطة خلاف بين الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتجبر موظفيها على قبولها والتوقيع عليها وإلزامهم بتبني ثقافات تتعارض مع قيمهم؟ أليس هذا انتهاكا وتعديا على حقوق الموظفين؟!”.

ورأت أن بنود “قبول الموظفين بالهوية الجندرية أو الالتزام بالحيادية التي تجردهم من هويتهم الوطنية وعدم معاداة السامية وتعديل المنهاج التعليمي” هي شروط تضعها بعض الدول المانحة على أونروا، وباتت “سيفا مسلطا على رقاب اللاجئين وأونروا معا”.

مجابهة الضغوط

بدوره، هاجم منسق اللجنة المشتركة للاجئين محمود خلف أونروا، وقال إنها “بهذه المدونة تتنكر للقيم الدينية والمجتمعية للشعب الفلسطيني وتتعامل معه وكأنه يعيش في وسط أوروبا وليس في منطقة ذات ثقافة عربية إسلامية راسخة”.

وفي حديثه للجزيرة نت، شدد خلف على أن اللجنة المشتركة للاجئين (ممثلة من القوى والفصائل ومكونات ممثلة للاجئين) ستقف سندا للموظفين إذا ما تعرضوا لأي ضغوط من أونروا لإجبارهم على توقيع هذه المدونة والالتزام بها وتعميمها على مجتمع اللاجئين المستفيد من خدمات الوكالة الأممية.

من جهته، وصف رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني المحامي صلاح عبد العاطي ما تضمنته المدونة بأنه “بنود مشبوهة وغير مقبولة دينيا وأخلاقيا”، وقال “إن منظومة حقوق الإنسان العالمية تضمنت مبادئ سامية متفقا عليها دوليا لا يدرج فيها ما يعتبر على نقيض الخصوصيات الثقافية للشعوب ولا يعتبر محل إجماع دولي”.

وفي حديثه للجزيرة نت، ينظر عبد العاطي إلى هذه المدونة على أنها “محاولة خبيثة لزج المجتمع الفلسطيني في مسألة تتنافى مع قيمه ومعاييره المستقرة”، مطالبا أونروا بسحبها والاعتذار العلني عنها.

وتعتمد أونروا على مساعدات طوعية تقدمها الدول المانحة لتقديم خدمات للاجئين الفلسطينيين في مجالات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والحماية والبنية التحتية للمخيمات وتحسينها والتمويل الصغير والمساعدات الطارئة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى