لماذا ترفض نقابة أطباء مصر قانون المنشآت الطبية الجديد؟
القاهرة- تفاجأت نقابة الأطباء المصرية بتداول مشروع قانون المنشآت الطبية الذي أعدته وزارة الصحة على مدار أكثر من عام، دون الرجوع إلى النقابة أو طلب مشاركتها أو حتى إطلاعها عليه، رغم أخذها برأي جهات عدة.
وأعلنت النقابة رسميا اعتراضها على بنود ومواد كثيرة من القانون لعدة اعتبارات من بينها “أنه يضر بالخدمة الطبية بالقطاع الخاص، فضلا عن أن استبعادها في قانون يتعلق بممارسة المهنة الطبية، أمر غير مقبول”.
واعتبرت النقابة -في بيان لها- أنه لا حاجة للقانون الجديد، حيث إن قانون رقم 51 لسنة 1981 والمعدل بآخر رقم 153 لسنة 2004 “جيد ولا يحتاج إلا تعديل مادتين فقط وإضافة 3 مواد على الأكثر ليصبح مواكبا لواقع المنشآت الطبية”.
انتقادات
وانتقدت النقابة مشروع القانون وقالت إنه افتقر إلى أساسيات التعريف من حيث الخلط بين المنشأة الطبية والصحية، إلى جانب التعرض لتعريفات وأمور تخص الممارسة والمسؤولية الطبية بما يوحي بعدم وضوح رؤية معد المشروع.
وتضمن القانون فرض رسوم باهظة تصل إلى عشرات آلاف الجنيهات على القوافل الطبية والعيادات المتنقلة، تقول النقابة إن من يطلع على المادة يعجز من يطالعها عن فهم المراد منها.
في المقابل، دافعت وزارة الصحة المصرية عن مشروع القانون، وقال المتحدث باسمها حسام عبد الغفار، إنه يأتي استجابة للعديد من شكاوى النقابات المهنية فيما يتعلق بالتراخيص.
ولم يتطرق المتحدث، خلال تصريحات تلفزيونية، إلى نقاط الاعتراض التي أثارتها النقابة، واكتفى خلال رده على الانتقادات بالتركيز على نقطة واحدة وهي “تسهيل” إجراءات الترخيص.
وفيما يتعلق بغياب النقابة عن مناقشة إعداد القانون، أوضح عبد الغفار أن القطاع الخاص كان جزءا أساسيا من المناقشات التي تمت على مدار عام، وأن كل من يعمل في المهنة كان مشاركا إما بشكل نقابي أو مؤسسي.
اجتماع طارئ
وعقدت نقابة الأطباء اجتماعا، مساء الثلاثاء، في دار الحكمة بالقاهرة (مقر النقابة الرئيسي)، لمناقشة أوجه القصور في مشروع القانون وكل الملاحظات والإسهام في المشاركة الفعالة في رفضه وتوحيد الصف في الدفاع عن الصالح العام وصالح الأطباء.
وبشأن مخرجات الاجتماع، أفاد نقيب الأطباء أسامة عبد الحي بأنهم بصدد إعداد لجنة لصياغة المخرجات بعد مناقشة مسودة مشروع القانون، وقال للجزيرة نت عن أسباب استبعاد النقابة من مناقشة مشروع القانون “إن القائمين عليه هم من يُسألون عن هذا الأمر، فهم من استثنوا النقابة من المشاركة في المناقشة”.
وأعرب عبد الحي عن أمله في استمرار فتح قنوات الاتصال مع وزارة الصحة لمناقشة مشروع القانون والوصول إلى صيغة توافقية تحقق الصالح العام للأطباء والمرضى والدولة، “فليس من حق أو مصلحة أي أحد أن يقاطع الآخر”.
وفند المشرف العام على مشروع العلاج لأعضاء نقابات المهن الطبية والممثل لاتحاد نقابات المهن الطبية، السابق، رشوان شعبان، مشروع القانون الذي أعدته وزارة الصحة في عدة نقاط أبرزها:
- إغلاق عدد واسع من المنشآت الطبية الصغيرة التي تقدم الخدمات الطبية للمواطنين.
- مضاعفة رسوم ترخيص العيادات والمنشآت الطبية وجعله بشكل دوري وليس مرة واحدة.
- زيادة أسعار الخدمات المقدمة للمرضى وتحملهم تكاليف التراخيص المبالغ فيها والدورية.
- هجرة أعداد أكبر من الأطباء العمل في القطاع الحكومي بسبب اشتراط موافقة جهة العمل.
- استثناء الكيانات الصحية الأجنبية من القانون الوطني يخلق تشريعات وقوانين موازية.
- تضمين عقوبات مالية وأخرى سالبة للحريات تفاقم هجرة الأطباء والعجز في الرعاية الطبية.
سياسة عامة
ورأى رشوان عضو مجلس النقابة العامة للأطباء -في تصريحات للجزيرة نت- أن مشروع القانون الجديد يقطع العلاقة بين النقابة والوزارة باشتراطه تسجيل المنشأة في الوزارة وليس النقابة، وجعل دورها مقتصرا على مجرد الإخطار فقط.
واعتبر أن استثناء النقابة من المشاركة أو من أخذ رأيها “سياسة عامة تهدف إلى عدم وجود أي دور للنقابات -وهي جهات منتخبة- في صياغة أو مراجعة القوانين واقتصارها وجعلها في يد الجهة والهيئة التنفيذية”.
وحذر من أن القانون -في حال إقراره- سيشكل “انتكاسة للقطاع الطبي الخاص وينعكس بالسلب على الأطباء وعلى قطاع الصحة الرسمي وعلى المرضى، خاصة أن 65% من المصريين يعالجون في القطاع الخاص ولا توجد مظلة تأمينية شاملة، وبالتالي يجب إعادة النظر في غالبية مواد القانون”.
وتعاني مصر من نقص حاد في عدد الأطباء رغم تخرج نحو 10 آلاف طبيب سنويا، نتيجة استقالة عدد كبير منهم بسبب تدني الأجور، في حين يعاني المرضى من تدني الخدمات والازدحام وقلة عدد المستشفيات، ويلجأ الأطباء والمرضى إلى القطاع الخاص للحصول على أجور وخدمات أفضل.
وفي عام 2022، قدم 4261 طبيبا استقالتهم من قطاع الصحة الحكومي بمعدل 12 طبيبا وطبيبة يوميا، وفق حصر أجرته نقابة الأطباء بالقاهرة، في مؤشر على تزايد الاستقالات وتفاقم أزمة نقص الأطباء حيث يعمل 65% منهم خارج مصر.
وبحسب دراسة حكومية سابقة أعدها المجلس الأعلى للجامعات والمكتب الفني لوزارة الصحة المصرية، فإن عدد الأطباء المسجلين في الوزارة يبلغ نحو 57 ألف طبيب، في حين أنها تحتاج إلى 110 آلاف طبيب لتغطية متطلباتها.
وتشير الدراسة -التي أُجريت في منتصف 2019- إلى أن القوة الحالية للأطباء بمصر لا تتجاوز نسبة 38% من القوى الأساسية المرخص لها بمزاولة المهنة، بواقع 82 ألف طبيب من جميع التخصصات من أصل 213 ألفا حاصلين على تصاريح سارية لمزاولة المهنة.