مسؤول أممي سابق: مشروع إسرائيل التوسعي على وشك الاكتمال بدعم أميركي وغربي
اتهم مدير مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في نيويورك كريغ مخيبر الولايات المتحدة بأنها أكبر المعرقلين لمعاقبة من ينتهكون القانون الدولي الإنساني.
وقال إن ذلك قد تجلى في دعمها للإبادة الجماعية المرجحة في غزة، وإنها أكبر مناصري التمييز العنصري في العالم، وكشف عن أنها سنت قانونا لمهاجمة مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي عسكريا إذا تجرأت لمحاكمة أي أميركي أو أي من حلفائها.
ورد ذلك في مقابلة مطولة مع مخيبر أجراها ونشرها موقع “موندويس” الإخباري الأميركي، مستهلا تعريفه بمخيبر بأنه الرجل الذي استقال من منصبه في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، متهما الأمم المتحدة بالفشل في مهمتها لمنع “الإبادة الجماعية في غزة”.
لم يتفاجأ
وقال مخيبر في رد له على سؤال حول السبب وراء دعم أميركا إسرائيل في انتهاكاتها للقانون الدولي بما يمكن أن يكون إبادة جماعية، أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، إنه لم يتفاجأ بموقف أميركا الذي يتعارض مع موقف الشعب الأميركي.
وأوضح أن الموقف الأميركي يخدم مصالح فئة ضيقة، وهم مصنّعو الأسلحة وشركات التكنولوجيا وجماعات الضغط الإسرائيلية الذين يستخدمون كل نفوذهم، والضغط بالجزرة والعصا، للتأكد من أن الإدارات الأميركية في واشنطن لا تزال متحالفة تماما مع التطهير العرقي الإسرائيلي لقطاع غزة.
وقال إن الرئيس الأميركي جو بايدن يفعل ما فعله كل ديمقراطي وجمهوري منذ عقود، والاختلاف بينه وبين أسلافه أنه لا يهتم حتى بما يعتقده الشعب الأميركي، مضيفا أن استطلاعات الرأي أظهرت أن الغالبية العظمى من الأميركيين -جمهوريين وديمقراطيين- يعارضون الهجوم الإسرائيلي على غزة ويريدون وقف إطلاق النار وتخفيض المساعدات إلى إسرائيل.
تاريخ طويل من الازدراء
وأضاف أن هناك تقليدا طويلا من الازدراء الأميركي للقانون الدولي، ولديها أسوأ سجلات التصديق على المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، فقد صادقت كل دول العالم على المعاهدة التي تحمي حقوق الإنسان للأطفال، باستثناء أميركا، معلقا بأن “هذا يرمز لموقف أميركا العام من القانون الدولي”.
وقال إن الولايات المتحدة ترفض التصديق على نظام روما الأساسي، وتعارض الجهود الرامية إلى محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل الآليات الدولية إذا كان الجاني أميركيا أو صديقا لها.
غزو لاهاي
وأضاف أن الكونغرس أقر بالفعل قانونا يُطلق عليه “قانون غزو لاهاي”، ينص على أن الولايات المتحدة مخولة باستخدام القوة العسكرية لمهاجمة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي من أجل “تحرير” أي شخص لا تريد واشنطن محاكمته هناك.
واستمر مخيبر يقول إن هناك أسطورة مفادها أن أميركا رائدة في مجال حقوق الإنسان في العالم، “لكنني شخصيا، وخلال 40 عاما من العمل في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لم أر دليلا على ذلك”.
وأشار إلى أن أميركا تعارض بنشاط أي إجراء لمناهضة العنصرية.
الجنائية الدولية مطية للغرب
وهاجم مخيبر بشدة المحكمة الجنائية الدولية قائلا إنها أنشئت لمحاولة توفير فرصة للعدالة لأولئك الذين هم ضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، لكن وبدلا من ذلك، أصبحت آلية مستعدة فقط للتركيز على بلدان الجنوب، ومحاكمة القادة الأفارقة وعدد قليل من الآخرين، وترفض فعل أي شيء قد لا يحبه الغرب.
وأضاف أن أبرز مثال على ما يقوله ضد هذه المحكمة هو السرعة التي تصرفت بها فيما يتعلق بادعاءات ارتكاب روسيا لجرائم حرب في أوكرانيا، وإحجامها عن العمل لتجنب اتخاذ أي إجراء بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين على الرغم من حقيقة أن هذه القضايا قد رفعت قبل سنوات.
كريم خان يقوّض سمعة الجنائية
وقال إن المشكلة الراهنة هي أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي وصفه بـ”الفاسد سياسيا تماما”، يقوّض سمعة المحكمة بأكملها بسبب تحيزه وخدمته الخانعة للمصالح الغربية.
وأضاف أنه إذا أفلتت إسرائيل من جرائم الحرب واسعة النطاق، والجرائم ضد الإنسانية، والتطهير العرقي، والإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، فإن الرسالة من ذلك ستكون هي أن القواعد التي وُضعت بعد الحرب العالمية الثانية لا تنطبق على الولايات المتحدة وحلفائها، وسيكون ذلك بداية نهاية الإطار الدولي بأكمله.
المشروع التوسعي أوشك على الاكتمال
وأعرب مخيبر عن اعتقاده بأن إسرائيل تقوم حاليا بتسريع عملها لإكمال هدفها الأصلي المتمثل في التطهير العرقي لغزة ولاحقا للضفة الغربية والقدس الشرقية لتنفيذ المشروع الأكبر الذي بدأ في عام 1947، واصفا ذلك بأنه لحظة تاريخية تريد فيها إسرائيل إحراز أكبر قدر ممكن من التقدم المظلم لتعزيز مشروعها الاستيطاني الاستعماري العرقي القومي.
وأضاف أن إسرائيل ستحاول تنفيذ أكبر قدر ممكن من مشروعها الكبير في الأسابيع القليلة المقبلة، وستحاول منع أي إعادة بناء أو عودة ذات مغزى، بقصد إجبار الناجين على الاختيار بين البقاء في جنوب غزة في ظروف بائسة وغير مستدامة أو المرور عبر الحدود في رفح للعيش بالخيام في سيناء أو إرسالهم في الشتات إلى بلدان أخرى حتى يتم دفع التطهير العرقي لفلسطين إلى أبعد من ذلك بكثير.
بتواطؤ الغرب إسرائيل من النهر إلى البحر
بعد غزة، والحديث لا يزال لمخيبر، سيبدؤون، كما بدؤوا بالفعل، في تسريع الاضطهاد في الضفة الغربية. لقد قاموا بالفعل بتطهير عدد من القرى عرقيا، وحبسوا العديد في السجون، وفرضوا أوضاعا لا تطاق أكثر فأكثر على أمل طرد المزيد والمزيد من الناس من الضفة حتى يتم تعزيز رؤيتهم لدولة الفصل العنصري، والتفوق، والاستعمار الاستيطاني، والقومية العرقية “من النهر إلى البحر”.
وقال إن إسرائيل تفلت من العقاب بسبب تواطؤ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعدد من البلدان في أوروبا، وبسبب فشل الهياكل القانونية الدولية والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، ولن تقف أي من هذه الهياكل فجأة وتتخذ موقفا مبدئيا، مما يعني أن الأمل في منع إسرائيل من الإفلات من عقوبة الإبادة الجماعية، والأمل في إنهاء حلم الإسرائيليين القوي بدولة قومية عرقية وقمعية وحصرية يقع على عاتق الناس العاديين في إسرائيل وفلسطين وحول العالم.