موسم الرياض يثير سخطًا جديداً، ما قصة الرقص على الكعبة؟
شهد افتتاح فعاليات موسم الرياض حدثًا أثار جدلًا وغضبًا عارمًا بين المسلمين حول العالم، حيث ظهر عرض فني يتضمن هيكلًا مكعب الشكل أشبه بالكعبة المشرفة، محاطًا برقصة استعراضية. أثار هذا المشهد مشاعر الاستياء، حيث اعتبر كثيرون أن فيه انتهاكًا لقدسية أعظم مواقع الإسلام.
انتشر الفيديو على نطاق واسع، حيث أبدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي غضبهم مما وصفوه بـ”إهانة الكعبة” وتحويل رمز الإسلام الأقدس إلى أداة ترفيهية. أحد المستخدمين علق بغضب: “هل انتهى احترام المقدسات إلى هذا الحد؟ السعودية حولت الكعبة إلى استعراض رخيص لرقص وموسيقى”.
بالطبع تعدى هذا الموضوع حدود المملكة بسبب حساسيته. فقد صرح أحد قادة جماعة الحوثي، بأن هذه المشاهد “تسيء لطقوس المسلمين” واتهم ولي العهد محمد بن سلمان شخصيًا بالوقوف وراء ما وصفه بـ”التعدي السافر على الرموز الإسلامية”.
ورغم التصريحات الرسمية التي نفت وجود نموذج للكعبة في عرض موسم الرياض، معتبرة أن الهيكل مجرد مرايا تعكس مؤثرات بصرية، لم تقنع هذه التبريرات الكثيرين. وأضافت السلطات أن المكعبات شائعة عالميًا، مستشهدة بمعالم مثل متجر آبل في نيويورك، وهو تصريح اعتبره البعض محاولة للتقليل من خطورة الحدث وتبرير ما لا يمكن تبريره.
ما يحدث في السعودية، الدولة التي يفترض أن تكون حامية للإسلام ومقدساته، يثير تساؤلات حقيقية عن أولويات القيادة الحالية. ففي الوقت الذي ينظر فيه المسلمون إلى المملكة كرمز للإسلام، تتحول رموزهم المقدسة إلى منصات للترفيه المثير للجدل.
هذا الحادث ليس الأول. فقد سبق أن أثار مشروع “المكعب” العملاق في الرياض، الذي يشبه الكعبة بشكل واضح، استنكارًا عالميًا. إذا كان الهدف هو تعزيز السياحة والترفيه، فهل يجب أن يكون ذلك على حساب المقدسات؟ المملكة التي تحتضن الحرمين الشريفين مطالبة بالتصرف بما يليق بهذا الدور بدلاً من استفزاز مشاعر ملايين المسلمين حول العالم.
مستقبل السعودية بين الإصلاح والترفيه: أي ثمن ندفعه؟ وهل موسم الرياض هو البداية؟
ما يحدث اليوم في السعودية بالاخص في موسنم الرياض، يشير إلى تحول جذري في هوية البلاد، التي لطالما كانت تُعرف بأنها حامية الحرمين الشريفين ومهد الإسلام. بينما تسعى القيادة السعودية إلى تحقيق رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات العالمية، يبدو أن هذه الجهود تأتي أحيانًا على حساب القيم الإسلامية الراسخة التي تميز المملكة عن بقية دول العالم.
الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تشمل تغييرات كبيرة مثل تطوير قطاع الترفيه والسياحة، وهو ما لاقى ترحيبًا من البعض باعتباره ضرورة لتحقيق تقدم اقتصادي. لكن السؤال الملح هو: هل يمكن تحقيق هذا التقدم دون المساس بالثوابت الدينية والثقافية التي تمثل روح الأمة؟
الأحداث المثيرة للجدل، مثل عرض “الرقص على نموذح يشبه الكعبة” وما الى ذلك، تفتح الباب أمام انتقادات دولية ومحلية واسعة. المحافظون داخل المملكة وخارجها يعتبرون أن مثل هذه المشاريع تضعف مكانة السعودية كرمز روحي للمسلمين. ويرون أن الترفيه والحداثة لا يجب أن يكونا على حساب احترام الرموز الدينية التي تشكل أساس هوية المملكة.
من جهة أخرى، يدافع البعض عن هذه التحولات باعتبارها خطوات ضرورية لدفع عجلة التنمية، مشيرين إلى أن التوازن بين الدين والتقدم ليس مستحيلًا. لكن هذا التوازن يبدو صعبًا عندما تتحول القضايا الدينية إلى مواضيع جدلية تُعرض على منصات الترفيه.
السؤال الأكبر الآن هو: ما هي الصورة التي تريد السعودية أن تقدمها للعالم بفعاليات موسم الرياض وغيرها؟ هل هي دولة عصرية تسعى لتحقيق تقدم اقتصادي مهما كان الثمن؟ أم أنها ستظل تحتفظ بدورها كحاضنة للإسلام ورموزه المقدسة؟
في نهاية المطاف، يبقى الحفاظ على الاحترام العميق للمقدسات الإسلامية والتقاليد المحلية ضرورة لا غنى عنها، خاصة في دولة تحمل مسؤولية الحرمين الشريفين. الترفيه والاقتصاد يمكن أن يزدهرا، ولكن ليس على حساب القيم التي تشكل جوهر الأمة. إذا كان هدف موسم الرياض او رؤية 2030 بشكل عام هو تحقيق الازدهار، فإن أولى خطوات النجاح تبدأ بالحفاظ على هوية المملكة واحترام مشاعر ملايين المسلمين حول العالم.
المصدر: الجزيرة + رأي الخليج