كيف أدت التعريفات الجمركية وطموحات ترامب إلى شلل الاقتصاد الأميركي؟

كيف أدت التعريفات الجمركية وطموحات ترامب إلى شلل الاقتصاد الأميركي؟

في الأشهر الأخيرة، كان لسياسات ترامب التجارية (التعريفات الجمركية) تأثير واسع النطاق على الاقتصاد الأميركي وعلاقاتها التجارية مع القوى العالمية الأخرى.

ومن أهم الإجراءات التي اتخذها ترامب في ولايته الثانية كرئيس كان فرض الرسوم و التعريفات الجمركية الثقيلة على واردات السلع من مختلف دول العالم، وخاصة الصين، وهو ما كان له عواقب كبيرة على الاقتصاد الأمريكي.

وقد أدت هذه السياسات، التي صممت ظاهريا لدعم الإنتاج المحلي وخفض العجز التجاري، إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وإضعاف المنافسة، وخلق الأزمات في العديد من الصناعات.

التعريفات الجمركية تسبب ازمة في الأسواق المالية

لقد أدى فرض إدارة ترامب لـ التعريفات الجمركية الشاملة في أبريل/نيسان 2025 إلى دخول الأسواق المالية الأميركية في أزمة غير مسبوقة. لقد كان لهذه الأزمة تأثيرات عميقة على مؤشرات سوق الأوراق المالية الرئيسية، وثقة المستثمرين، والاستقرار الاقتصادي للبلاد.

بعد الإعلان عن التعريفات الجمركية الجديدة، انخفض مؤشر S&P 500 بأكثر من 10% في يومين متتاليين، ودخل في سوق هبوطية. خلال الفترة نفسها، خسر مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 4000 نقطة، مسجلاً أكبر انخفاض له في يومين في التاريخ. يستمر هذا المؤشر في الانخفاض.

مؤشر إس آند بي

كما انخفض مؤشر ناسداك أيضًا بنسبة 11% مع إعلان ترامب فرض رسوم جمركية. ويواصل المؤشر تراجعه، حيث سجل أول يوم عمل هذا الأسبوع سالب 2.55%.

وفي المجمل، خسرت الأسواق العالمية أكثر من 10 تريليون دولار من قيمتها. وصل مؤشر VIX، الذي يقيس تقلبات السوق، إلى أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية عام 2008 في أعقاب الأزمة، مما يعكس القلق الشديد بين المستثمرين وفقدان الثقة في الأسواق المالية الأميركية.

كما واجهت البنوك الكبرى في البلاد، مثل بنك أوف أميركا وبنك الاستثمار تي دي كاون، توقعات مخفضة للنمو الاقتصادي ومخاوف متزايدة بشأن الركود. وأشارت هذه البنوك إلى انخفاض الاستثمارات وزيادة المخاطر الاقتصادية، وأكدت على ضرورة مراجعة السياسات التجارية و التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب.

من ناحية أخرى، تراجعت قيمة الدولار الأميركي مقابل العملات العالمية الرئيسية، وواجهت سندات الحكومة الأميركية انخفاضاً في الطلب، ما يشير إلى تراجع ثقة المستثمرين في السياسات الاقتصادية للبلاد.

وتشير التوقعات إلى أن احتمال حدوث ركود في الولايات المتحدة ارتفع إلى 45%، ويحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى ركود أعمق.

ضحايا لعبة التعريفات الجمركية الحكومية:

لقد كان لفرض التعريفات الجمركية لإدارة ترامب آثار خطيرة على الشركات والأسر الأمريكية. فقد أدت إلى زيادة تكاليف الإنتاج للعديد من الشركات وواردات السلع إلى الولايات المتحدة.

كما تعرضت العديد من الشركات الصغيرة، ذات الموارد المالية المحدودة، لضغوط شديدة واضطرت إلى تسريح العمال أو رفع الأسعار للتعويض عن التكاليف المرتفعة.

ضحايا التعريفات الامريكية

وقد خلق هذا الوضع العديد من التحديات، خاصة بالنسبة للشركات التي تعتمد على استيراد الأجزاء أو المواد الخام الأجنبية. ومن ناحية أخرى، أدى انخفاض الطلب الاستهلاكي بسبب ارتفاع الأسعار أيضًا إلى انخفاض المبيعات وربحية الشركات بشكل مباشر.

بالنسبة للعديد من الأسر الأمريكية، فإن فرض الرسوم الجمركية يعني زيادة كبيرة في تكاليف المعيشة. واضطرت الأسر إلى دفع أسعار أعلى للسلع مثل الإلكترونيات والملابس والمواد الغذائية. وبحسب التقارير، تدفع الأسرة الأمريكية المتوسطة ما لا يقل عن 2100 دولار سنويا بسبب الرسوم الجمركية. وقد أدى هذا الارتفاع في التكاليف إلى فرض الكثير من الضغوط، وخاصة على الطبقات المتوسطة والدنيا من المجتمع، كما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية ونوعية الحياة لدى العديد من الناس.

وتأثرت أيضًا الشركات العائلية، التي تشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الأمريكي. وواجهت العديد من هذه الشركات، التي تعتمد على استيراد السلع الأجنبية، صعوبات مالية شديدة وأصبحت معرضة لخطر الإفلاس. ويحذر المحللون الاقتصاديون من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تراجع خطير في عدد الشركات الصغيرة والعائلية في الولايات المتحدة. وقد يكون لهذا التخفيض آثار سلبية على العمالة والنمو الاقتصادي في البلاد.

كما أنه مع ارتفاع التكاليف وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين، انخفض الطلب على السلع الفاخرة وغير الأساسية. وقد أدى هذا إلى زيادة الضغوط على الصناعات المرتبطة بالسلع الفاخرة والمطاعم وخدمات الترفيه. وخاصة في الصناعات مثل صناعة السيارات والإلكترونيات، واجهت العديد من الشركات مشاكل خطيرة في الحفاظ على حصتها في السوق واضطرت إلى تعديل الأسعار أو خفض الإنتاج للتكيف مع تغيرات السوق.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت في وقت سابق أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصلت إلى طريق مسدود مع الحكومة الصينية مع تصاعد التوترات التجارية وحرب التعريفات الجمركية، وهو ما يعرض الشركات الأميركية للخطر. وأضافت الصحيفة: إن الحرب التجارية المتصاعدة بسرعة بين الولايات المتحدة والصين أدت إلى فرض رسوم جمركية باهظة على السلع المتداولة بين البلدين، مما أدى إلى تعطيل آفاق العديد من الشركات العالمية التي تعتمد على هذه التجارة، و”لا تظهر أي علامة على نهايتها”.

المصدر: الجزيرة + رأي الخليج