مقره ليبيا ويستهدف القارة السمراء.. “الفيلق الأفريقي” نسخة بديلة لفاغنر
تعتزم روسيا تشكيل قوات عسكرية خاصة تعرف باسم “الفيلق الأفريقي” بديلا لمرتزقة فاغنر، ولكن بشكل ومهام مختلفة وربما أكثر تأثيرا على ليبيا وبقية الدول الأفريقية، وذلك بحسب ما نقلت وكالة الأناضول عن صحيفة فيدوموستي الروسية.
وقالت الصحيفة إن موسكو بدأت تشكيل الفيلق ليحل محل قوات فاغنر، ومن المفترض أن يكتمل هيكله بحلول صيف 2024، ليكون حاضرا في 5 دول أفريقية.
وأضافت أن الفيلق سينشط في ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر، وسيتبع مباشرة الإدارة العسكرية، ويشرف عليه الجنرال يونس بك يفكوروف نائب وزير الدفاع الروسي.
وبجانب تقرير الصحيفة، صدر لاحقا تصريح أميركي بشأن “الفيلق الأفريقي”، لكن لم تصدر أي إفادة رسمية روسية بخصوصه، ولم تعقب بشأنه السلطات الليبية ولا قوات “شرق ليبيا” التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر.
ملامح وأهداف الفيلق
وقال عادل عبد الكافي الخبير والمستشار العسكري السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي للأناضول إن “الخطوات الفعلية لإنشاء الفيلق الروسي الأفريقي بدأت بعد اغتيال مؤسس فاغنر يفغيني بريغوجين في تحطم طائرة في أغسطس/آب الماضي، واتخذت وزارة الدفاع الروسية خطوات للتفاهم مع حفتر بشأن التعامل مع القيادات الجديدة لفاغنر”.
وأضاف عبد الكافي أن الدفاع الروسية اتخذت خطوات أخرى لإنشاء الفيلق، من بينها أن تكون ليبيا مركزه الرئيسي، والتفاهم مع حفتر خلال زيارات يفكوروف المتكررة إلى مدينة بنغازي (شرق).
وأوضح أن الفيلق يضم عناصر روسية وسورية وأفريقية، نظرا للمهام التي ستوكل إليه، وهي مزيد من التغلغل في أفريقيا تحت مسميات، بينها حماية مواقع البترول والذهب التي استطاعت فاغنر الوصول إليها.
وأضاف عبد الكافي أن من مهام الفيلق أيضا، تزويد مجموعات من المتمردين داخل الدول الأفريقية بالأسلحة لدعم عمليات التمرد، فروسيا انتهجت سياسة الحرب الهجينة على مستويات منها دعم المجموعات المتمردة والانفصالية.. أي الحروب غير التقليدية والتقليدية.
وأوضح أن نواة الفيلق هي مجموعات فاغنر، مع إدماج مزيد من العناصر، فنحن نتحدث عن قوة لا تقل عن 40 إلى 45 ألف مقاتل، إذ يتكون من فرقتين إلى 5 فرق حسب القدرات القتالية وحجم العناصر.
ولدى روسيا الإمكانية لتجنيد مزيد من العناصر، وإستراتيجية واضحة وهي التغلغل في أفريقيا والإطاحة بأنظمة كانت موالية للولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين، إذ تسعى إلى إقامة أنظمة أخرى عبر دعم عمليات التمرد والانفصال، كما يقول عبد الكافي.
وفي ليبيا، ينشط عناصر فاغنر في مدينة سرت (450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس)، حيث يتمركزون في قاعدة القرضابية الجوية ومينائها البحري، بالإضافة إلى قاعدة الجفرة الجوية (جنوب)، وقاعدة براك الشاطئ الجوية (700 كيلومتر جنوب طرابلس).
المقر في ليبيا.. لماذا؟
وقال عبد الكافي إن روسيا يعنيها الوُجود في ليبيا لارتباطها بساحل البحر المتوسط، وهو موقع إستراتيجي لإيصال الإمدادات العسكرية والعناصر التابعة للفيلق إلى الدول الأفريقية الأخرى.
وأضاف أن ليبيا ممر رئيسي، خاصة في ظل تقارير أكدت اتجاه روسيا لإنشاء قاعدة بحرية في مدينة طبرق (شرق) لتكون نقطة تمركز، لتسهيل وصول البوارج والقطع البحرية المحملة بالأسلحة والعتاد ومنظومات الدفاع الجوي.
وبعد إنشاء القاعدة البحرية، بحسب عبد الكافي، سيتم الدفع بكل الإمدادات إلى الوسط الليبي الذي أصبحت روسيا تهيمن عليه بشكل كبير من خلال تمركزها في قاعدة الجفرة (وسط) وبعض القواعد والمهابط الترابية في وسط وجنوبي ليبيا.
ومنذ مطلع 2022، توجد في ليبيا حكومتان، إحداهما برئاسة أسامة حماد، وكلفها مجلس النواب (شرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة الوطنية (مقرها في طرابلس-غرب)، برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وشدد عبد الكافي على أن مشاركة حفتر في الفيلق مهمة جدا، نظرا لارتباطه بالتمدد الروسي، وهو يرى أن موسكو هي الحليف الأقوى والأنجح له كي يستمر في المشهد، ويواصل السيطرة على المنطقتين الشرقية والجنوبية.
إنهاء عصر أفريقيا الفرنسية
ووفقا للناشط السياسي وسام عبد الكبير، في حديث للأناضول، فإن روسيا تسعى بإنشاء الفيلق إلى التغلغل في باقي الدول الأفريقية لإحكام السيطرة عليها عبر تنصيب حكام جدد يراعون المصالح الروسية وإنهاء مصالح الغرب وعصر أفريقيا الفرنسية، وهذا ما شاهدناه في انقلاب النيجر.
وأضاف عبد الكبير، عضو تجمع القوى السياسية لإقليم فزان (جنوب)، أن التغلغل الروسي يستهدف دولا عديدة، فالمشروع لا يزال في الامتداد وبداية الانتشار، لذلك سيساعد الفيلق على إحكام السيطرة الروسية على مصادر الثروات والأنظمة السياسية، لتأخذ روسيا دورا بدعم مهم من حليفها الاقتصادي الصين.
وقال المحلل السياسي فرج فركاش للأناضول إن روسيا تسعى منذ مدة لاستغلال الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الأميركي من أفريقيا، حيث عززت موسكو وجودها في أفريقيا لإيجاد حلفاء لها، خاصة في ظل تزايد الرفض الأفريقي للوُجود الأوروبي.
وأضاف أن روسيا تحاول أن تقدم نفسها كدولة مناصرة لاستقلال الدول الأفريقية، بعيدا عن حقبة الاستعمار الأوروبية.