تكاليف باهظة ومدارس بلا معلمين وكتب.. عام دراسي مثقل بالأزمات في سوريا
شمال سوريا- اضطر سعيد الحلبي (اسم مستعار) الموظف الحكومي في مؤسسة مياه حلب إلى دفع راتبه الشهري كاملا، مقابل شراء الكتب المدرسية لابنيه اللذين يدرسان في المرحلة الثانوية، بمبلغ تجاوز 100 ألف ليرة سورية (نحو 25 دولارا أميركيا)، بعد أن رفعت حكومة النظام أسعار كتب المناهج الدراسية مؤخرا.
وقال الحلبي، إنه استدان بعض المال من رفاقه في الوظيفة، لأجل استكمال مستلزمات المدرسة من الحقائب المدرسية والأقلام والدفاتر وخلافه، مؤكدا أن العام الدراسي أصبح مناسبة ثقيلة على الأهالي، جراء غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف تحضيرات المدارس إلى مستويات غير معهودة في سوريا.
وأشار الحلبي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن المبالغ التي دفعها هي بداية فقط لتكاليف إضافية تتعلق بالدروس الخصوصية والدورات التعليمية، عازيا ذلك إلى تردي واقع التعليم في المدارس الحكومية وتفاوت مستوى تقديم الدروس.
نقص الكوادر
وابنا الحلبي هما من أصل 3.6 ملايين تلميذ توجهوا إلى مقاعد الدراسة في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، ضمن 13 ألفا و660 مدرسة ومعهدا، وسط انقسام البلاد وسوء الوضع المعيشي.
وبعد أسبوع من بدء العام الدراسي بسوريا، ظهرت آثار الحرب المستعرة منذ أكثر من عقد على الطلاب ومسيرة التعليم بمناطق سيطرة النظام السوري، وتمثلت بصعوبة تأمين مستلزمات الطلاب وتجهيزات المدارس والمدرسين.
وأكد عدد من الأهالي في محافظتي دمشق والسويداء استلام أبنائهم في مرحلة التعليم الأساسي كتبا مدرسية مهترئة وغير صالحة للاستخدام.
وأشار عدد منهم إلى نقص في أعداد مدرسي بعض المواد الدراسية، وعدم حصول الطلاب على حصص في مواد اللغات الأجنبية، على سبيل المثال.
من جانبه، أكد ريان معروف مدير تحرير شبكة أخبار “السويداء 24” أن مدارس في السويداء سجلت نقصا كبيرا في الكادر التدريسي، جراء امتناع المدرسين بالوكالة عن التدريس، بسبب الأجر الزهيد الذي يتقاضونه، والذي لا يتجاوز 90 ألف ليرة سورية (ما يعادل 20 دولارا أميركيا).
وقال معروف -للجزيرة نت- إن أهالي الطلاب متخوفون من عدم القدرة على تأمين المدارس بالمحروقات خلال الشتاء القادم، مضيفا أن غالبية المدارس حصلت على أقل من نصف المخصصات المفترضة خلال العام الماضي، مشيرا إلى مشكلة المواصلات التي يعاني منها الطلاب والمدرسون للوصول إلى المدارس.
إضراب المعلمين
وفي مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، لا يبدو وضع التعليم أحسن حالا من مناطق سيطرة النظام، إذ فرضت الحرب ظروفا استثنائية على التعليم، وألقت بظلال ثقيلة على مسيرة الطلاب والمدرسين؛ وصلت إلى حد تعطل الدروس.
ومنذ أيام بدأ معلمون في ريف حلب إضرابا مفتوحا عن العمل، احتجاجا على سوء أحوالهم وتردي واقع التعليم ومؤسساته الإدارية، داعين إلى تحسين ظروف عملهم والنهوض بواقع التعليم.
ويشير “نقيب المعلمين السوريين الأحرار” محمد صباح حميدي إلى أن المعلمين وجهوا إلى المسؤولين المحليين والأتراك جملة من الإنذارات تحذر من انهيار التعليم وسوء مخرجاته، من دون أن يلقوا آذانا صاغية، الأمر الذي اضطرهم إلى البدء في الإضراب.
وقال حميدي للجزيرة نت إن مخرجات التعليم تتمثل في إخفاق امتحانات الشهادة الثانوية على مدى 3 سنوات، وانتشار المدارس الخاصة بسبب زيادة عدد الطلاب وقلة المدارس العامة، فضلا عن انخفاض مستوى التعليم فيها.
ووفق حميدي، فإن الإضراب جاء كآخر وسيلة بعد جولات من الحوار والوقفات الاحتجاجية للمدرسين، مؤكدا مشاركة نحو 10 آلاف معلم في الإضراب، وأنه ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق هدف محدد.
بالمقابل، رأى وزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة جهاد حجازي أن أهم الصعوبات التي تواجه مسيرة التعليم هي انخفاض الدعم للمعلمين بنسبة تصل لأكثر من 50% عما كانت عليه السنة الماضية، الأمر الذي زاد من عدد المعلمين المتطوعين واتجاه بعض المعلمين للقطاع الخاص.
وحول احتجاج المعلمين في ريف حلب شمالي سوريا، قال حجازي للجزيرة نت إن الإضراب متعلق بمستوى الرواتب المنخفضة، داعيا المنظمات والجمعيات لتوجيه الدعم لقطاع التعليم وإعطائه الأولوية في مشاريعهم، ولا سيما منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).