آخرها فك الحصار عن تعز.. مبادرات لفتح الطرق الرئيسية في اليمن
صنعاء- اجتاز آلاف اليمنيين اليوم الخميس طريق ضاحية الحوبان إلى داخل مدينة تعز، التي ظلت مقطوعة عنهم مدة 9 سنوات، وغلبت مشاعر الفرح والارتياح كافة اليمنيين وخاصة مواطني المحافظة الذين حرموا من الدخول إلى مدينتهم، وفرقت بينهم وبين ذويهم متارس المسلحين وحقول الألغام ورصاص القناصة.
وقال الصحفي تيسير السامعي، الذي شارك جموع المواطنين في افتتاح الطريق، إن هذا الحدث أدخل السعادة إلى كل بيت في تعز، حيث كانت دموع الفرح تسبق صيحاتهم بالترحيب بإخوانهم الداخلين لمدينتهم.
ورغم حالة الفرح العارم والتفاؤل الكبير بأوساط المواطنين، فإن السامعي لا يخفي في حديثه للجزيرة نت وجود حالة توجس لدى كثير من اليمنيين من فتح طريق واحد للمدينة، فيما لا يزال هناك أكثر من 10 طرق مغلقة في وجه المواطنين، الذين تجرعوا معاناة شديدة وحوادث خطيرة على مدى سنوات.
تطور لافت
ورأى مراقبون أن ما جرى اليوم يعد تطورا لافتا يشهده اليمن بعد 9 سنوات، مما يطلق عليه “حصار الحوثيين لمدينة تعز”، وأعلن عبد الكريم شيبان رئيس لجنة التفاوض الحكومية لفتح الطرقات وعضو مجلس النواب اليمني الخميس فتح الطريق لاستقبال وخروج المواطنين، “بعد سنوات من الحصار الظالم”.
في المقابل قال أحمد أمين المساوى، القائم بأعمال محافظ تعز والمعين من قبل جماعة الحوثيين، إن ما جرى اليوم من فتح طريق الحوبان تعز هو تنفيذ لتوجيهات قائد جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي.
وقال المساوى في تصريح صحفي إنه “يحل على أبناء محافظة تعز عيدان، عيد الأضحى المبارك، وعيد فتح الطريق الرئيسي الحوبان تعز، من أجل تخفيف المعاناة على المواطنين وإعادة الحياة إلى طبيعتها، التي حاول العدو أن يمزق أوصالها”.
اعلان نجاح مبادرة السيد القائد لفتح طريق #الحوبان القصر وسط المدينة #فتح_الطرقات pic.twitter.com/o0Z5TpeXZR
— أحمد أمين المساوى (@ahmadmosawa) June 13, 2024
مبادرات حيوية
تأتي خطوة فتح الطريق الرئيسية لمدينة تعز بعد أيام من فتح الحوثيين طريق محافظة البيضاء إلى مدينة مأرب، في استجابة لمطالب شعبية بفتح الطرقات الرئيسية، التي تربط المدن والمحافظات في الشمال والجنوب، لتسهيل حركة المسافرين الذي عانوا خلال السنوات الماضية من السفر عبر الطرق الجبلية والصحراوية، ومواجهة مخاطرها التي أودت بحياة المئات من المدنيين رجالا ونساء.
وفتح الحوثيون الشهر الماضي طريقا فرعية تربط بين منطقة حيفان بمحافظة تعز ومديرية طور الباحة في محافظة لحج الجنوبية، في حين لا تزال الطريق الرئيسية (خط كرش الشريجة) التي تصل تعز بمدينة عدن مقطوعة.
من جهتها، أعلنت السلطات الحكومية بمحافظة الحديدة فتح طريق حيس باتجاه الجراحي، التي تربط محافظة الحديدة الساحلية بمحافظة تعز، وأنها في انتظار استجابة الحوثيين لفتح الطريق من جانبهم.
وكان اللواء سلطان العرادة محافظ مأرب ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قد أعلن في فبراير/شباط الماضي عن فتح الطريق الرئيسية التي تربط مدينة مأرب بالعاصمة صنعاء، عبر منطقة فرضة نهم، وهي أقصر طريق تسهل وصول عشرات آلاف المسافرين سنويا، من الذين يذهبون للحج والعمرة أو العاملين والمقيمين في السعودية.
لكن الحوثيين -وبحسب المصادر الحكومية- لم يستجيوا لفتح الطريق من جهتهم حتى اليوم، وفتحوا عوضا عن ذلك طريق البيضاء مأرب، كما أعلنوا عن فتح طريق صرواح باتجاه مأرب من جانبهم، منتظرين الجانب الحكومي للاستجابة لهذه الخطوة.
وثمة طرق رئيسية تربط الشمال بالجنوب، كطريق الضالع التي لا تزال مغلقة بالمتارس، حيث تعد نقطة تماس وطريق رئيسة تؤدي إلى مدينة عدن، كما لا تزال طريق “عقبة ثرة” التي تربط محافظة البيضاء بمحافظة أبين الجنوبية مقطوعة أيضا.
سيل بشري يتدفق على تعز، الآن.
أول ساعة بعد فك الحوثي لحصاره على مدينة تعز منذ تسع سنوات pic.twitter.com/DVdZWtLb58
— Abdulkader Al-Guneid (@alguneid) June 13, 2024
مرونة وضغوط
يرى رئيس تحرير موقع “الحرف 28” عبد العزيز المجيدي أن حصار مدينة تعز وزراعة مداخلها بالألغام من قبل الحوثيين ظل جزءا من سردية الحرب في اليمن، وأشار في حديثه للجزيرة نت أن اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018 نص على فتح الطرق ورفع الحصار عن تعز، لكن أطراف الحرب لم تستجب لذلك.
واستدل المجيدي على كلامه بتوقيع اتفاق الهدنة عام 2022، في حين لم ينفذ الحوثي بندا واحدا من الاتفاق السابق ستوكهولم، ويقول إنه لا توجد معلومات دقيقة عن حيثيات قرار الحوثيين بفتح الطرق، وخاصة طريق الحوبان تعز، “فيما كانت الحكومة اليمنية الشرعية قد أعلنت مبادرات طوال سنوات الحرب لفتح الطرق، لكن الحوثيين رفضوا وشددوا الخناق أكثر”.
ويعتقد المجيدي أن المرونة الحوثية لفتح الطرقات ظهرت أكثر في أعقاب قرارات البنك المركزي في عدن الشهر الماضي، بشأن إلغاء التعامل بالعملة القديمة (الريال) المفروضة من قبل الحوثي كعملة خاصة به، بالإضافة إلى قرارات نقل المراكز المالية للبنوك والشركات الكبرى الحكومية والمنظمات إلى عدن.
ويتمنى كثير من اليمنيين أن تؤدي خطوات فتح الطرقات إلى عملية سلام وتسوية سياسية، تنهي حالة الحرب في اليمن، التي أدت لمقتل ووفاة نحو نصف مليون يمني، وتشريد ونزوح الملايين داخل المحافظات اليمنية، كما يأملون بفتح طريق حرض الطوال التي تربط اليمن بالسعودية لتسهل حركة وتنقل اليمنيين الذي يقدر عددهم بمئات الآلاف سنويا.