ما الذي ستفعله أزمة الغاز بأوروبا هذا الشتاء؟
تواجه أوروبا أزمة طاقة عميقة بينما تستعد لفصل الشتاء البارد؛ إذ وصلت أسعار الغاز إلى مستويات قياسية، والإمدادات آخذة في الانخفاض، والمخاوف منتشرة.
وتُستخدم الطاقة بالقارة في مجموعة من الأنشطة، ومن بين ذلك النقل والمنازل والصناعة والخدمات والزراعة والغابات وفي إنتاج الغذاء، كما تُستخدم في الأسمدة والحصاد والتبريد والتدفئة.
وتضررت الأسواق المتعلقة بصناعات الألبان والمخابز بشدة؛ لأنها كثيفة الاستهلاك للطاقة. فقد ارتفعت أسعار الزبدة بنسبة 80% منذ بداية العام حتى أغسطس/آب الماضي، في حين ارتفعت أسعار الجبن بنسبة 43%، وارتفع لحم البقر بنسبة 27%، وارتفع مسحوق الحليب بأكثر من 50%.
توقف 70% من الإنتاج
كما تضررت الأسمدة بشدة، وزادت أسعارها بنسبة 60% سنويا، مما وضع المزارعين تحت ضغوط اقتصادية وتوقف 70% من إنتاج المنطقة.
ومع ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء الآن، وإنفاق ملايين الناس مبالغ قياسية من دخلهم على الطاقة، يرى الخبراء أيضا مستويات هائلة من فقر الوقود، الذي يسبب مشاكل كبيرة على رأسها ألا يتمكن الناس من تدفئة منازلهم.
وذكر الخبراء أن من يعانون من حالات صحية موجودة مسبقا، مثل الربو أو أمراض القلب، أو في طريقهم للتعافي من الجراحة، أو كبار السن أو المعاقين ومن يتعرضون لنزلات البرد، فإن المنزل الرطب، يمكن أن يجعل جميع ظروفهم الصحية -الموجودة من قبل- أسوأ.
ترتيبات حتى لكيفية النوم
وورد أن بعض المعاقين لم يشحنوا كراسيهم المتحركة خلال الصيف في المملكة المتحدة لأنهم كانوا قلقين بشأن إذا ما كانوا قادرين على تحمل فواتير الخدمات العامة. وكانت هناك أيضا قصص عن عائلات بدأت بالفعل في التفكير في النوم جميعا، مع الأطفال، في غرفة واحدة لتوفير الطاقة.
وفي ما يتعلق بمخزون الطاقة، ضمنت أوروبا بالفعل إعادة ملء منشآتها التخزينية بنسبة 80% بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ومن المرجح أن يكون لدى القارة ما يكفي من الوقود لتوليد الكهرباء هذا الشتاء.
ومع ذلك، فإن استقرار القارة يعتمد على وجود شتاء “عادي” نسبيا؛ لأنه إذا انخفضت درجات الحرارة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب إلى مستويات لا تستطيع الاحتياطات التعامل معها. لذلك، فإن السيناريو الأسوأ هو شتاء شديد البرودة.
سقوط حر للاقتصاد
وفي هذا السيناريو الأسوأ، يُتوقع دخول الاقتصاد الأوروبي في حالة من السقوط الحر المطلق؛ لأنه لن يكون بالمقدور إنتاج أي شيء، لأنه مكلف للغاية، ولأن الحكومة تعطي الأولوية لإرسال الغاز لتدفئة المنازل بدلا من الصناعة.
وحتى الآن، قال المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى إن أوروبا يمكن أن تعاني من شتاء أكثر برودة وجفافا، ومن المحتمل أن تكون الرياح أقل.
يتفق الخبراء على أنه رغم كون هذا الموسم صعبا، فمن المحتمل أن تتجاوز أوروبا هذا الشتاء، لكن المقلق هو ما سيحدث العام المقبل.
لا يمكنهم عيش حياة طبيعية
وأعرب كارلوس توريس دياز -رئيس قطاع الكهرباء في شركة “ريستاد إنرجي” المستقلة لأبحاث الطاقة وذكاء الأعمال في أوسلو بالنرويج- عن اعتقاده أنه لن تكون هناك أزمة طاقة ضخمة تنطفئ فيها الأضواء فجأة في جميع أنحاء أوروبا، “لكن بالتأكيد، يجب أن يكون هناك تقنين وبعض الوعي بأنه لا يمكنك أن تعيش حياة طبيعية فقط”.
وأضاف دياز أن الوضع سيكون أكثر صعوبة العام المقبل، بغض النظر عما يحدث، لأن المخزون الحالي سيُفرغ، ولن يُعوض بالمقدار نفسه.
الغضب يزداد يوما بعد يوم
وفي السيناريو الحالي، إذا استمرت فواتير الخدمات في الارتفاع، وزادت أعداد البطالة، وكان هناك تباطؤ اقتصادي، يعتقد الخبراء أن هذا قد ينعكس على الشوارع أيضا.
وقال منسق “تحالف إنهاء فقر الوقود” سيمون فرانسيس -متحدثا من بريطانيا المتحدة- “هناك احتجاجات مخطط لها بالفعل. هناك مجموعة كاملة من الأشياء التي لا تنفذها الحكومة، وهذا يتسبب أساسا في تفاقم أزمة تكلفة المعيشة وأزمة نقص الوقود، وسنرى. أعتقد أن الغضب يزداد يوما بعد يوم”.