نواب جدد وعودة المرأة.. تغيير كبير في تشكيلة مجلس الأمة الكويتي
الكويت- كشفت النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الأمة الكويتي -التي أعلنت صباح اليوم الجمعة- عن متغيرات جمة في تركيبة المجلس الجديد أبرزها دخول 15 مرشحاً لأول مرة إلى المجلس فضلا عن تمكن المرأة من استعادة حضورها بحصولها على مقعدين بعد غيابها بشكل كامل عن المجلس السابق.
وأسفرت النتائج المعلنة عن نسبة تغيير في المجلس النيابي الكويتي بلغت 54%، حيث احتفظ 24 نائبا في المجلس السابق بمقاعدهم، في حين فاز 26 نائبا لم يكونوا أعضاء به، بينهم 15 نائبا لأول مرة.
وبعد إسدال الستار على هذه الانتخابات، يبقى السؤال: هل سينجح المجلس الجديد في تصحيح مسار المرحلة السابقة أم سيعود التأزيم للحضور بقوة من جديد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، الأمر الذي دفع إلى حل المجلس السابق والدعوة لانتخابات مبكرة؟
اختبار حقيقي
ويرى المحلل السياسي عبد اللطيف راضي أنه من خلال قراءة نتائج الانتخابات يتبين أن هناك 24 نائبا بالمجلس المنحل استعادوا عضويتهم، في حين خسرها 20 آخرون، في وقت عزف فيه عن الترشح 6 آخرون، كما يتبين 11 نائباً تمكنوا من استعادة العضوية بعد أن خسروها في الدورات السابقة، كما فاز بعضوية مجلس الأمة 15 مرشحاً للمرة الأولى.
وتوقع راضي -في حديث للجزيرة نت- أن تتشكل في المجلس المنتخب كتل نيابية تتفق كل منها على أولوياتها بغية أن يكون هناك تنسيق لتحقيق إنجاز تشريعي، كما أن التشكيلة النيابية تضم مختلف التوجهات السياسية والشرائح المجتمعية، وقد تعززت فرص البعض مقارنة مع مجالس أخرى سابقة على مدى عقود ماضية، في حين خسرت بعض الشرائح المجتمعية مقاعدها التي كانت تحظى بها لفترات طويلة.
وشدد هذا المحلل السياسي على أن القضايا الاقتصادية ستكون الاختبار الحقيقي للمجلس فيما يتعلق بالميزانية العامة التي من المقرر أن تكون أول ما سيعرض على المجلس، بعدما أكدت الحكومة التزامها بعدم تمريرها في مراسيم خلال فترة حل المجلس السابق.
وأشار راضي إلى أهمية خطط الإصلاح الاقتصادي وكذلك ما يتعلق بمكافحة الفساد، وهي الخطوات التي سبق أن بدأتها الحكومة ومجلس الأمة منذ مجلس عام 2016 وفتحت فيها ملفات للقضاء، لافتا إلى أن بعض الكتل النيابية سيكون لديها سعي نحو إجراء تعديلات على قانون الانتخابات فيما كان مطروحا خلال الحملات الانتخابية.
قانون الصوت الواحد
أما الكاتب والمحلل السياسي ناصر العبدلي، فيعتقد أن الحكومة حققت نصراً جزئيا بهذه الانتخابات، لأنها دفعت كل المعارضين لقانون الصوت الواحد للمشاركة بهذه الانتخابات “وهذا يعني أنها أسدلت الستار أمام معارضي الصوت الواحد، وآخرهم أحمد السعدون الذي شارك، ومسلم البراك وفيصل المسلم وشاركا عن طريق مساندة بعض المرشحين، وهذا نصر للحكومة فقد استطاعت إقناع الجميع بالمشاركة في الانتخابات”.
وأضاف العبدلي -في تصريح للجزيرة نت- أن الانتخابات سجلت انتصارا كاسحاً للتيار الإسلامي (الحركة السلفية والحركة الدستورية الإسلامية) إذ أصبح لديهما نحو 10 نواب، كذلك حققت النتائج انتصارا ومكاسب جزئية للمرأة بالدائرتين الثانية والثالثة، بينما شهدت سقوطا مدويا للنواب السابقين القريبين من الحكومة “نحو 15 نائبا لم يحققوا النجاح”.
ويرى أن الصراع السياسي سيظل موجودا، معتبرا أن استمرار هذا المجلس مرتبط بقدرة النواب ورئيس المجلس المقبل على الالتزام بتحذيرات ولي العهد في الخطاب الذي ألقاه نيابة عن الأمير في يونيو/حزيران الماضي.
ودعا العبدلي المجلس إلى التفرغ للنظر في القضايا الاقتصادية الهامة مثل إعادة هيكلة الاقتصاد وفرض الضرائب الخاصة مثل ضريبة القيمة المضافة التي صادق عليها مجلس التعاون الخليجي، ولم تطبقه الكويت حتى الآن، ثم هناك قضية إعادة تسعير الخدمات التي تقدمها الحكومة.
التصادم قادم
في المقابل، يؤكد الكاتب والناشط السياسي عبد العزيز السلطان أن نتائج انتخابات مجلس الأمة 2022 لن تغير شيئا في المشهد السياسي، ولن يتغير شيء عن المجلس السابق، متوقعا أن يحل النائب أحمد السعدون بديلا لمرزوق الغانم في رئاسة المجلس.
وقال السلطان -في تصريح للجزيرة نت- إن تشكيل المجلس الجديد ستكون غالبيته من الحركتين السلفية والدستورية الإسلامية ومن كتلة الشيعة، وهذا المجلس لا يبشر بالخير وسيكون مجلساً للتأزيم، متوقعا أن يتم حله بشكل غير دستوري.
وأرجع توقعه بحل المجلس إلى أن خطاب ولي العهد نيابة عن الأمير، في 22 يونيو/حزيران الماضي، ألمح بشكل واضح إلى أنه ستكون هناك إجراءات مشددة إذا عاد المجلس للتأزيم وعدم التعاون، بعد قبول استقالة حكومة الشيخ صباح الخالد، وربما هذا المجلس لن يكمل شهرين أو ثلاثة لأن تركيبته حسب الأغلبية تدل على التصادم وستدفع إلى تشريع قوانين تتعارض مع توجهات الحكومة.
وأضاف السلطان “غالبية هذا المجلس ستكون محسوبة على المعارضة، وبعد رحيل رئيس المجلس السابق (الغانم) ومعظم كتلة النواب التي كانت مؤيدة للحكومة، ستسيطر هذه الأغلبية على رئاسة ولجان المجلس، خصوصا أن الحكومة لن تتدخل بانتخابات رئيس المجلس، وبالتالي ستصبح الحكومة بلا غطاء”.
ولفت إلى أن الشارع سيضغط على النواب لإلغاء بعض القوانين مثل إلغاء قانون حرمان المسيء، وهو تشريع أقره مجلس الأمة في 22 يونيو/حزيران 2016، ويقضي بالحرمان من الترشح للمجلس على كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية، وقد طُبّق بأثر رجعي، وقانون الجرائم الإلكترونية.
يُذكر أن مجلس الأمة الحالي تم انتخابه بعد حل المجلس السابق بمرسوم أميري صدر في 2 أغسطس/آب الماضي، لتصحيح المشهد السياسي وما فيه من عدم توافق وعدم تعاون واختلافات وصراعات وتغليب المصالح الشخصية وعدم قبول البعض للبعض الآخر، وممارسات وتصرفات قيل إنها تهدد الوحدة الوطنية.