تقدمت دول الخليج العربي خطوات واسعة خلال السنوات الماضية، تجاه دعم توسيع مشاركة المرأة في الحياة العامة الثقافية والاجتماعية و سياسة الانفتاح الخليجي وحتى العسكرية، ما يعكس انفتاحاً كبيراً تشهده الدول الست.
وبالتزامن مع هذه السياسات حققت المرأة الخليجية نجاحات كبيرة في جميع المجالات لتصبح أيقونة تجسد تفوق المرأة العربية ومنافسة قوية للرجال في مجالات ظلت حكراً عليهم لسنوات طويلة مضت.
المرأة في الجيش
أحدث هذه الخطوات كانت سماح الكويت للنساء بالالتحاق بالجيش، بعدما اقتصر عملهن فيه لسنوات على تخصصات مدنية.
وقال الجيش الكويتي، في 12 أكتوبر الماضي، بتغريدة على “تويتر”: إن “وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي الصباح أصدر قراراً بشأن فتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بشرف الخدمة العسكرية كضباط اختصاص وضباط صف وأفراد وذلك في مجال الخدمات الطبية والخدمات العسكرية المساندة”.
وأوضح وزير الدفاع الكويتي، في تصريحات صحفية، أن القرار جاء انطلاقاً من دور ومسؤولية الجيش الكويتي في حماية البلاد، وبغية تمكين المواطنات الكويتيات من الالتحاق بشرف الخدمة العسكرية”.
خطوة الكويت هذه سبقتها إليها قطر، حيث أتاحت للنساء الالتحاق بالخدمة العسكرية اختيارياً عام 2018، كما فتحت السعودية باب التجنيد أمام النساء بداية العام 2021، وتسمح سلطنة عمان والبحرين بذلك منذ سنوات، أما الإمارات فقد أتاحت فرصة الالتحاق بالجيش للنساء عام 2014.
المرأة تصنع القرار
وسياسياً أصبحت المرأة تتمتع بفرصة واسعة للمشاركة بصنع القرار وتولي المناصب السيادية بجميع دول الخليج العربي.
ففي الكويت أقر مجلس الأمة، عام 2005، منح المرأة كامل حقوقها و سياسة الانفتاح الخليجي في الترشح والانتخاب، ومنذ ذلك الوقت أصبح الباب مفتوحاً أمام الكويتية لممارسة كامل الحياة السياسية.
ونجحت المرأة الكويتية في معظم الدورات الانتخابية المتتابعة في الفوز والحصول على مقاعد في مجلس الأمة.
وفي دولة قطر صدر قرار أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قبل 4 سنوات بتعيين 4 نساء في مجلس الشورى تمهيداً للمشاركة السياسية الواسعة للمرأة في البلاد.
علاوة على ذلك شكلت مشاركة المرأة في أول انتخابات لمجلس الشورى، الشهر الماضي، نقطة محورية، حيث بلغ عدد المرشحات
28 مرشحة تنافسن على 30 مقعداً بالمجلس، وهو ما سيترتب عليه نتائج مستقبلية قوية لدور المرأة في الحياة وسياسة الانفتاح الخليجي وقطر باعتبارها مساندة للرجل في جميع المواقع.
وفيما لم تحصل أي امرأة على أصوات في الانتخابات التشريعية القطرية عين أمير البلاد سيدتين من أصل 15
عضواً في مجلس الشورى يحق له تعيينهم؛ لتستكمل تركيبة أول مجلس شورى منتخب في البلاد.
والسيدتان هما شيخة بنت يوسف الجفيري التي تعد أول سياسية في قطر، إلى جانب حمدة بنت حسن بن عبد الرحمن
أبوظاعن السليطي.
وفي سلطنة عمان، أسفرت انتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة التي جرت عام 2019، عن فوز 86 عضواً، منهم امرأتان، هما: الدكتورة طاهرة بنت عبد الخالق اللواتية عن ولاية مطرح، وفضيلة بنت عبد الله الرحيلية عن
ولاية صحار، لترتفع مشاركة المرأة في المجلس مقارنة بالفترتين السابقتين من عضوة إلى عضوتين.
مناصب عليا
واحتلت المرأة الخليجية، خلال السنوات الماضية، العديد من المناصب العليا في بلادها خاصة في السلك الدبلوماسي،
ففي السعودية أقرت المملكة عام 2019 تعديلات على قوانينها منحت المرأة مكاسب تاريخية خاصة بعد تعديل نظام
العمل ليصبح من حقها تولي وظائف كانت حكراً على الرجال في القطاعين الحكومي والخاص.
وتحقيقاً لذلك عُينت الأميرة ريما بنت بندر سفيرة للمملكة لدى الولايات المتحدة عام 2019، لتكون أول امرأة سعودية
تتقلد هذا المنصب.
كما تم السماح للمرأة بالالتحاق بوظائف “ملازمات تحقيق” في النيابة العامة لأول مرة في تاريخ المملكة.
وفي قطر تتولى الشيخة علياء بنت أحمد آل ثاني منصب ممثلة دولة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية
في جنيف.
وتولت لولوة بنت راشد الخاطر منصب المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية القطرية، ومساعِدة وزير الخارجية، وقد
جرى تعيينها وفق قرار من أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عام 2019.
فيما تترأس الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني هيئة متاحف البلاد، ومؤسسة الدوحة للأفلام.
المرأة فرضت نفسها
وبذلك يمكن القول إن المرأة الخليجية حظيت باهتمام كبير من القيادة السياسية بدولها، وحققت انتصارات مهمة لتصبح
مرتكزاً رئيسياً في جميع قطاعات الحياة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتقول الدكتورة حنان فياض، الأستاذة المشاركة في جامعة قطر، في تصريحات صحفية سابقة لها: إن “المرأة
القطرية قد حظيت باهتمام خاص من القيادة الرشيدة، ويتضح ذلك جلياً بالسنوات الأخيرة، ولا سيما بعد إعلان رؤية قطر 2030″.
وأضافت: “تؤكد الرؤية القطرية المبدأ الذي انتهجته الدوحة في تكريم المرأة والاهتمام بقضاياها وتمكينها من الأدوات
التي تساعدها على أن تشق طريقها في صناعة نهضة قطر جنباً إلى جنب مع الرجل”.
وتابعت: “النساء القطريات لمعن في المجال السياسي، وحضرن بمهنية عالية ومنهن سعادة لولوة الخاطر المتحدثة
باسم وزارة الخارجية، التي أبهرت العالم بما تمتلك من مواهب الطلاقة والفصاحة وحسن البيان”.
تفوقت في كل المجالات
من جانبه، ذكر محمد عبد الهادي، الباحث في العلوم السياسية، في دراسة منشورة على موقع المركز العربي للبحوث
والدراسات، أن “القنوات الدستورية في دول مجلس التعاون تعزز تمكين المرأة سياسياً بما يعزز من قدرتها على
المشاركة في الحياة العامة وتحفيزها على ممارسة حقها الدستوري في الترشح والانتخاب”.
علاوة على ذلك أضاف: “المرأة الخليجية في الوقت الراهن تفوقت في مجالات عدة فكان ذلك مفتاحاً أساسياً فتح لها الأبواب المغلقة
والمجالات التي كانت محرمة عليها خضوعها والعمل بها، فأدركت القيادات السياسية في دول الخليج هذا التغير،
فاتخذت معظمها مبادرات لإشراك المرأة في صنع القرار العام”.
وأشار عبد الهادي، في دراسته، إلى أن دول الخليج سعت لسن التشريعات الكفيلة بإزالة المعوقات من طريق المرأة،
ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات كجزء من أهداف التنمية المستدامة وأيضاً تعزيزاً للسياسات الوطنية.
فی حین` ذلك أوضح أن نظرة المجتمع الخليجي تغيرت تجاه المرأة، وبدا أن مشاركتها في الحياة العامة أصبحت أمراً
حتمياً، وذلك
بسبب التعليم النظامي الذي فتح أبوابه للمرأة في بداية الخمسينيات، حتى حصلت على قسط وافر من التعليم، أهّلها
للانخراط في سوق العمل واتجهت بعد ذلك لمجالات غير تقليدية خارج نطاق التدريس والطب.
ولفت الباحث المصري إلى أن المرأة الخليجية دخلت خلال العقود الأربعة الأخيرة مجالات العمل كافة، ومن ضمنها
العسكرية، وقيادة الطائرات الحربية، والقضاء، وبدأت من بعدها الدخول بقوة في العمل السياسي.