سياسةمجتمع

رغم تحركها المتواصل للتوطين.. الكويت تبحث عن عمالة جديدة

الكويت تبحث عن عمالة جديدة بدأت الحكومة الكويتية مؤخراً العمل على استقطاب عمالة وافدة من جنسيات جديدة لم تكن تعتمد عليها خلال السنوات الماضية، وذلك في محاولة لجلب العمالة الماهرة وفتح الباب أمام دول جديدة لسد احتياج الكويت من العمالة التي شهدت نزوحاً كبيراً خلال العامين الماضيين.

وخلال العامين الماضيين، شهدت الكويت تراجعاً غير مسبوق في جملة من التخصصات؛ بسبب التداعيات الكبيرة التي فرضتها الجائحة، وكان القطاع الخاص الأكثر تأثراً بهذا التراجع.

وإلى جانب ظروف الجائحة، جاء التراجع مدفوعاً أيضاً بجملة من القرارات التي اتخذتها الحكومة ومجلس الأمة لتقليص أعداد الوافدين لصالح توظيف المواطنين.

ورغم تسريع خططها التي تهدف لتعديل التركيبة السكانية وتقليل البطالة في الوقت نفسه، فإنها لم تفلح في تحفيز المواطنين على شغل وظائف تناسب مؤهلاتهم العلمية، كما يقول التقرير الحكومي الصادر عن هيئة المعلومات.

وبعيداً عن الأهداف الحكومية والرغبات الشعبية، إلا أن كافة التقارير تؤكد أن العمالة الوافدة تشكّل مكوِّناً أساسياً في سوق العمل والحياة التجارية في الكويت كغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي.

استقطاب جنسيات جديدة

ومع مغادرة مئات آلاف الأجانب، خلال العامين الماضيين، شعر الكويتيون بعجز ملموس في العديد من القطاعات المشار إليها سالفاً، وهو ما دفع الكويت تبحث عن عمالة جديدة عن طرق لاستخدام العمالة من جنسيات لم تكن تجلبها من قبل.

ففي يوليو 2021، نقلت صحيفة “القبس” المحلية عن مصادر حكومية أن آلاف المصريين يرغبون في مغادرة البلاد بشكل نهائي، وقالت المصادر إن آلافاً سبقوا بالمغادرة، خلال العام الماضي.

ويوم الخميس 13 يناير 2022، بحث مسؤولون كويتيون مع آخرين في أوزبكستان توقيع مذكرة تفاهم لاستقطاب العمالة الأوزبكية، في خطوة هي الأولى من نوعها بين البلدين.

وفي ديسمبر 2021، قالت السفيرة الكينية لدى الكويت إن مفاوضات تجري لتوقيع اتفاقيات لاستقدام عمالة كينية للكويت لأول مرة، مشيرة إلى أن العمالة المقترحة تشمل أطباء وممرضين وفنيين، إلى جانب العمالة المنزلية.

وكان النائب الكويتي سعد الخنفور قد اقترح، هذا الشهر، إقرار قانون قدمه لزيادة المكافأة الشهرية التي تتقاضاها العمالة المحلية في الجهات غير الحكومية بنسبة 100%، وبنسبة 120% لحاملي الماجستير والدكتوراه.

ونهاية 2021، قالت صحيفة “الراي” الكويتية إن مستقبل الكويت تبحث عن عمالة جديدة الوافدة محاط بعدم اليقين؛ بسبب تضارب التصريحات الحكومية وخططها التي تتغير من وقت لآخر.

وقالت الصحيفة إن التوجهات الأخيرة للبلاد تشير إلى أن الكويت تبحث عن عمالة جديدة كوجهة للوافدين لن يكون على الأقل جاذباً للعمالة ذات المهارات المنخفضة، بخلاف ذوي الياقات البيضاء من الأطباء وأصحاب الشهادات العليا والفنيين، إلى جانب أصحاب الخبرات النوعية الذين يقدمون إضافة إلى سوق العمل.

ترحيل غير مسبوق

لم تميز السلطات في عملية تقليص الوافدين بين من قضى عمره في إعمار الكويت على مدى عقود وبين من قدم إليها
منذ بضع سنوات أو أشهر، كما أنها طالت غالبية الجنسيات من مصريين وهنود ولبنانيين وفلسطينيين وفلبينيين، وغيرهم.

وكان الهنود هم الأكثر تأثراً بالقانون الذي أقرّه مجلس الأمة، مطلع 2021، والذي يستهدف تقليص العمالة الوافدة،
هذا إلى جانب عمال وموظفين وافدين من باكستان والفلبين وبنغلادش وسريلانكا ومصر.

وساهم هؤلاء بشكل كبير في تشييد البنى التحتية في الكويت، ولا يمكن التخلي عنهم بسهولة، كما نقلت “بي بي سي”
عن أي كي باشا، الأستاذ في مركز دراسات غربي آسيا في جامعة جواهر لال نهرو في دلهي.

وتضمن القانون وضع نسبة مئوية معينة لكل جالية قياساً بعدد سكان الكويت، وعلى سبيل المثال كانت حصة الهنود
15% والمصريين 10%، ما يعني ترحيل نحو نصف مليون مصري، إضافة لمئات الآلاف من العمال من الدول الآسيوية.

ومطلع العام الماضي، كشف رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية البرلمانية الكويتية خليل الصالح عن إنهاء خدمات 25
ألف وافد يعملون في القطاع الحكومي.

وساهمت الإجراءات الكويتية في مغادرة 447 ألف وافد في 2020، بالإضافة إلى أكثر من 25 ألفاً في الثلث الأول
من 2021، ليصل إجمالي عدد المغادرين من الوافدين إلى الأراضي الكويتية خلال 16 شهراً تقريباً إلى 472 ألف شخص.

وفي مارس 2021، كشف تقرير صادر عن نظام سوق العمل عن أن الجالية الهندية تشكل النسبة العليا من المغادرين
من بين جميع الجنسيات المختلفة، بعدما انخفض إجمالي عدد العمالة بـ67809 عاملين، منهم 17398 عاملاً منزلياً.

وبلغ عدد المغادرين من الجنسية الهندية 21341 هندياً، تلاهم المصريون بـ11135 مغادراً، ثم البنغاليون بـ6136
عاملاً، وذلك في القطاع الخاص فقط.

ويمثل العاملون في الكويت 60.5% من مجموع السكان، وتتصدر الجنسيات الهندية والمصرية والبنغالية والسورية
قائمة العمالة الوافدة في الكويت، بواقع مليون و12 ألف هندي، و671 ألف مصري، و281 ألف بنغالي، و160 ألف سوري.

عقبات يصعب تجاوزها

لكن مجلة “ميد” البريطانية نقلت عن خبراء أن هناك بعض المجالات التي ستكون بحاجة دائمة للمقيمين؛ مثل البناء
في المواقع أو العمل المنزلي.

ولفتت المجلة في تقرير، مطلع العام الجاري، إلى وجود نقص في قطاع الرعاية الصحية، وهو ما دفع الحكومة إلى
توظيف ما يقرب من ألف طبيب وممرض وفني من باكستان، منذ أكتوبر 2020؛ لتعزيز كفاءاتها الطبية.

وسبق أن قال الخبير الاقتصادي المصري عبد النبي عبد المطلب” إن عمليات التوطين في دول
الخليج عموماً غير قابلة للتحقق كما هو مخطط لها؛ لكونها تصطدم بكثير من العقبات، أقلها عدم قبول المواطنين بالعمل في القطاعات الخدمية.

وفي تقرير سابق، ذكر بنك الكويت الوطني أن التعداد السكاني للكويت شهد في عام 2020 أعلى معدل تراجع على
أساس سنوي منذ نحو 30 عاماً بنسبة 2.2%.

وانخفض عدد السكان مجدداً بنسبة 0.9% منذ بداية عام 2021 وحتى النصف الأول منه، ليصل إلى 4.62 ملايين نسمة. وقد عزا البنك هذا التراجع بشكل رئيسي إلى استمرار انخفاض أعداد الوافدين، في حين استمر عدد المواطنين الكويتيين في التزايد.

وأضاف أن استمرار تطبيق سياسات توطين الوظائف (التكويت) وضعف البيئة الاقتصادية بسبب الجائحة
دفعا الشركات إلى تسريح الموظفين، مما دفع الآلاف من الأسر الوافدة إلى المغادرة.

وغادر 257 ألف وافد البلاد نهائياً بنهاية 2021، بينهم 205 آلاف يعملون في القطاع الخاص، و7 آلاف في
مؤسسات حكومية، بحسب تقرير هيئة المعلومات المدنية ونظام سوق العمل، الصادر مطلع العام.

وكان القطاع الخاص الأكثر مغادرة للوافدين، تلاه القطاع العائلي “العمالة المنزلية”، الذي شهد مغادرة 41200 عامل منزلي البلاد خلال 2021.

وحالياً في الكويت 2.7 مليون موظف في القطاعين العام والخاص، تمثل العمالة المنزلية (639 ألف وافد) 22.8%
منهم، فيما يمثل الكويتيون البالغ عددهم 23 ألفاً ما نسبته 16.2%، ويعمل غاليتهم في مؤسسات الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى