تتصاعد التساؤلات من كل حدب وصوب حول الأسباب التي تقف وراء حالات وفاة اللاعبين المفاجئة وكيف يمكن الوقاية منها، وأهمية “الطب الرياضي”.
لكن في الوقت ذاته قد تكشف “الساحرة المستديرة” عن وجهها الآخر في لحظات ما، تحول تلك الإثارة والحماس إلى أجواء من الحزن والألم وذرف للدموع.
ومن هنا يمكن استحضار حالاات وفاة اللاعبين المفاجئة التي طالت بعض اللاعبين العرب في الأيام الأخيرة، كما أن حالات مشابهة حدثت مؤخراً في ملاعب القارة العجوز أجبرت البعض على اعتزال كرة القدم نهائياً.
وفاة في ملاعب عُمان
في 22 ديسمبر 2021، توفي لاعب نادي مسقط مخلد الرقادي أثناء عملية الإحماء قبيل بدء مباراته أمام نادي السويق ضمن منافسات الدوري المحلي لكرة القدم، وفق ما أوردت وكالة الأنباء العمانية الرسمية.
بدورها قالت تقارير إعلامية عُمانية إن “الرقادي” تعرض لنوبة قلبية حادة خلال تدريبات الإحماء لفريقه، ما أدى إلى وفاته.
وكانت الأحداث قد بدأت على الهواء مباشرة؛ إذ كانت القناة الرياضية العُمانية على موعد مع استديو تحليلي قبيل انطلاق المباراة، لكن المذيع تفاجأ من عدم انطلاقها، قبل أن يتبين لاحقاً أن هناك حالة وفاة في الملعب، ما أدى إلى تأجيل اللقاء.
وبالعودة إلى الوفاة، فقد سارع الجهاز الطبي إلى نقل اللاعب الرقادي إلى المستشفى فور سقوطه أثناء عملية الإحماء، قبل أن يعلن وفاته لاحقاً فور وصوله إلى المستشفى بصورة رسمية.
و”الرقادي” يبلغ من العمر 29 عاماً، وكان مدافعاً لناديي مسقط وفنجاء، ودافع كذلك عن ألوان المنتخب العُماني الأول، وكان معروفاً في الوسط الرياضي بأنه ذو أخلاق حميدة وتواضع كبير.
وفاة في الجزائر
وبعد ثلاثة أيام من وفاة “الرقادي”، فجعت كرة القدم العربية بحالة وفاة ثانية فوق أرضية الميدان؛ إذ توفي لاعب مولودية سعيدة سفيان لوكار، خلال مباراة فريقه أمام جمعية وهران، ضمن الجولة العاشرة لبطولة الرابطة الجزائرية الثانية.
وجاءت وفاة “لوكار”، البالغ من العمر 28 عاماً، بعد دقائق من اصطدامه بحارس مرمى فريقه، بحسب ما أوردت صحيفة “الخبر” الجزائرية، التي أشارت إلى أن الواقعة حدثت في الدقيقة الـ26 من الشوط الأول.
وأوضحت أن اللاعبين حاولا رد كرة هوائية، مبينة أن “لوكار” تمكن من استئناف اللعب بفضل الإسعافات التي تلقاها
من طرف الطاقم الطبي.
لكن العودة لم تدم طويلاً فوق “المستطيل الأخضر”؛ حيث سقط اللاعب بمفرده مع حلول الدقيقة الـ35، ما استدعى تدخل الطاقم الطبي مجدداً، في محاولة لاستعادة وعيه، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل حيث فارق الحياة في الطريق
إلى المستشفى، لتتوقف المباراة على إثر ذلك، فيما عمت حالة من الحزن الأوساط الرياضية في الجزائر.
حالتا وفاة في مصر
ومطلع ديسمبر أعلن نادي المجد السكندري، الذي ينافس في دوري الدرجة الثانية المصري لكرة القدم، وفاة مدربه
أدهم السلحدار، نجم فريق الإسماعيلي السابق، بأزمة قلبية خلال مباراة لفريقه.
وبحسب بيان النادي المصري فقد أصيب السلحدار “بأزمة قلبية أثناء وجوده بملعب الفريق بالإسكندرية بعد أن سجل
فريقه هدف الفوز في الدقيقة الـ93 في مرمى الزرقا بدوري الدرجة الثانية”، حيث نقل إلى مستشفى قريب لكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة.
وأواخر ديسمبر تُوفِّي أحمد أمين، حارس مرمى نادي الرباط والأنوار المصري، أحد فرق دوري الدرجة الثالثة، بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة لفظ معها أنفاسه الأخيرة بعد مرانه مع الفريق، حيث أصيب بحالة إغماء، وفشلت
محاولات إسعافه، ولقي حتفه بعد نقله إلى المستشفى.
ما الأسباب؟
يقول الطبيب العُماني المختص في “الطب الرياضي”، د. نجيب الرواحي، إن أسباب الوفيات بين اللاعبين تتراوح بين حالة واحدة لكل 40 ألف رياضي.
“، يوضح “الرواحي”، الذي يعد أول طبيب عُماني متخصص في كهربائية القلب التداخلية، أن الأسباب تختلف بحسب عمر الشخص.
ويلفت إلى أن أسباب الوفاة لمن هم فوق 35 عاماً تعود إلى “انسداد في الشرايين التاجية للقلب”، مبيناً أن هذا “يسبب
جلطة في عضلة القلب التي تؤدي إلى الوفاة بسبب الرجفان البطيني المصاحب لجلطة القلب”.
أما فيما يتعلق بسبب الوفاة لمن هم في عمر أقل من 35 عاماً، فيقول الطبيب العُماني إن الأمر يعود إلى “أمراض
تصيب عضلة القلب أو كهربائية القلب”، مشيراً إلى أن معظمها يكون متعلقاً بالجينات.
وحول التساؤلات التي تربط حالات وفاة اللاعبين المفاجئة بفيروس كورونا واللقاحات المضادة له، يؤكد الطبيب
العُماني أنه “لا توجد دراسة إحصائية تثبت أن هناك تصاعداً، ولكن هناك تسليط إعلامي لهذه الظاهرة”.
ويبين أنه من المعروف أن بعض المصابين بفيروس كورونا “يصابون بالتهاب في عضلة القلب، وقد يؤدي إلى تليف
في جزء من العضلة، الذي قد يسبب بدوره الرجفان البطيني”.
وعاد “الرواحي” ليؤكد بأنه “ليس هناك دليل علمي على أن اللقاح ضد كورونا له علاقة بذلك”، مشدداً على ضرورة
إجراء فحص دوري للرياضيين للوقاية من حالات الوفاة المفاجئة.
حالات في القارة العجوز
ومنتصف ديسمبر، أعلن الأرجنتيني سيرجيو أغويرو، مهاجم برشلونة الإسباني، اعتزاله اللعب نهائياً بعد معاناته من مشكلة في القلب والجهاز التنفسي.
وكان أغويرو قد أصيب بدوار في مباراة فريقه أمام ألافيس، أواخر أكتوبر الماضي، حيث تم نقله إلى المستشفى
لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة؛ ليتبين إصابته بمشاكل في القلب.
وصيف 2021 كان نجم المنتخب الدنماركي كريستيان إريكسن حديث الساعة في بطولة كأس الأمم الأوروبية بعدما
تعرض لأزمة قلبية قبيل نهاية الشوط الأول من مباراة منتخب بلاده أمام فنلندا، وكاد على أثرها أن يفارق الحياة.
واحتاج الدولي الدنماركي إلى إعادة إنعاش على أرض الملعب قبل أن يستكمل تعافيه في المستشفى، حيث تم تثبيت
جهاز تنظيم دقات القلب داخل جسمه، وهو جهاز لمنع خطر الموت المفاجئ.
ومنتصف هذا الشهر توصل إنتر ميلان الإيطالي ولاعبه إريكسن إلى اتفاق لإنهاء العقد بينهما؛ لكون هذا الجهاز لا
يسمح به على المستوى الاحترافي في الدوري الإيطالي، بخلاف بطولات أخرى
حالات تاريخية
لا يزال عشاق كرة القدم يتذكرون وفاة اللاعبين المفاجئة وفاة اللاعب الكاميروني مارك فيفيان فوي خلال مواجهة
منتخب بلاده أمام كولومبيا في نصف نهائي كأس القارات عام 2003، حيث تبين لاحقاً إصابة اللاعب بتضخم في عضلة القلب، وهو ما تسبب في سكتة قلبية.
كما سقط مدافع الترجي التونسي الهادي بالرخيصة، على أرضية الملعب خلال مباراة ودية أمام أولمبيك ليون
الفرنسي عام 1997، وتبين أن سبب الوفاة سكتة قلبية مفاجئة.
وفي عام 2007 شهد الدوري الإسباني وفاة لاعب إشبيلية أنطونيو بويرتا، خلال مباراة فريقه أمام خيتافي، حيث
نجحت محاولات إنقاذه حتى ذهب إلى غرفة تبديل الملابس ثم سقط مرة أخرى ليتم نقله للمستشفى ويفارق الحياة.
وفي 30 أغسطس 2006 توفي الظهير الأيسر للنادي الأهلي ومنتخب مصر محمد عبد الوهاب؛ بعدما سقط فجأة
خلال تدريبات فريقه القاهري.
وشهدت الملاعب الإيطالية حالات وفاة شهيرة أبرزها لقائد فيورنتينا ديفيد أستوري في مارس 2018، وذلك في
معسكر فريقه، فيما فقدت الكرة الإيطالية بييرماريو موروسيني خلال إحدى مباريات دوري الدرجة الثانية في أبريل
2012، حيث سقط على أرض الملعب بعد 30 دقيقة من بداية مباراة فريقه ليفورنو مع بيسكارا.