سوق العقارات الصيني.. فقاعة مالية ضخمة قابلة للانفجار
أزمة عملاق العقارات الصيني وأكثرها مديونية إيفرغراند (Evergrande) التي أثارت الذعر في الأسواق، الآونة الأخيرة، ليست سوى جزء من مشكلة أوسع يعاني منها سوق العقارات الصيني.
وقال لوغان رايت، مدير أبحاث الأسواق الصينية في مجموعة “روديوم غروب” (Rhodium Group) -في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) الأميركية- إن مشاكل الاقتصاد الصيني قد تبرز بوتيرة أسرع بكثير مما تتوقعه الأسواق.
وأفاد المقال أن المراقبين الصينيين المطلعين قلقون بشأن الاختلالات التي يعاني منها سوق العقارات، والذي دائما ما يوصف بأنه أحد أكبر الفقاعات المالية في التاريخ على مدى العقد الماضي.
ولكن الأسواق قررت، فجأة وبشكل جماعي، الأسبوع الماضي فقط، أن قطاع العقارات في الصين يشكل الآن خطرا حقيقيا على الانتعاش العالمي وعلى آفاق النمو الصيني على المدى الطويل، بحسب كاتب المقال.
وأضاف المقال أن أسباب وصول سوق العقارات في الصين إلى هذه النقطة تعود إلى القيود التي تفرضها الحكومة على قوى السوق.
وقال أيضا إن سوق العقارات استمر في التوسع لأن المستثمرين والمطورين كانوا يعتقدون أنه يكتسي أهمية كبرى بالنسبة للحكومة الصينية التي تعتمد عليه للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي السريعة وصافي ثروة الأسر، لذا كانوا يرون أن أي انكماش اقتصادي قد يشهده سيكون قصير الأجل.
فقاعة العقارات
وأوضح مقال المجلة أن الحكومة الصينية كانت قد تدخلت لدعم الأسواق والشركات المالية المتعثرة من قبل خوفا من
كارثة اجتماعية أو اقتصادية، مثل استجابتها لانهيار سوق الأسهم عام 2015 والتحفيز النقدي والمالي الهائل الذي وفرته عامي 2008-2009.
لكن السلطات -وفق المقال- والتي كانت تكافح لاحتواء الارتفاع السريع للأسعار، الناجم عن فقاعة العقارات، لجأت
نهاية المطاف إلى إجراءات أكثر صرامة خلفت الآن تكاليف اقتصادية باهظة.
وبعد صيف من الإجراءات التنظيمية الصارمة ضد العديد من شركات القطاع الخاص الديناميكية، تصارع الأسواق
المالية لمعرفة إلى أي مدى ستمضي بكين في تلك الإجراءات.
ويعاني سوق العقارات الصيني خللا في التوازن، فهناك وفرة في العقارات مقابل ضعف في الطلب بين الراغبين في
امتلاك العقارات واستئجارها، كما أن هناك تراجعا في عدد الأشخاص الذين ينتقلون إلى الأماكن التي يرتفع فيها عدد
المساكن المعروضة للبيع أو الإيجار، بحسب المقال.
ويعتقد كاتب المقال أنه يمكن القول إن معدلات التحضر في الصين ومعدلات تكوين الأسر بلغت ذروتها، في الوقت
الذي بدأ فيه عدد السكان في سن العمل الانخفاض بين عامي 2013 و2015، لكن بالرغم من ذلك فإن معدل مشاريع
المباني السكنية الجديدة استمر في الارتفاع.
وقد وصلت معدلات تلك المشاريع مستويات قياسية عام 2019، حيث بدأ العمل على بناء حوالي 18 مليونا إلى 19
مليون وحدة سكنية، قبل أن تتسبب جائحة كورونا في إبطاء أعمال البناء في المشاريع الجديدة نسبيا عام 2020.
وقال كاتب المقال إن المشكلة أنه لا يوجد عدد كافٍ من الشباب الذين يحتمل أن يشتروا هذه الوحدات السكنية في
المستقبل، حيث تشير أبحاث “روديوم غروب” إلى أن معدلات تكوين الأسر في المدن الصينية في المستقبل سيتراجع
إلى حوالي 5 إلى 7 ملايين سنويًا على مدار العقد المقبل، مقارنة بحوالي 9 إلى 10 ملايين العقد الماضي.
المصدر : فورين بوليسي