الاخبار العاجلةسياسة

مؤسس ميديا بارت للبوان: لو كنت في روسيا اليوم لكنت في المنفى أو السجن أو مقتولا

يستنكر إدوي بلينيل، مؤسس موقع “ميديا بارت” (Mediapart)، تنازلات اليمين والرضا الخاطئ لليسار، ويدعو إلى “معارضة يسارية” لنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يرى فيه “أيديولوجية ستالينية”، رافضا الشيوعية القومية وتركيز السلطات في يد شخص واحد، وطالب بتقرير مصير الشعوب، موضحا أن على أوروبا إعادة تسليح الأوكرانيين وتقديم المزيد من المساعدة “العسكرية” لهم.

في هذا الإطار وضعت مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية المقابلة التي أجرتها مع إدوي بلينيل، الكاتب والصحفي الفرنسي الشيوعي على المذهب التروتسكي، منطلقة من مقال يشرح فيه نشأة “الإمبريالية الروسية الجديدة” التي تنذر بالموت في الجزء الشرقي من أوروبا، مستأنفا دفاعه الذي كان قد بدأه في عام 1999 أثناء تدخل حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) في صربيا عندما كان رئيس تحرير صحيفة “لوموند” ( Le Monde)، ووقف ضد سلوبودان ميلوسوفيتش.

Russia's President Vladimir Putin chairs a meeting outside Moscow
الرئييس الروسي فلادمير بوتين (رويترز)
العناوين الجانبية اخفاء

عمى سياسي

وفي الحوار الذي -أجراه سعيد مهران- أوضح مؤسس ميديا بارت أنه كتب لمحاولة فهم العمى الفرنسي الذي يتم إرجاعه باستمرار إلى التوافق الأيديولوجي والمالي بين اليمين المتطرف ونظام بوتين، وإلى العمى “المعاصر” لجان لوك ميلينشون، مشيرا إلى أن هذا العمى أظهر أن فرنسا، الضامنة لاتفاقيات مينسك، لم تتوقع أن يأتي ما كان يعده نظام بوتين، وظل رئيسها يعتقد أنه يستطيع إقناع بوتين، حتى عندما كان من الضروري دعم من هوجمت أراضيهم.

ونبه إدوي بلينيل إلى أن التضامن مع الشعوب يجب أن يكون هو البوصلة للخروج من اللامبالاة بمصير تلك الشعوب، مشيرا إلى أننا ندفع اليوم ثمن عدم مبالاتنا تجاه الشعب السوري، في تلك اللحظة الأولى التي غادر فيها بوتين -بمساعدة إيران- الفضاء الناطق بالروسية وظهر بوجه جديد لإمبريالية كان يفترض أنها معادية للغرب.

نحن ندفع اليوم ثمن عدم مبالاتنا تجاه الشعب السوري، في تلك اللحظة الأولى التي غادر فيها بوتين، بمساعدة إيران، الفضاء الناطق بالروسية وظهر بوجه جديد لإمبريالية كان يفترض أنها معادية للغرب

ومن بين علامات العمى السياسي -حسب إدوي بلينيل- أن أوروبا لم تتعامل مع استقلاليتها فيما يتعلق بالدفاع رغم أن ذلك أمر مشروع، وأن عدم المطالبة به يعرض الناس للأسوأ، كما هي الحال اليوم، في الوقت الذي يحارب فيه بوتين اختيار الشعب الأوكراني، مما يسمح للحلف والولايات المتحدة أن يكونا سادة اللعبة، ويخلق لأوروبا إشكالية تبعية للتوجه الأميركي.

وعند السؤال عن “الامتناع المهووس عن الإذلال” الذي يستخدمه بوتين لتبرير حربه وتعبئة شعبه، ذكّر مؤسس ميديا بارت بما كتبه المؤرخ مارك فيرو عن الاستياء كمحرك للتاريخ، مشيرا إلى أن الإذلال قد يتحول إلى قوة تضفي الشرعية على كراهية الآخرين وشيطنتهم، واقترح مسارا يسمح بالخروج منه من خلال الاعتراف بوقوع أعمال قمع ومذابح وإبادة جماعية، وبالتالي يجب على فرنسا أن تعترف بمسؤوليتها عن مصير الشعوب الأفريقية، وفي الوقت نفسه لا ينبغي لأي قوة أفريقية أن تبني شرعيتها على هذا الريع.

الفخ

وأشار الصحفي إلى أنه لا يمكن القبول بأن التحرر يعيد إنتاج الدول العمودية والسلطات الشخصية ورفض التعددية، مما يعني أنه يجب -على سبيل المثال- أن نكافح ضد الحصار على كوبا وندين الغطرسة الأميركية، ولكن يجب أيضا أن نتضامن مع الناس عندما يتم قمعهم وسجنهم من قبل السلطات الكوبية.

أما الفخ الذي يوضع لنا فيتضح من دعاية بوتين، حيث تقدم هذه الإمبريالية العدوانية نفسها على أنها موحد لجميع الشعوب المضطهدة من قبل الإمبريالية الغربية، داعية الشعوب لاتباعها في حملة صليبية ضد الغرب، رغم أنها تقمع الشعوب، خاصة أنني لو كنت في روسيا اليوم فسأكون في المنفى أو في السجن أو مقتولا، أما في الغرب فيمكنني أن أشجبها، كما نجحت الولايات المتحدة في توثيق التعذيب في غوانتانامو وكذبة غزو العراق.

ومع ذلك يرفض مؤسس ميديا بارت مظاهر رهاب روسيا التي أدت إلى إلغاء برمجة الفنانين الروس في الغرب، وقال إننا يجب أن نستمر في دعم الشعب الروسي، والترحيب بمن هم خارج الجدران والذين يقاتلون نظام بوتين.

وفي ختام المقابلة، خلص الكاتب إلى وجوب مساعدة الأوكرانيين على القتال، لأنه كان من الضروري مساعدة الشعب السوري منذ اللحظة التي كان فيها ضحية حرب إبادة نفذها نظامه، مختتما بالقول “ساعد الناس ولا تتصرف بدلا منهم. الأوكرانيون يدافعون عن سيادتهم، ولا ينبغي استبدال هذه السيادة بأخرى. يجب علينا دعمهم على القيم. يجب أن نساعد القوى السياسية التي تقاوم الغزو، وفي الوقت نفسه تدافع عن الحقوق الاجتماعية وترفض الأوليغارشية والفساد”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى