إمام جماعة إسماعيل آغا وأتباعه بالملايين.. هذه قصة الراحل محمود أفندي
إسطنبول- توفي فجر أمس الخميس الشيخ “محمود أسطى عثمان” والمعروف باسم “محمود أفندي” في أثناء تلقيه العلاج من أمراض الكلى بمستشفيات مدينة إسطنبول التركية.
والشيخ محمود أفندي أحد أبرز الشخصيات الدينية الصوفية في تركيا ويقدّر عدد أتباعه بالملايين، وهو زعيم “جماعة إسماعيل آغا” النقشبندية والتي اشتهرت مؤخرا باسم “جماعة محمود أفندي”.
تعلم الشيخ اللغتين العربية والفارسية والنحو والصرف وعلوم القرآن والفقه وأصوله والحديث والتفسير والبلاغة، وحفظ القرآن الكريم في وقت مبكر من حياته، وعمل بحقول الدعوة ونشر تعاليم الإسلام داخل تركيا، كما بذل جهودا كبيرة في هذا المجال خارج تركيا، وينسب له بعض الباحثين في شؤون الجماعات الإسلامية الفضل بإنشاء عشرات المدارس في أفريقيا والهند والبلقان.
الميلاد والنشأة العلمية
ولد محمود أسطى عثمان في قرية شافانلي القريبة من طرابزون شمال شرق تركيا عام 1929 لأسرة مهتمة بالتعليم الديني، فتتلمذ على يدي والده “علي أفندي” الذي كان إماما لجامع قريته ووالدته “فاطمة هانم” التي كانت أيضا مهتمة بالعلوم الدينية وعلوم القرآن الكريم الذي أتم حفظه في العاشرة من عمره.
تابع محمود أسطى عثمان رحلته في التعليم الديني على يدي معلمه محمد روشتو، ثم درس اللغة العربية في قرية بابلان على يدي المعلم عبد الوهاب أفندي، ثم تلقى العلوم الدينية كالفقه والحديث وتفسير القرآن الكريم على يدي معلمه دورسون فيضي جوفين.
حصل الشيخ على الإجازة في العلوم الدينية، وبدأ بتعليمها للناس في مسجد قريته في حين لم يتجاوز الـ16 عاما من عمره. وفي عام 1951 تم تعيينه إماما وخطيب مسجد بمنطقة دويرجي بولاية سيفاس.
وبعد إتمامه الخدمة العسكرية عام 1952، التقى محمود أفندي بشيخه أحيسكالي علي حيدر أفندي الذي دعاه لتولي الإمامة في جامع إسماعيل آغا؛ وهو من المراكز الأساسية للصوفية النقشبندية قرب جامع الفاتح الشهير بمدينة إسطنبول، والذي بقي في إمامته منذ عام 1954 إلى أن تقاعد في عمر الـ65 عام 1996.
الحياة الاجتماعية
تزوّج محمود أسطى عثمان ابنةَ خالته وتدعى “زهرة”، ورزق منها بابنين من الذكور؛ هما أحمد وعبد الله وببنت واحدة حملت اسم أمه فاطمة، ثم تزوج بعد وفاة زوجته زهرة زوجةً ثانية اسمها “مشرّف”.
الإنجاز العلمي
إلى جانب قيادته الروحية كإمام صوفي لجماعة إسماعيل آغا النقشبندية، عُرف الشيخ محمود أفندي بإنتاج وافر للكتب الدينية خلال حياته، ومن أهمها كتاب التفسير “روح الفرقان” الذي تمت طباعة 19 مجلدا من مجلداته، ويتوقع أن تبلغ 54 مجلدا، وكتاب “المحادثات” الذي يشمل أحاديثه الشخصية في 9 مجلدات، و”رسالة قدسية” ويتكون من مجلدين، وكتاب “صحبة عمر” و”تفسير سورة الفاتحة” وغيرها.
كما احتل الشيخ المرتبة الـ34 في قائمة أكثر 500 شخصية تأثيرا في العالم الإسلامي لعام 2022، والتي يصدرها المركز الملكي للبحوث والدراسات الإسلامية في الأردن سنويا.
وحصل في العام 2010 على جائزة الإمام محمد بن قاسم النانوتوي المقدمة من الندوة الدولية لخدمة الشؤون الإنسانية خلال حفل كبير أقيم في إسطنبول.
الحضور العام
يعد محمود أفندي الأب الروحي لجماعة إسماعيل آغا النقشبندية الصوفية في تركيا، ويقدر أتباع جماعته بالملايين، وهم منتشرون بشكل لافت للعيان في منطقة الفاتح بإسطنبول، وخاصة في حي “ياووز سليم”، كما أن لهم انتشارا لافتا في ولايات قونيا المعروفة بكونها معقلا للنفوذ الصوفي، وفي طرابزون مسقط رأس الشيخ محمود أفندي.
ويعد الشيخ من أبرز الشخصيات التي واجهت محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، وكان دائما مواجها لجنرالات الانقلابات العسكرية التي شهدتها تركيا خلال العقود الماضية، حيث تعرض لمحاولة اغتيال ومضايقات بعد انقلاب العام 1960.
وفاته
عانى محمود أفندي من أمراض الشيخوخة خلال الأعوام الأخيرة، حتى نُقل في الخامس من يونيو/حزيران 2022 إلى العناية المكثفة في إحدى مستشفيات مدينة إسطنبول، والتي ظل يتلقى فيها العلاج حتى فارق الحياة فجر أمس الخميس 23 يونيو/حزيران 2022.