الملامح الرئيسة لخطة ترامب للسياسة الخارجية
نقلت صحيفة فاينانشيال البريطانية عن حلفاء ومستشارين من أوكرانيا والشرق الأوسط، القول إن لدى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خطة عالمية متشددة -إذا تولى سدة الحكم في بلاده للمرة الثانية- تقوم على ممارسة الضغوط على أصدقاء الولايات المتحدة وأعدائها.
وتشير الصحيفة إلى أن حلفاء أميركا التقليديين في أوروبا وشرق آسيا -ناهيك عن أعدائها- يدركون أن ترامب يريد أن يُبقيهم في حيرة من أمرهم إزاء خططه في حال أُعيد انتخابه الشهر المقبل.
اقرأ أيضا
list of 2 items
نيويورك تايمز: انتخابات مزلزلة تدفع أكثر دولة ديمقراطية استقرارا بآسيا نحو الفوضى
جيف بيزوس: الحقيقة المرة أن الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام
end of list
ويؤكد معاونوه أن ترامب إذا عاد إلى البيت الأبيض فإنه سيتصرف بسرعة “تصيب المرء بالدوار” لوضع حد للحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، سيتوعد حلفاء أميركا بفرض رسوم جمركية أعلى من أي وقت مضى لحملهم على إنفاق المزيد على الدفاع ومعادلة علاقاتهم التجارية مع الولايات المتحدة، مع وضع الصين تحت الضغط.
وتنظر الصحيفة البريطانية إلى الخطة العالمية القائمة على شعار “أميركا أولا”، التي يتوخاها حلفاء ترامب ومستشاروه ومساعدوه السابقون والمحتملون، على أنها أجندة “جريئة” يتم من خلالها الحكم على الأصدقاء والأعداء على حد سواء بنفس المعيار البسيط لذي يقيس مدى رجحان فائضهم التجاري الثنائي مع الولايات المتحدة.
سواء حليف أو خصم
وتنقل عن السيناتور بيل هاغرتي -الذي عمل سفيرا لدى اليابان في ولاية ترامب الرئاسية الأولى، ويعد مرشحا محتملا لتولي منصب وزاري في ولاية ثانية- أن الأمر “لا يتعلق بما إذا كنت حليفا أو خصما (للولايات المتحدة)؛ فإن كنت شريكا تجاريا معنا، فينبغي أن تتعامل بالمثل”.
وأضاف أن ترامب “كان يسعى للمعاملة بالمثل طوال فترة وجوده في منصبه، وقد ناقش ذلك معي، فالأمر سيتطلب شيئا مثيرا يلفت انتباه الدول التي لنا علاقات تجارية معها”.
ويقول معارضو ترامب إن الكثير من هذه التوقعات تتسم “بالغطرسة والتسرع”، فيما ينظر إليها العديد من الاقتصاديين الرئيسيين على أنها تنم عن “أمية اقتصادية”.
ووفقا للصحيفة، فإن المسؤولين في جميع أنحاء العالم يقرون بأن تركيز ترامب على الداخل الأميركي توخيا للمصلحة الذاتية خلال فترة ولايته الأولى، قد طغى ليس على تفكير الجمهوريين وحدهم بل على تفكير الديمقراطيين أيضا بشأن دور أميركا في العالم.
لا يساورهم الشك
ولا يساور معظم حلفاء أميركا أدنى شك من أن علاقتهم مع البيت الأبيض في ظل ولاية ثانية لترامب، ستكون مضطربة. وقد لاحظوا كيف أن شخصيات عديدة عملت في مؤسسة السياسة الخارجية إبان ولايته الأولى، قد نأت الآن بنفسها عنه، وانتقدت بشدة إدارته.
وتزعم فاينانشيال تايمز أن المقربين من ترامب يرون أن حلفاء أميركا محقون في شعورهم بالقلق. ونقلت عن ريك غرينيل -الحليف “القوي” لترامب والمرشح لدور مهم في حال فوزه بالرئاسة- أن أعداء الولايات المتحدة يريدون أن تكون لديهم القدرة على التنبؤ، قائلا إن “ترامب لا يمكن التنبؤ بما سيفعله، ونحن الأميركيين نحب ذلك”.
وينتاب مؤيدو سياسة ترامب الخارجية الغضب من اتهام الديمقراطيين لهم بأنهم انعزاليون، وهو مصطلح له أصداء مزعجة من ثلاثينيات القرن الماضي. فهم يصرون على أنهم سيعملون على نشر القوة العسكرية إذا لزم الأمر، ولكن بشكل انتقائي وليس بشكل انعكاسي. أما بالنسبة للتحالفات، فهم يقولون إنهم يؤمنون بها ولكن شركاء أميركا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد.
وفي هذا الصدد، يقول مايك والتز، أحد أبرز المتحدثين الجمهوريين عن الأمن القومي في مجلس النواب: “لطالما ظللت أكتب خطابات لوزراء الدفاع طوال 20 عاما أتوسل فيها إلى شركائنا لمضاعفة جهودهم”، مضيفا أنه يمكن للدول الأعضاء في حلف الناتو “أن يتحملوا، بشكل جماعي، حصة أكبر من هذا العبء الدفاعي. فإذا لم يفعلوا ذلك الآن، فمتى سيفعلون؟”.
وخص بالذكر ألمانيا وفرنسا، اللتين تعدهما الصحيفة البريطانية من أكبر الاقتصادات الأوروبية، وقد تواجهان كلاهما ضغوطا خاصة في ما يتعلق بإنفاقهما الدفاعي وفوائضهما التجارية الثنائية مع الولايات المتحدة.
أولوياته
وبدوره، أعرب المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه)، فريد فليتز -الذي خدم في البيت الأبيض في عهد ترامب ويعمل الآن في مركز معهد “أميركان فيرست” للأمن الأميركي- عن اعتقاده بأن الأمر سيكون صعبا على ألمانيا وفرنسا ودول الناتو الأخرى “الذين لا يدفعون نسبة 2%” من نواتجهم الإجمالية المحلية”، محذرا إياهم أن أمن الطاقة والتوازنات التجارية وحماية خطوط الإمداد ستكون من الأولويات في فترة رئاسته الثانية.
واستنادا إلى سياسة الحماية التجارية التي تبناها في ولايته الأولى، توعد ترامب بسن نظام تعرفة جمركية جديدة وشاملة يفرض بموجبه 20% على جميع الواردات، وما يصل إلى 60% على الواردات من الصين.
وتعليقا على ذلك، يقول السيناتور هاغرتي إن فرض رسوم جمركية شاملة “ممكن تماما، دون استثناءات لبلدان بعينها”.
بديل لشبكات التحالف
ويعتقد العديد من الحلفاء، أن العلاقات الثنائية ستكتسب -في مثل هذا السيناريو- أهمية قصوى بدلا من شبكات التحالف التي سعت إدارة الرئيس جو بايدن إلى توسيعها.
ويتوقع إلبردج كولبي، أحد مساعدي البنتاغون في ولاية الرئيس السابق الأولى، أن إدارة ترامب الثانية قد تؤيد إبرام تحالفات، “ولكن بنهج مختلف”. وخص بالذكر كلا من بولندا، وكوريا الجنوبية، والهند، وإسرائيل كنماذج لهذا النوع من الحلفاء “الذين يعتمدون على أنفسهم، ولديهم القدرة والاستعداد على القيام بأمور من أجل المصالح المشتركة، حتى لو لم يتفقوا معنا دائما”.
أما ريك غرينيل حليف ترامب القوي، فقد انتقد حلفاء أميركا في أوروبا الغربية، ووصفهم بأنهم “أسرى” تفكير عفا عليه الزمن، ويتطلعون إلى مجلس الأمن الدولي لإيجاد حلول متعددة الأطراف.
وتنقل عنه فاينانشيال تايمز القول إن الأمم المتحدة “قد تكون مهمة لكنها ليست الأداة الوحيدة، وأحيانا لا تكون مفيدة جدا. نحن نفضل تشكيل تحالفات مع الأشخاص الذين يريدون إنجاز الأمور”.
إنهاء الحرب في أوكرانيا
وتلفت إلى أن ترامب وجيه دي فانس، مرشحه لتولي منصب نائب الرئيس، تحدثا مرارا وتكرارا عن رغبتهما في إنهاء الحرب في أوكرانيا. ولكن السؤال هو كيف يتأتى ذلك، وقد ظهرت رؤية نادرة في سبتمبر/أيلول عندما طرح فانس فكرة تجميد النزاع، مع وجود مناطق حكم ذاتي على جانبي منطقة منزوعة السلاح، بينما كييف في مأزق دبلوماسي، وهي ليست عضوا في الناتو.
ويجادل حلفاء ترامب بأن أوكرانيا تخسر الحرب، وبالتالي فإن الضغط من أجل التوصل إلى تسوية هو أمر صائب من الناحية الأخلاقية؛ وأنه يعتقد أنه كان ينبغي على بايدن التحدث إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تماما كما تحدث الرؤساء في السابق إلى قادة الاتحاد السوفييتي المنحل إبان الحرب الباردة؛ وأن عضوية أوكرانيا في الناتو ليست خيارا مطروحا على المدى القصير.
الضغط على بوتين ونتنياهو
وحول الكيفية التي يمكن لواشنطن بها أن تُجبر بوتين على التفاوض إذا كان يعتقد أن قواته تتقدم في أوكرانيا، فإن عضو مجلس النواب الأميركي مايك والتز يقترح على ترامب التهديد بتحطيم الاقتصاد الروسي عن طريق خفض أسعار النفط والغاز.
ويرى أن الخطوة الأولى في سبيل تحقيق هذا الهدف يتمثل في مزيد من التنقيب، وغمر الأسواق العالمية بنفط وغاز أميركيين “أرخص وأنظف”. ويصر المقربون من الرئيس السابق على أنه سيمارس نفوذا اقتصاديا قويا على بوتين.
وعن الحرب الدائرة في قطاع غزة، توضح الصحيفة أن أحد السيناريوهات للتوصل إلى حل، يكمن في إسراع ترامب إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للضغط عليه من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار يعيد الأسرى الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما أنه سيزيد الضغط على إيران رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان يحبذ خوض حرب ضدها.
وإذا أعيد انتخاب ترامب، سيكون السؤال المحوري هو كيف سيحل التباين بين “الصقور” في حزبه الجمهوري الذين يتحدثون عن حرب باردة جديدة مع الصين، وبين “غرائزه” الخاصة في استخدام النفوذ الاقتصادي وعقد الصفقات مع بكين.
وبالنسبة لتايوان، فإن انتخاب ترامب سيكون مقلقا لها، ذلك أنه أوضح بأنه يتوقع منها إنفاق المزيد على الدفاع عن نفسها.