ماذا عن سكان كبرى الجزر النيلية بمصر؟ هل تتحول “الورّاق” إلى مركز تجاري عالمي؟
القاهرة – أعلنت الحكومة المصرية استحواذها على 71% من أراضي جزيرة “الورّاق”، بجنوب غربي العاصمة (القاهرة)، في إطار مخطط امتلاكها كل أراضي الجزر النيلية الكبيرة بالبلاد.
وأكد مجلس الوزراء، في بيان رسمي صدر الاثنين الماضي، أن الأراضي التي تم الاستحواذ عليها أصبحت في ملكية هيئة المجتمعات العمرانية، وهي الجهة الرسمية التي ستتولى خطة تطوير جزيرة الوراق.
وأوضح وزير الإسكان عاصم الجزار أن خطة التطوير تتضمن في المرحلة العاجلة منها بناء 94 برجا سكنيا، إلى جانب تنفيذ عدد من الخدمات مثل المدارس والوحدات الطبية ومراكز الشباب، فضلا عن مراكز تجارية وخدمية وترفيهية.
ومنذ عام 2017 تحاول السلطات المصرية نزع ملكية أراضي الوراق من ساكنيها بدعوى أنها أملاك للدولة، وهو ما قابله السكان بالاحتجاج المتكرر ورفع دعاوى قضائية تختصم رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان.
الوراق مركز للتجارة
وقبل أسبوعين، نشرت الهيئة العامة للاستعلامات (حكومية)، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي، صورا لمخطط تطوير جزيرة الوراق التي اختير لها اسم جديد هو “مدينة حورس”.
وذكرت هيئة الاستعلامات أن الجزيرة ستتحول إلى مركز تجاري عالمي يضاهي أبرز مراكز التجارة في العالم بتكلفة إجمالية للمشروع تبلغ 17.5 مليار جنيه (الدولار=19.14)، في حين تبلغ الإيرادات السنوية 20.422 مليار جنيه لمدة 25 سنة.
ومن المقرر أن يشتمل مخطط تطوير الوراق على:
- 8 مناطق استثمارية، ومنطقة تجارية، ومنطقة إسكان متميز واستثماري، إلى جانب حديقة مركزية ومنطقة خضراء و”مارينا” (1) و(2)، وواجهة نهرية سياحية، ومنطقة ثقافية، وكورنيش سياحي.
- حدائق حورس وتضم ممشى ترفيهيا، وممشى رياضيا، ومراكز تجارية، ومتحفا لفن العمارة الحديث.
- مارينا حورس وتشمل بحيرة ترفيهية وحولها أنشطة تجارية، ومرسى للقوارب.
- أبراج مارينا حورس وتحتوي على فنادق، ومراكز أعمال ومراكز تجارية، وتمثل 12 تجمعا بنسبة بناء 20% من إجمالي المساحة المخصصة.
- قرية حورس السكنية وتنقسم إلى 70 فدانا لمشاريع الإسكان، و130 فدانا لإعادة توطين السكان الذين سيفضلون البقاء في الجزيرة.
- برج حورس الأيقوني ويشتمل على قاعة للمؤتمرات، وفنادق 7 نجوم، وقطاع أعمال تجارية، ومهبط لطائرات الهليكوبتر.
من يتولى التطوير؟
رغم أن الحكومة المصرية لم تعلن اسم الشركة الهندسية التي ستتولى مشروع تطوير الوراق، فإن شركة “كيوب” (cube consultants) للاستشارات الهندسية -مقرها القاهرة- نشرت عبر موقعها الرسمي رسوما تخطيطية ترجع لعام 2015 لتطوير الجزيرة؛ تتطابق مع الخطة التي أعلنتها الهيئة العامة للاستعلامات.
وأوضحت الشركة أن مشروع تطوير الوراق يستهدف خلق مناطق عامة مفتوحة كمتنفس ترفيهي وثقافي، ورفع معدلات جودة الحياة لسكان المنطقة، وخلق نقاط جذب استثمارية وسياحية وترفيهية وفرص عمل للمواطنين، على أن تكون الجزيرة علامة رمزية صديقة للبيئة تعبر عن حداثة العاصمة.
وفي يوليو/تموز 2017 ذكرت تقارير إعلامية أن شركة “آر إس بي” (RSB) الهندسية -مقرها دبي- طرحت عبر موقعها الرسمي على الإنترنت تصميم مقترح لتطوير جزيرة الوراق.
وأوضحت الشركة أنه لم يعد لها علاقة بالمشروع بعدما أنهت التصميم “بناء على طلب أحد عملائها”، ولم توضح أي تفاصيل عن هوية العميل أو جنسيته.
كبرى الجزر
- تعدّ جزيرة الوراق كبرى الجزر النيلية في مصر إذ تبلغ مساحتها نحو 1600 فدان.
- لا يوجد حصر دقيق لعدد سكانها لكن وسائل إعلام محلية قالت -قبل 5 أعوام- إنه يقارب نحو 60 ألف مواطن يعتمد أغلبهم على الزراعة والصيد في تحصيل الرزق.
- تقع جزيرة الوراق في قلب النيل ولا توجد وسيلة تصلها بالبر سوى مراكب صغيرة، فضلا عن “المعدية” وهي مركب أكبر حجما يتسع لعدد أكبر من الركاب.
- في عام 1998 صدر قرار حكومي بإعلان 188 جزيرة نيلية محميات طبيعية، من بينها “الوراق”، وبموجب القرار خضعت الجزيرة لإدارة بيئية من قبل الجهات الحكومية المعنية.
- في عام 2010 تشكلت لجنة من وزراء الإسكان والبيئة والري لدراسة الأوضاع البيئية للجزيرة، بهدف وضع خطة للتصحيح البيئي فيها.
- في عام 2017 صدر قرار من رئيس الوزراء باستبعاد 17 جزيرة من قرار المحميات الطبيعية وتحويل الوراق إلى منطقة استثمارية، وفي عام 2018 صدر قرار بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق.
مصير الأهالي
بموجب القرارات الحكومية الخاصة بتطوير “الوراق”، نفذت قوات من الشرطة والجيش حملات متتالية لهدم بيوت قاطني الجزيرة، وحرق محاصيلهم الزراعية بسبب ما قالت إنه اعتداء على أملاك الدولة.
مقابل ذلك، تظاهر أهالي “الوراق” احتجاجا على طردهم من أرضهم، ووقعت اشتباكات بينهم ورجال الأمن، أسفرت عن سقوط قتيل من سكان الجزيرة واعتقال العشرات.
ورفع عدد من الأهالي دعوى قضائية تختصم مسؤولين رسميين أصدروا قرارا حمل في طياته تشريدا لمواطنين، وفقا لوصفهم، وقضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى، في فبراير/شباط الماضي.
كذلك قضت محكمة جنايات أمن الدولة العليا، في ديسمبر/كانون الأول، بالسجن لمدد تراوح بين 5 و25 عاما بحق 35 من سكان الجزيرة على خلفية اشتباكات وقعت بين الأهالي ورجال الأمن.
وأكد المحامي الحقوقي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية خالد علي أن أهالي جزيرة الوراق لم يعتدوا على أراضي الدولة، بل بحوزتهم صكوك ملكية للأراضي والبيوت.
ونشر عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صورا لعقود بيع مشهرة، ولرخص مبان لأهالي “الوراق”.
وأما تعويض الأهالي، فقد تضمن بيان مجلس الوزراء الأخير بخصوص مخطط تطوير الجزيرة؛ تحديد تعويضات مادية لكل فدان زراعي ومنزل، إلى جانب تعويضات عينية، وقد تم تسليم 81 وحدة سكنية كاملة التجهيزات، بمدينتي العبور وحدائق أكتوبر على أطراف القاهرة الكبرى، مع استمرار اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليم بقية الوحدات المخصصة للمستحقين.
وفي وقت سابق، أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية تخصيص نحو 7 مليارات جنيه مقابل شراء أراض ومنازل لأهالي جزيرة الوراق كتعويضات لهم.
وأوضحت الهيئة أنه تم تحديد مبلغ 250 ألف جنيه كتعويض عن قيراط الأرض، وبخصوص المنازل فيحصل المالك على 16 ألف جنيه للغرف، كما يمكن للأهالي الذين يرفضون التعويضات تأجير وحدات سكنية لحين إعادة توطينهم في الجزيرة مرة أخرى بعد تطويرها.
لكن أهالي الجزيرة عدّوا التعويضات التي حددتها الحكومة زهيدة ولا تساوي السعر الحقيقي لممتلكاتهم، فضلا عن رفضهم من الأساس ترك أرضهم.