أكبر ميدان تدريبي للدبابات.. دلالات نقل قاعدة بريطانية من كندا إلى عُمان
بريطانيا تعتزم نقل أكبر ميدان تدريبي للدبابات لها إلى شرق عُمان لافت تشهده العلاقات الثنائية بين سلطنة عمان
والمملكة المتحدة البريطانية خصوصاً في المجال العسكري، وتمثل ذلك من خلال مناورات مشتركة وتوقيع اتفاقيات أمنية وتبادل الزيارات بين المسؤولين العسكريين.
وفي هذا الإطار كشفت تقارير صحافية أن الجيش البريطاني يعتزم نقل أكبر قاعدة تدريبية له في كندا إلى منطقة الدقم
شرق سلطنة عمان، لتكون أكبر ميدان تدريبي للدبابات.
وأشارت صحيفة “تلغراف” البريطانية إلى أن وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، من المتوقع أن يعلن، هذا الأسبوع،
مغادرة القوات لقاعدة “سافيلد” في محافظة ألبرتا الكندية، التي كانت تستخدمها منذ عام 1972، والتي تدرب فيها آلاف العسكريين البريطانيين، وهي تستضيف 400 عسكري بريطاني بشكل دائم.
وقال مصدر في وزارة الدفاع للصحيفة: “إذا كانت عندكم 148 دبابة فقط، و22 منها عالقة في كندا، فهذا يعني أن
الدبابات الـ 22 غير مستعدة وغير متاحة لأي عمليات، لذا فإن وجودها في بولندا أو الدقم، يمنحها فاعلية أكثر من ناحية العمليات أو الردع”.
وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع إلى أن القاعدة في سافيلد الكندية لن تغلق قبل 2023، إذ إن هناك تدريبات واسعة
النطاق للدبابات مقررة للسنتين القادمتين.
تأمين الملاحة
ويرى المحلل السياسي يوسف سليمان الهديبان أن نقل القاعدة البريطانية من كندا إلى سلطنة عمان هي تعزيز للتعاون
الأمني بين السلطنة وبريطانيا، وهو تعاون معروف في المنطقة، وتعزيز لوجود قوات حلف الأطلسي في دول الخليج العربي.
علاوة على ذلك يؤكد، في حديثه ل، أن أحد أبرز مهام هذه أكبر ميدان تدريبي للدبابات تأمين خط الملاحة البحري؛ لوجود مضيق
هرمز، الذي يعد أحد أهم الممرات البحرية في العالم، والذي تخرج منه أغلب الصادرات النفطية والتجارية من الخليج العربي إلى العالم.
علاوة على ذلك يضيف الهديبان أن وجود القاعدة البريطانية في المنطقة الهامة من الخليج العربي فائدة كبيرة لعُمان ولدول المنطقة، وذلك من حيث الاستقرار الأمني وضبط خط الملاحة وحماية الصادرات والواردات من وإلى المنطقة، خصوصاً مع
استمرار الانتهاكات الإيرانية لخط الملاحة البحري.
خنجر عمان
وتأتي أنباء نقل القاعدة العسكرية بعد أقل من شهر على زيارة أجراها وزير الدفاع البريطاني بن والاس إلى السلطنة،
وحضر خلالها البيان العملي للتمرين العسكري المشترك العُماني البريطاني (خنجر عُمان)، وهي ثالث زيارة له خلال
عام.
وفي 27 أكتوبر الماضي، استقبل الفريق أول سلطان بن محمد النعماني، وزير المكتب السلطاني، في مكتبه الفريق
جوي مارتن سامبسون، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، والوفد المرافق له.
علاوة على ذلك أفادت صحيفة عُمان بأن المستشار البريطاني أشاد خلال اللقاء بدور السلطنة في تعزيز سبل التعاون لتحقيق المصالح المشتركة. وتم خلال المقابلة استعراض مسيرة العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، وبحث عدد من الأمور ذات الاهتمام المشترك.
في حين انطلقت مناورات خنجر عمان، في 27 أكتوبر، حيث نفّذ الجيشان البريطاني والعماني تدريباً عسكرياً مشتركاً في
سلطنة عمان، شاركت فيه وحدات مختلفة من قوات النخبة لدى الدولتين، وشهدت تدريبات بحرية وبرية وجوية في بيئة مليئة بالتحديات.
وشملت القوات البريطانية المشاركة قوات من الحرس الاسكتلندي “دراغون”، وفريقاً رفيع المستوى من لواء
الطيران القتالي للجيش البريطاني، إضافة إلى كتيبة الفوج الملكي الأيرلندي.
البساط السحري
وفي السابع من نوفمبر الجاري انطلقت في سلطنة عمان مناورة جوية تحت شعار “البساط السحري 2021″، بمشاركة قوات عمانية وبريطانية.
وأفادت وكالة الأنباء العمانية الرسمية ببدء “فعاليات التمرين العسكري الجوي العماني البريطاني المشترك، بمحافظة
ظفار”، دون تحديد عدد المشاركين ومدة المناورة.
في حين أضافت الوكالة أن المناورة “ينفذها سلاح الجو السلطاني العماني مع سلاح الجو الملكي البريطاني، بإسناد من
البحرية السلطانية العمانية وقوة السلطان الخاصة”.
بعد شملت المناورة “تنفيذ عمليات جوية تدريبية مشتركة بهدف الاستمرار في تطوير قدرات السلاح، ورفع الكفاءة
القتالية والجاهزية العملياتية لمنتسبي السلاح والكوادر الفنية والأجهزة والمعدات”، وفق المصدر ذاته.
شراكة استراتيجية
التحرك البريطاني العسكري المرتقب لم يكن جديداً، حيث سبق أن أعلن وزير الدفاع البريطاني، في 12 سبتمبر
2020، توسيع البنية التحتية لـ “قاعدة الدعم اللوجستي المشترك” للمملكة المتحدة في الساحل الجنوبي الشرقي
للسلطنة بتمويل إضافي قدره 23.8 مليون جنيه إسترليني، وكُشف النقاب عن هذا الاستثمار في ميناء الدقم خلال
زيارة الوزير إلى عُمان، عندما أشار بيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع البريطانية إلى أن “هذا الاستثمار سيزيد
ثلاثة أضعاف من حجم القاعدة البريطانية الحالية وسيساهم في تسهيل انتشار (قوات البحرية الملكية) في المحيط الهندي”.
ويشير تقرير نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن هذه الشراكة تأتي تماشياً مع رغبة عُمان في أن
تكون منفتحة أمام الجميع، وألا تخضع لهيمنة أحد، حيث سيساهم الاستثمار البريطاني الجديد في الدقم في موازنة
المصالح التجارية الصينية في المنطقة الاقتصادية الخاصة للبلاد.
علاوة على ذلك يبيّن التقرير أنه في حال تشغيل “حوض الدقم البحري لبناء السفن” كمشروع عُماني مشترك مع مجموعة شركات
“بابكوك إنترناشونال” ومقرّها لندن، فسيضم هذا “الحوض” حوضين جافين قادرين على استقبال حاملات الطائرات
البريطانية الجديدة من فئة “الملكة إليزابيث”، والقيام بعمليات رئيسية لإصلاح السفن.
ويرى أن قدرة بريطانيا على نشر قوات بسرعة في الخليج دون الحاجة إلى وضع عناصر دائمة فيه إثبات جلي إلى
حد بعيد بأنها تدعم الحلفاء في المنطقة، وهو أمر سيتمّ تأكيده بشكل متكرر خلال المناورات المشتركة