مجتمعمنوعات

الإيجارات في دول الخليج.. أزمة فاقمتها جائحة كورونا

ما يزال قطاع الإيجارات في دول الخليج  يشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب التداعيات العالمية التي تركتها جائحة كورونا، حيث واجه معظم سكان العالم أزمة حادة في قطاع الإسكان أثرت في قدرة المواطنين على تحمل تكاليف إيجار السكن أو شراء منزل.

ودفعت جائحة كورونا بعض ملاك العقارات السكنية والمستأجرين في السعودية إلى التحول في سداد أجرة السكن إلى الدفع الشهري بدلاً من الدفعات خلال 6 أو 3 أشهر، في ظل تأثر العديد من القطاعات التجارية بالجائحة، ما ساهم في تأخر صرف الرواتب لبعض المنشآت، وتخفيضها من قبل منشآت أخرى.

وأكد مختصون لصحيفة “عكاظ” السعودية أن بعض ملاك العقارات وافقوا خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع جائحة كورونا، على سداد أجرة عقاراتهم بشكل شهري، لضمان وصولها وعدم تأخرها وتراكمها على المستأجرين، خصوصاً أن منصة إيجار تتيح خاصية السداد بشكل شهري للعقود المرتبطة بها.

وذكر رئيس “طائفة العقار” بمحافظة جدة، خالد الغامدي، أن أزمة كورونا ساهمت في تسهيل إجراءات سداد الإيجارات في دول الخليج بين المالك والمستأجر، خصوصاً في ظل تأثر بعض قطاع الأعمال بالأزمة، وما نتج عنه من تأخر في سداد الرواتب، أو تخفيض سداد الرواتب في بعض القطاعات، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة خلال الفترة الماضية.

وبيّن الغامدي في حديثه للصحيفة أن “موافقة ملاك العقارات والمستأجرين على سداد الأجرة بشكل شهري قد تكون له انعكاسات إيجابية بين الطرفين، فمالك العقار قد لا يرغب بذهاب المستأجر الحالي لمسكنه، والمستأجر قد لا يتمكن من سداد أجرة المسكن لعدة أشهر قادمة، وإنما يتمكن من السداد الشهري فقط، فهذه الحالة تعد هي الخيار الأمثل للطرفين”.

ارتفاع متواصل

من جانبه أكد الخبير العقاري نسير عمر العجلي أن هناك زيادة في أسعار العقارات وإيجارات الشقق مؤخراً في أماكن كثيرة بالدوحة، وصلت أحياناً إلى 20%، وأن عبارة: “لا يوجد لدينا ما يلبي حاجة المستأجر” أصبحت سائدة ومتداولة.

وقال الخبير العقاري، خلال مقابلة مع برنامج “نبض الاقتصاد” على تلفزيون قطر في نوفمبر الماضي: “لمسنا زيادة الأسعار كثيراً في الشقق في أماكن كثيرة في الدوحة.. وشهدنا زيادة في الإيجار مقارنة مع الـ6 أشهر الماضية تصل إلى 20% في الإيجارات، خاصة في لوسيل واللؤلؤة”.

وأضاف: أصبح السمت العام لدى جميع أصحاب الإيجارات في دول الخليج هو زيادة العقار، مما دفع المستأجرين إلى التحايل على هذه الزيادة بطلب تجديد لمدة سنتين لتفويت الفرصة على المطور أو صاحب العقار أن يزيد مرة أخرى، خاصة إذا كانت فترة الزيادة تلامس أو تقارب فترة استضافة كأس العالم لكي ينجو المستأجر من زيادة أخرى قد تكون مبررة أو غير مبررة في ذلك الوقت.

ويتوقع عقاريون أن يكون عام 2022 هو عام تصحيح الإيجارات في الإمارات، مشيرين إلى أن نسبة الزيادة المتوقعة لإيجارات الشقق تصل إلى 10%، في حين تراوح الزيادة في إيجارات الفلل بين 10 و20%.

وأوضحوا أن الكثير من الملاك يرون أن تسارع وتيرة التعافي الاقتصادي يجعل الوقت مناسباً لرفع الإيجارات وتعويض جانب من العوائد المفقودة خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا.

وقال مؤسس شركة الليوان الملكي للعقارات بدبي، محمد حارب، إن الإيجارات في دول الخليج بدأت حركة الصعود خلال الربع الرابع من العام الماضي، ومن المتوقع أن تواصل صعودها خلال هذا العام، نتيجة تسارع وتيرة التعافي الاقتصادي مع جائحة كورونا وتحسن الطلب بشكل كبير على القطاع العقاري، لا سيما في دبي.

انعكاسات سلبية

وفي الكويت كشفت بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، أن 30% من الأسر الكويتية تعيش بالإيجار، وأن عدد العوائل الكويتية وصل إلى 313 ألفاً، في الوقت الذي وصل عدد الطلبات الإسكانية في المؤسسة العامة للرعاية السكنية إلى 91.5 ألف طلب.

ويكلف العدد الكبير من الطلبات الإسكانية الدولة سنوياً نحو 544.42 مليون دولار، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على
ميزانية الدولة، في الوقت الذي يعيش معظم هؤلاء في شقق استثمارية أو بيوت بالإيجار.

ويشير الخبراء إلى أن مثل هذه الزيادات ستكون لها انعكاسات سلبية على المستثمرين والمستأجرين، حيث ستزيد التكاليف على المستأجرين، خاصة أولئك الذين استأجروها من أجل أعمالهم التجارية، لا من أجل الانتفاع بها وتأجيرها من الباطن، وهو ما يعني أن مثل هذا القرار سيضر صاحب الأعمال، خاصة أن من يستأجرها من الحكومة
مباشرة أو من الباطن سيزيد الإيجارات على المستأجرين وعلى أصحاب الأعمال، وستكون المحصلة النهائية هي
زيادة الأسعار على المستهلكين بشكل عام.

عوامل مؤثرة

وفي البحرين اجتمعت عدة عوامل مؤثرة على سوق العقارات البحرينية، وبالرغم من بعض التذبذب فيما يخص
السعر والمخزون ومستوى العرض فإن من المتوقع ثبات مؤشر الأسعار خلال 2022، بحسب تقرير “بروبرتي فايندر”.

وتشير المنصة العقارية الإلكترونية المتخصصة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أنه لا تزال آثار الجائحة ظاهرة بشكل واضح في السوق، ومع هذا يلاحظ ارتفاع في معاملات البيع وصفقات الإيجار انعكاساً لأثر
الأسعار المشجعة في سوق البيع التي دفعت بالمستثمرين والمقبلين على شراء العقارات إلى الإقدام على هذه الخطوة.

كما أتاح تحول الأسعار في سوق الإيجار للكثيرين الانتقال من منازلهم، فالبعض فضّل الانتقال من الشقق إلى الفلل،
وخصوصاً تلك التي ترافقها برك السباحة وساحات اللعب وغيرها من المرافق، في حين أقبل البعض الآخر على
الاستفادة من الأسعار الميسورة للوحدات الصغيرة مثل شقق الاستوديو.

ركود طويل

ولا يختلف الأمر كثيراً في سلطنة عُمان حيث تسبب الإغلاق العام والجزئي خلال الفترات الفائتة من جراء فيروس
كورونا في تأثر العديد من الأنشطة التجارية سلباً، وهو ما أثر على قدرة الأفراد على الوفاء بالتزاماتهم في دفع الإيجارات السكنية.

وأشار المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في السلطنة أن قطاع الخدمات العقارية سجل ارتفاعاً بنسبة 21%
خلال الأشهر الستة الأولى من 2021 مقارنةً مع نفس الفترة من العام الذي قبله.

ويأتي هذا الارتفاع في الإيجارات بعد فترة ركود استمرت عاماً كاملاً، حيث ارتفع عدد الصفقات العقارية التي تم
إنجازها من يناير إلى يوليو 2021 بنسبة 54.3%، لتسجل 165,417 صفقة، وفقاً للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات.

كما ارتفعت القيمة المتداولة للعقارات في السلطنة بنسبة 14.2% في نهاية شهر أغسطس، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام السابق. وزادت القيمة التجارية لعقود البيع بنسبة 51.1% وصولاً إلى 770.7 مليون ريال عماني مع توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار.

ولفت المركز إلى سعي المستثمرين الخليجيين للاستثمار في القطاع العقاري بالسلطنة؛ حيث قفز عدد الصفقات
العقارية المنجزة لمصلحة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 94.3% ليصل إلى 443 عقاراً.

أزمة سكن

ويقول المحلل الاقتصادي جهاد العبيد إن أزمة العقار والسكن بشكل عام هي جزء من التضخم، وهي أزمة سابقة
تفاقمت بعد جائحة كورونا، بسبب معدلات التضخم العالية، وبسبب الطلب الزائد وتوقعات النمو المستقبلية.

ويشير، في حديثه مع إلى أن “هناك مشروعات كثيرة جداً قادمة على مستوى دول الخليج، كما أن
هناك نهضة وتغييراً في استراتيجياتها، إذ كل دولة خليجية أقرت رؤية خاصة بها، لذلك نشاهد طفرة عامة في البلدان،
وهذا ينعكس على ارتفاع أسعار الإيجارات”.

ويرى العبيد أنه “رغم فترات الرخاء الاقتصادي ما تزال الكثير من الأسر الخليجية لا تمتلك السكن، وذلك بسبب أن
المواطن الخليجي قد تعوّد على نمط معين من المنازل والمساكن بحكم الرفاهية التي يعيشها في بلاده”.

ويلفت إلى أن “ارتفاع تكاليف البناء بشكل عام انعكس على قدرة المواطن الخليجي على تملك أرض ومن ثم بنائها،
عكس ما كان في السابق، إذ تضاعفت الأسعار تقريباً 4 مرات في آخر 20 سنة، لذلك فإن رؤية المواطن الخليجي
لنوعية السكن وحاجة السكن بدأت تتغير حالياً وبدأ يصبح الأمر عملياً أكثر مما هو رفاهية”.

ويؤكد العبيد أن “الحكومات الخليجية تعمل على معالجة أزمة السكن وذلك من خلال منح الأراضي والقروض
العقارية الميسرة، لكن التدفق العالي للمنح والقروض تسبب أيضاً في ارتفاع الأسعار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى