الاخبار العاجلةسياسة

من ورشات البناء للولاية.. قيس سعيّد يعين “شيخ المعطّلين” محافظا لسيدي بوزيد

سيدي بوزيد- ضجّ موقع فيسبوك بتناقل التونسيين صورة “سيلفي” للوالي (محافظ) الجديد على سيدي بوزيد (وسط غرب)، عبد الحليم حمدي، الذي كان التقطها لنفسه سابقا، قبل أن تشمله الحركة التي أجراها الرئيس التونسي قيس سعيّد في سلك الولاة أمس الثلاثاء.

واحتفى عدد كبير من رواد فيسبوك بقرار تعيين حمدي محافظا لمدينة الثورة، خاصة أبناء سيدي بوزيد، لأنه ينحدر من وضعية اجتماعية متواضعة وقريبة من أبناء الشعب البسطاء ويحمل همّ قضية المعطلين عن العمل، في حين أبدى آخرون تحفّظهم على هذا التعيين كون حمدي يفتقر إلى الخبرة الإدارية التي يتطلبها منصب المحافظ.

فمن عبد الحليم حمدي؟

ينحدر حمدي من قرية النصر بمعتمدية (منطقة) المكناسي في محافظة سيدي بوزيد، وهو ابن أحد رموز حركة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. حصل على الإجازة في تخصص التاريخ من جامعة الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس عام 2000، ولم يجد وظيفة منذ ذلك التاريخ.

ويشارك حمدي -منذ تخرجه- في الاختبار السنوي الوطني “الكاباس” للانتداب في الوظيفة العمومية، من دون أن يحالفه الحظ، حتى عُرف بـ”شيخ المعطّلين” كما يلقبه أبناء منطقته، وهو ما جعله يلجأ إلى العمل منذ سنوات في ورشات البناء.

خبر عبد الحليم حمدي (47 سنة) ساحات النضال الميدانية منذ اندلاع ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، بوصفه أبرز المشاركين فيها. وكان صوت العاطلين عن العمل وخاض معهم التحركات الاحتجاجية المطالبة بالتشغيل وأبرزها اعتصام “هرمنا” بالمكناسي، وساند العديد ممن تعرضوا للإيقاف والمحاكمة بسبب تحركاتهم المطالبة بتوفير فرص عمل لأصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم.

وسياسيا، عُرف عبد الحليم حمدي بمعارضته الشديدة لما يسميها -في تصريحاته الصحفية- “منظومة حكم حركة النهضة الفاشلة”، وبتأييده قرارات قيس سعيّد الاستثنائية التي اتخذها منذ 25 يوليو/تموز 2021.

“تعيين مستحق”

وبمجرد إعلان اسمه ضمن قائمة الولاة الجدد، عمت الفرحة موقع فيسبوك خاصة من أولئك الذين عايشوا حمدي في ساحات المظاهرات والاعتصامات، مستبشرين بقرار تعيينه الذي اعتبروه “تعيينا مستحقا لمكافح ومناضل ضد سياسية الفساد والمحسوبية في التعيينات”.

وفي تعبير عن سعادتها، كتبت الناشطة مريم بريبري “اليوم وأنا أسمع خبر تعيين عبد الحليم طرتُ من الفرحة، لأنه إنسان يستحق كل الخير ولديه ما يقدمه للبلاد، ولأن المنطقة تستحق إنسانا مجتهدا ونظيفا يحبها مثله”.

وتضيف “أيام كنت أذهب للمكناسي للتحركات بين عامي 2014 و2016، كان (عبد الحليم) أحد أعمدة الحراك هناك، الإنسان هذا عندي ثقة كبيرة فيه”.

“صفحات مأجورة”

بدوره، أبدى الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب تعاطفه مع قرار تعيين حمدي واليا على سيدي بوزيد في تدوينة مطولة بعنوان “أما أنا فلا أخلع صاحبي”.

اقرأ ايضاً
قطر ترسل المساعدات لتونس بأمر الأمير

وانتقد ذويب معارضي هذا القرار قائلا “أثار تعيين حمدي حالة من التنمر على فيسبوك من أشخاص وصفحات مأجورة لا تعنيها مصلحة البلاد، بقدر ما يعنيها تسجيل نقاط سياسية على رئيس الجمهورية وتبخيس والي سيدي بوزيد الجديد، بمنطق دس السم في الدسم”.

وقال الكاتب “تونس بلادنا جميعا، ومن حق الجميع تبوّء مناصب فيها على قاعدة العمل والاجتهاد فيما ينفع الناس، أما أن تبقى بعض المناصب تمنح في شكل ترضيات فقط لأبناء الدماء الزرقاء (اليانكي) -بعبارات اليسار اللاتيني- فأقول لكم هذا ذهب مع زمان بو عنبة ولن يعود”، وفق تعبيره.

تجمع شعبي في ساحة محمد البوعزيزي بمدينة سيدي بوزيد في الذكرى السادسة لاندلاع الثورة التونسية
تجمع شعبي في ساحة محمد البوعزيزي بمدينة سيدي بوزيد التي تعرف بمدينة الثورة في تونس (ناشطون)

دولة عاجزة

في المقابل، انتقد شق ثان تعيين حمدي على رأس محافظة سيدي بوزيد لافتقاره إلى التجربة والخبرة في العمل الإداري، إذ يرون أن اختياره تم على أساس “الولاءات”، لا غير.

في السياق، تقول آمنة زويدي، الناشطة الحقوقية والمنسقة المحلية لوزارة حقوق الإنسان، إن حمدي وقف مع المعطلين عن العمل، كونه واحدا منهم، عندما كان في التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية، “لكن تم تعيينه في أكبر محافظة مليئة بالفساد والدولة عاجزة عن تشغيل أي أحد أو إحداث أي مشروع تنمية فيها”.

وتقول زويدي -للجزيرة نت- إن كثيرين في سيدي بوزيد ضد قرار تعيينه، وإن المستبشرين به هم من أقاربه بمنطقتي منزل بوزيان والمكناسي التي ينحدر منها، ولكنها حذّرت من إنه “قادم على لوبيات كبيرة”.

وتشدد الناشطة على أن حمدي “وقف إلى جانبها في مسيرتها النضالية”، غير أنها تساءلت “ماذا سيضيف في وضع متأزم وبلاد مفلسة، هل في تهدئة أهالي المكناسي وبوزيان الذين يحبونه؟”

وتشير إلى أن حمدي كان يندد بممارسات الحكومات السابقة، غير أنه رأى البديل والتغيير في حكومة سعيّد “وهو الآن اختار السلطة”، لذلك صار “مطالَبا بالعمل وبتطبيق ما كان ينادي بها”.

وتلفت زويدي إلى حجم المسؤولية الكبيرة التي تنتظره، متمنية له النجاح “فهو اختار السلطة وسيكون الطرف الذي سيحصل معه الصدام والمطالبة بحقوقنا المنهوبة منذ 60 سنة”، حسب قولها.

من جهتها، علّقت الصحفية التونسية أسماء البكوش على قرار تعيين حمدي وكتبت “بعد 22 سنة بطالة أول عمل يحصل عليه (وظيفة) والي، هنيئا له، وإن شاء الله المعتصمين والذين يحرقون الإطارات ويغلقون الطرقات، ومن كان يقودهم، لا يتحولون إلى ملثمين وعدد من العابثين بأمن الوطن”.

وختمت “إن شاء الله، نراه يجد حلولا لكل العاطلين والعطشانين والفقراء والمحرومين”.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى