ترامب يحلب دول الخليج (3 ترليون و200 مليون دولار)

ترامب يحلب دول الخليج (3 ترليون و200 مليون دولار)

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحلب دول الخليج بشكل غير مسبوق في رحلة لم تدم سوى 3 ايام. سوف نلقي نظرة هنا على المبالغ التي دفعتها كل دولة وتحت اي مسمى.

ما إن عاد الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض حتى شرع في تنفيذ أولى خطواته الخارجية، والتي لم تكن سوى جولة مدروسة إلى 3 من ابرز دول الخليج، عنوانها الظاهر “تعزيز الشراكة بين الدول”، لكن مضمونها الحقيقي “حلب الخزائن”. وبالفعل، ترامب يحلب دول الخليج بـ 3 مليار.

في زيارة حملت طابع الهيمنة أكثر من الدبلوماسية، طاف ترامب بين دول الخليج (السعودية وقطر والإمارات)، ليعيد تفعيل لعبته القديمة: الترهيب بالحماية، والابتزاز بالمصالح، مقابل عقود واستثمارات ضخمة تصب في صالح الاقتصاد الأميركي وتمويل مشاريعه الداخلية.

وفقاً لوكالات الانباء، فقد نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال هذه الزيارة في تأمين ما يفوق 3 تريليونات و200 مليار دولار امريكي، موزعة بين صفقات تسليح هائلة، ومشاريع طاقة واستثمارات في البنية التحتية، بالإضافة إلى مساهمات “طوعية” في برامج يُقال إنها تهدف لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، بينما تصب فعلياً في تمويل السياسة الخارجية الأميركية وتحسين صورة إدارته داخلياً.

لا شكل ان ترامب يحلب دول الخليج، لكن المثير للدهشة هو أن الزعماء الخليجيين استقبلوه بحفاوة لافتة، وفتحوا له أبواب القصور والخزائن على مصراعيها، في مشهد يعكس استمرار عقلية التبعية والرهان على رضا واشنطن، رغم الإهانات المتكررة التي وجهها ترامب سابقاً لحلفائه في الخليج، حين وصفهم بـ”الأثرياء العاجزين” و”البقرة الحلوب” التي يجب الاستفادة منها قبل أن تجف.

الزيارة لم تأتِ بأي طرح حقيقي لإعادة التوازن في العلاقات، بل بدت وكأنها عرض استعراضي لقوة أميركا الاقتصادية ونفوذ ترامب الشخصي، إذ لم يكتفِ بالمطالب، بل فرض الإيقاع السياسي والمالي كما يشاء، وسط صمت خليجي تام.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل هذه الدول تدفع ثمناً لحمايتها أم لخوفها؟ وهل لا تزال ترى في ترامب الرجل الذي يضمن لها البقاء مهما كان الثمن؟

ترامب يحلب دول الخليج في 3 ايام (3 ترليون دولار)

ان ترند ترامب يحلب دول الخليج لم ينطلق عن عبث، فلم يسبق لأي رئيس في العالم ان جمع اكثر من 3 ترليون دولار امريكي في 3 ايام، ناهيك انه جمعها بالسفر الى تلك الدول فقط.

سوف نلقي نظرة هنا، على المزيد من التقاصيل حول هذا المبلغ المرعب.

ترامب يحلب السعودية 600 مليار دولار

ترامب يحلب السعودية

وبحسب وكالات الأنباء الدولية، تعهدت المملكة العربية السعودية خلال الجولة الإقليمية التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع المقبلة. وتغطي هذه الاتفاقيات قطاعات مختلفة، بما في ذلك التكنولوجيا، والطاقة، والبنية التحتية، والدفاع. لكن اذا كان هذا صحيحاً، فلماذا يقولون ان ترامب يحلب دول الخليج؟

اولاً القي نظرة على لاستثمارات المزعومة:

  • التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: ستستثمر شركات أميركية مثل جوجل وأوراكل وسيلزفورس وإيه إم دي وأوبر، إلى جانب شركة داتا فولت السعودية، ما مجموعه 80 مليار دولار في مشاريع تكنولوجية في الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. تخطط شركة Datavault وحدها لاستثمار 20 مليار دولار في البنية التحتية لمركز بيانات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
  • الدفاع والفضاء: تم توقيع صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي تشمل بيع معدات عسكرية متطورة والدعم الفني لتعزيز دفاعات الأمن الجوي والفضائي والحدودي للمملكة العربية السعودية.
  • البنية التحتية والطاقة: ستنفذ شركات استشارات البناء الأمريكية مثل هيل إنترناشونال، وجاكوبس، وبارسونز، وإيكوم مشاريع في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك مطار الملك سلمان الدولي ومدينة القادسية، بقيمة 2 مليار دولار. كما وقعت شركة GE Vernova عقودًا بقيمة 14.2 مليار دولار لتصدير توربينات الغاز وحلول الطاقة.
  • طائرات: وقعت شركة أفيليس السعودية صفقة لشراء طائرات بوينج 737-8 بقيمة 4.8 مليار دولار.
  • الرعاية الصحية: تخطط شركة شامخ للحلول لاستثمار 5.8 مليار دولار في مشاريع الرعاية الصحية، بما في ذلك بناء مصنع للمحاليل القابلة للحقن في ولاية ميشيغان الأمريكية.
  • الشراكات المالية: وقعت شركة حسنة للاستثمار وفرانكلين تيمبلتون مذكرة تفاهم بقيمة 150 مليون دولار لاستكشاف فرص الاستثمار الائتماني في المملكة العربية السعودية.
  • الطاقة والغاز الطبيعي: تخطط شركة أرامكو السعودية لتوقيع مذكرات تفاهم مع شركتي نيكست ديكيد وسيمبريا الأمريكيتين في مجال الغاز الطبيعي المسال.
  • الذكاء الاصطناعي: بدأت شركة إنفيديا الأمريكية شراكة جديدة مع شركة هومين السعودية التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.
  • استثمارات اخرى: وقعت شركة الاستثمار الأميركية “بركان العالمية للاستثمارات” مذكرات تفاهم بقيمة 15 مليار دولار مع شركاء سعوديين لالتزامات استثمارية جديدة.

مع كل هذا، لما يدعون ان ترامب يحلب دول الخليج ؟

لقد اشترط ترامب على السعودية ان يستثمروا مبلغ 600 مليار دولار في الولايات المتحدة لكي يقبل بزيارة المملكة العربية السعودبة، والا فانه لن يذهب كما زعم امام الكاميرات في البيت الأبيض، بعد اسبوعين من اعادة انتخابه. هذا الشرط العلني لا يدل الا على عدم الاحترام وفرض الأتاوات.

من ناحية اخرى فان هذه الأرقام ابعد ما يمكن من الحقيقة، فلا تستطيع المملكة ان تستثمر هذا المبلغ بالرغم من انها احدى اثرى الدول في العالم والتاريخ يشهد على ذلك، على سبيل المثال:

في عام 2017 تم الإعلان عن صفقات أسلحة بقيمة 110 مليار دولار و350 مليار دولار خلال 10 سنوات. وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، تم تنفيذ 30 مليار دولار فقط (أقل من 10%) بحلول عام 2024.

وفي عام 2023، بلغ حجم التجارة السلعية 32 مليار دولار (13 مليار دولار من الصادرات السعودية، وخاصة البتروكيماويات، و19 مليار دولار من الصادرات الأمريكية، بما في ذلك التكنولوجيا).

من ناحية اخرى بلغ الاستثمار الأمريكي في المملكة العربية السعودية 11.3 مليار دولار في عام 2023، وبلغ الاستثمار السعودي في الولايات المتحدة 9.6 مليار دولار، وخاصة في قطاعي النقل والعقارات. وهي اكثر ما يمكن انجازه.

ترامب يحلب قطر ترليون و200 مليار دولار + طائرة رئاسية

ترامب يحلب قطر

ترامب يحلب دول الخليج بدئاً بالسعودية وانتهائاً بالأمارات، فكم كانت حصة قطر من هذه المهانة؟

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاقاً مع حكومة قطر بقيمة 1.2 تريليون دولار على الأقل. وأعلن ترامب أيضا عن صفقات اقتصادية بقيمة تزيد على 243.5 مليار دولار بين الولايات المتحدة وقطر، بما في ذلك مبيعات تاريخية لطائرات بوينج ومحركات جنرال إلكتريك الفضائية إلى الخطوط الجوية القطرية.

  • حصلت شركة بوينج وشركة جنرال إلكتريك للطيران على طلب تاريخي من الخطوط الجوية القطرية، صفقة بقيمة 96 مليار دولار لشراء ما يصل إلى 210 طائرة بوينج 787 دريملاينر و777X، كلها مدعومة بمحركات GE Aerospace. وهذا هو أكبر طلب لطائرة عريضة البدن وأكبر طلب لطائرة 787 في تاريخ شركة بوينج.
  • فازت شركة بارسونز بـ30 مشروعاً بقيمة إجمالية تصل إلى 97 مليار دولار في قطر. وقد أدت هذه العقود إلى تحقيق نمو كبير للشركة، ودعمت آلاف الوظائف في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
  • وقعت شركة كوانتينيوم اتفاقية استثمار مشترك مع شركة الربان كابيتال القطرية.
  • ستستثمر قطر ما يصل إلى مليار دولار في تقنيات الكم المتقدمة وتنمية الموارد البشرية.
  • وتستكمل العقود الدفاعية التي تم توقيعها عملية شراء قطر لمعدات عسكرية متقدمة من شركتين دفاعيتين أمريكيتين كبيرتين.
  • وقعت شركة رايثيون عقدا بقيمة مليار دولار لبيع معدات مضادة للطائرات بدون طيار إلى قطر. تم التوقيع على هذه الاتفاقية بين حكومتي الولايات المتحدة وقطر. وبموجب هذا العقد، ستصبح قطر أول عميل دولي لنظام FS-LIDS.
  • من جانبها وقعت شركة جنرال أتوميكس عقدا بقيمة 2 مليار دولار تقريبا لبيع نظام الطائرات بدون طيار MQ-9B إلى قطر. وقد تم توقيع هذه الاتفاقية أيضًا بين حكومتي الولايات المتحدة وقطر. تعتبر هذه الطائرة بدون طيار أكثر أنظمة الطائرات بدون طيار متعددة الأغراض تقدمًا في العالم، وهي مجهزة بالكامل بمنتجات أمريكية الصنع.

اذا كنت لا ترى السبب الذي يدفع الناس للقول بأن ترامب يحلب دول الخليج فأكمل القرائة.

لماذا قدمت قطر طائرة رئاسية فخمة للرئيس الامريكي؟ وهل يعقل ان بكون ذلك دون مقابل؟ ولماذا اتفق الديموقراطيون في الولايات المتحدة ان هذه ليست هدية بل رشوة؟

ذكرت شبكة “إيه بي سي نيوز” في هذا الصدد: إن طائرة البوينج هذه ستكون أغلى هدية تتلقاها الحكومة الأميركية على الإطلاق، وهي في الواقع بمثابة قصر طائر.

يحظر دستور الولايات المتحدة، بموجب بند المكافآت، على المسؤولين الحكوميين قبول الهدايا من أي ملك أو أمير أو دولة أجنبية. اليس من الطبيعي في هذه الحالة ان نقول بأن ترامب يحلب دول الخليج؟

كما ان الخبير الديمقراطي الأميركي مات ماكديرموت قال: “من الغريب جداً أن تقدم دولة أجنبية هدية باهظة الثمن لرئيس الولايات المتحدة، وهذا رشوة في وضح النهار”.

ترامب يحلب الامارات ترليون و400 مليار دولار

ترامب يحلب الامارات

صحيح ترامب يحلب دول الخليج لكن حصة الاماراتيين من هذا الحلب كانت الأبرز. فباختصار

حصل ترامب على قلادة ذهبية ثقيلة من الإمارات، بالإضافة إلى الطائرة التي حصل عليها من الأمير. وهي ما يدعوه الديموقراطيين بالرشوة الاماراتية. ولكن هذه ليست سوى شيء بسيط.

وفقاً لصحيفة غارديان فقد وعدت الامارات انها ستستثمر مبلغ كبير في عملة ترامب الالكتروينة كنوع الدعم الشخصي، وهذه رشوة مباشرة لا يمكن تبريرها بأي طريقة، فهي لا تعود بالنفع لأي الدولتين، بل تفيد الرئيس الامريكي فقط.

ابرز التعليقات في تويتر على حلب دول الخليج

ترامب يحلب دول الخليج ويتركهم يواجهون تعليقات نارية، سنذكر منها ما يمكن ذكره:

  • حصل ترامب على أكبر فدية من الدول العربية. من خلال زيارته لهذه الدول الثلاث، ابتز ترامب ما مجموعه 3.2 تريليون دولار من الدول العربية في المنطقة.
  • هذه الفدية الكبيرة من العرب تظهر أنه إذا لم تقاوم العدو فعليك أن تدفع له.
  • هذا يظهر عمليًا أن أي دولة تريد أن تكون مع أمريكا يجب أن تدفع مستحقاتها.
  • إن الدول العربية في المنطقة، والتي لا يوجد فيها ديمقراطية ويحكمها أنظمة ملكية وعائلية، تعلم جيداً أنها سوف تختفي إذا لم تدفع هذه الفدية.
  • سيفعلون أي شيء من أجل بقائهم. إنهم يعطون المال والشرف والهيبة وغيرها. ستكون هذه العقود وصمة عار على جباههم.
  • ترامب يعرفهم جيدًا ويعرف كيف يحلب الأبقار. لقد أخذ ترامب منهم المال وجعلهم يبدون غير مهمين ومهانين في نظر العالم الحر.

ترامب يحلب دول الخليج بكل ما اوتي من قوة، فزيارته لم تكن سوى فصل جديد من مسلسل الابتزاز الأميركي الذي يجيده هذا الرجل بمهارة تُحسد.

عاد دونالد ترامب إلى الحكم كما خرج منه: يطالب ويفرض ويأخذ، فيما تظل بعض الأنظمة الخليجية أسيرة لعقدة “الراعي الأميركي” مهما تغيّرت الإدارات وتبدلت السياسات.

وفي حين تشتد الأزمات في الداخل العربي، تُستنزف الثروات في الخارج لشراء رضا رئيس لا يخفي احتقاره لحلفائه، بل يفاخر علناً بأنه انتزع منهم تريليونات الدولارات مقابل “لا شيء تقريبًا”.

إن استمرار هذا النمط من العلاقات، القائم على الإذعان المالي والسياسي، لا ينذر فقط بتآكل السيادة، بل يُكرّس تبعية خطيرة تجعل القرار الخليجي مرتهناً لشخص لا يقدّر إلا من يدفع.

ولعل الوقت قد حان لتدرك هذه الدول أن الحماية لا تُشترى، وأن كرامة الشعوب لا تُقايض، وأن من يحلب اليوم، قد يذبح غداً.

في النهاية فان اكثر ما يؤلم في الحقيقة، هو ان ترامب يحلب دول الخليج في الوقت الذي يموت فيه الأطفال من الجوع في غزة واليمن، على يد حليف امريكا الأول.

المصدر: رأي الخليج