هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
غزة- رغم شعور طلاب الجامعات في قطاع غزة بكثير من الامتنان تجاه المؤسسات الأكاديمية في الضفة الغربية، لقرارها السماح باستكمال دراستهم “إلكترونيا” طلبة زائرين، فإنهم يتساءلون عن كيفية تطبيق في ظل انقطاع الكهرباء وخدمات الإنترنت، والحالة النفسية التي يعانون منها جراء الحرب.
ومنذ 7 شهور، توقفت الدراسة الجامعية والمدرسية في القطاع المحاصر، فور بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عدوانه الذي لم يستثنِ المؤسسات التعليمية، حيث دمّر نحو 100 مدرسة وجامعة بشكل كلي و295 بشكل جزئي، بحسب حصيلة للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
واعتمدت الحكومة الفلسطينية بداية مارس/آذار الماضي خطة لوزارة التعليم العالي، تهدف لاستئناف طلبة قطاع غزة مسيرتهم التعليمية عن بُعد مع جامعات الضفة طلبة زائرين.
وتنص الخطة على أن يدرس طلاب غزة في جامعات الضفة “مجانا” مدة 3 فصول دراسية كحد أقصى، بواقع 9 ساعات معتمدة في الفصل الواحد، وأن تصدر شهاداتهم من جامعاتهم “الأم”.
إيجابيات وسلبيات
يُبدي محمد بريكة، الطالب بالسنة الرابعة في كلية تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية، حماسه الشديد للدراسة، بعد أن استلم رسالة عبر البريد الإلكتروني من جامعة بيرزيت في الضفة.
ويبرر للجزيرة نت حماسه للمشروع الجديد بقوله “نريد إكمال تعليمنا حتى لا يضيع الوقت” مؤكدا أنهم يمتلكون خبرة في التعلم الإلكتروني خلال جائحة كورونا.
لكنّ بريكة يقر بوجود صعوبات كبيرة تقف في طريق إنجاح هذا المشروع المعتمد على التعليم الإلكتروني، خاصة مع انعدام الإمكانيات التي يحتاجها كالكهرباء والإنترنت، واستمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية. ويضيف “أغلب الطلاب بدون منازل، ويعيشون في خيام، وبدون كهرباء وبدون إنترنت، وبلا أجهزة حاسوب، كيف سيدرسون؟”.
وتحدث عن الحالة النفسية الصعبة التي تؤثر بشكل كبير على الطلبة، وتُضعف تركيزهم، وتساءل “كيف سيدرس الطالب وهو يعرف أنه معرض في أي لحظة للقتل وسقوط صاروخ على منزله أو على منازل جيرانه؟” كما ذكر أن من سلبيات الخطة عدم طرح الجامعات المستضيفة كافة المساقات التي يحتاجونها، وخاصة المواد العملية.
ويتفق فراس دهليز، الطالب في السنة الرابعة بقسم الإعلام الرقمي بالجامعة الإسلامية، مع بريكة، في صعوبة التعلّم عن بُعد، في ظل الظروف التي يعيشها القطاع المحاصر. ورغم ذلك، فقد سارع للتسجيل للدراسة في جامعتي النجاح وبيرزيت بالضفة، بغرض استكمال دراسته، موضحا أنه في انتظار الموافقة على طلبه.
ويستدرك في حديثه للجزيرة نت “التعليم الإلكتروني يحتاج إلى كهرباء وإنترنت، وهما غير متوفرين في قطاع غزة” وأضاف أن غالبية الطلاب يقيمون في خيام، لا توفر بيئة مناسبة للدراسة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وافتقادها للخدمات الأساسية.
كما لفت إلى أن “المزاج العام للطلبة سيئ للغاية بسبب ظروف الحرب واستمرار الجرائم الإسرائيلية” لكنه في الوقت ذاته يُثني على الخطة كونها ستُساعد طلبة غزة على إكمال دراستهم.
صعوبات تواجه الخطة
لا يختلف الدكتور سليمان الطلاّع، رئيس قسم العلوم الإدارية والمالية بكلية الدراسات المتوسطة بجامعة الأزهر في غزة، على أهمية الخطة، مشيدا بجهود وزارة التعليم العالي، وجامعات الضفة بهذا المجال، لكنه يتساءل في حديثه للجزيرة نت عن إمكانية نجاحها، في ظل الظروف الصعبة التي يحياها الطلبة.
ورأى أن الخطة قد تفيد بعض طلبة غزة الذين غادروا القطاع ويقيمون حاليا بالخارج لاستكمال متطلبات تخرجهم، أما القاطنون داخل غزة فستواجههم الكثير من المشاكل، حسب قوله.
ويضيف أن الخطة تعتمد على التعليم الإلكتروني، بينما يواجه قطاع غزة مشكلة في توفر الكهرباء والإنترنت، ويعيش النازحون في الخيام، ويوضح “هناك قصف ونزوح، وصعوبة في شحن البطاريات والهواتف، ولا يوجد كهرباء أو إنترنت، إنها مشكلة كبيرة”.
وعن الصعوبات التي يواجهها قطاع التعليم، قال الطلاع “طالما أن العدوان موجود، فستكون هناك صعوبات، لكن كل الجامعات تعمل جهدها لمساعدة الطلبة خاصة لفئة الخريجين، وما زلنا نجري دراسات تمهيدية ونجمع معلومات حول الطلبة كي نبدأ”.
ولفت إلى أن مدرسي الجامعات بغزة يعانون من نفس الظروف الصعبة التي يعاني منها الطلبة، فهم أيضا يعيشون في خيام، وبدون كهرباء وإنترنت، كما أنهم لا يحصلون على رواتبهم الشهرية، كون غالبية الجامعات “أهلية وغير ربحية” وتعتمد على رسوم الطلاب في دفع نفقاتها. لكنه يؤكد أنه ورغم الصعوبات المتوقعة فإن جامعات غزة ومدرسيها سيعملون “قدر المستطاع على الاستفادة من هذه المبادرة”.
دور مساند
يقول بَصرِي صالح، وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (تابعة للحكومة الفلسطينية في رام الله) إن المبادرة لها هدف محدد، وهو إتاحة الفرصة أمام طلبة غزة لإكمال دراستهم بسهولة ويُسر.
وأشاد في حديثه للجزيرة نت بـ”التعاطي الإيجابي” لجامعات الضفة مع هذا المشروع، مضيفا “هذا دور طليعي لخدمة أبنائنا في غزة، وهو دور طبيعي للجامعات وليس استثنائيا، وهي تقوم بواجبها مشكورة، ولم تتأخر دقيقة واحدة في الاستجابة لهذا الموضوع”.
وأفاد صالح بأن المشروع يلقى نجاحا كبيرا، حيث إن الآلاف من طلبة غزة سجّلوا، وما يزالوا يسجّلون في هذا المشروع، مضيفا “ما حكّ جلدك مثل ظفرك، ومطلوب منا أن نكون جسدا واحدا ومؤسسات وطنية واحدة وبلدا واحدا”.
كما أكد أن الجامعة الأم (في غزة) ستقع عليها مسؤولية كبيرة، حيث إن الطالب زائر ويدرس بالمجان، وعليها واجب احتساب المواد الدراسية، بالتنسيق مع الجامعة المستضيفة.
ويُقر الدكتور رائد الدبعي، نائب رئيس جامعة النجاح للشؤون المجتمعية بمدينة نابلس شمالي الضفة، أن الأوضاع التي يعيشها قطاع غزة تصعّب من إمكانية نجاح التعليم الإلكتروني.
لكنه يضيف مستدركا “أطلقنا هذه المبادرة ونعي تماما التحديات والواقع المعاش، وندرك أن هناك بعض التخصصات التي من غير الممكن تعويضها إلكترونيا مثل المساقات التي لها علاقة بالمختبرات، والتخصصات الطبية التي تحتاج لتدريب عملي ومستشفيات، لكننا نهدف إلى جسر الهوة ما استطعنا في الفاقد التعليمي”.
ويذكر الدبعي -في حديثه للجزيرة نت- أن جامعته كانت أول من بادر في 14 فبراير/شباط الماضي بإطلاق مبادرة استكمال طلبة غزة تعليمهم عن بُعد إلكترونيا. وذكر أن جامعة النجاح تلقت عشرات الآلاف من الطلبات، وتم قبول الدفعة الأولى والثانية، ووضع برنامج تفصيلي للطلبة، مؤكدا أن عددا كبيرا منهم الآن على منصات الدراسة.