بسبب القروض.. 23 ألف طالب جامعي مهددون بترك أو تأجيل الدراسة في الأردن
عمّان – تقطع الطالبة الأردنية ابتهال زهير مسافة ساعتين ونصف الساعة من إحدى ضواحي العاصمة عمّان إلى جامعتها التقنية في محافظة الطفيلة حيث تدرس اللغة الإنجليزية في سنتها الأولى، وتعتمد كليا على القروض لتغطية دراستها، لكن عدم شمولها بقائمة المستفيدين هذا العام سيجبرها على تأجيل فصلها الدراسي لعدم قدرة والدها ذي الراتب التقاعدي المتدني على تحمل قسطها الجامعي.
أما الطالبة ولاء (اسم مستعار) فلم يشفع لها إحرازها معدل 98.7% في الثانوية العامة لتحصل على منحة أو قرض من صندوق الطالب، في وقت بلغ فيه سعر ساعة البرنامج التنافسي في تخصص الطب بجامعة اليرموك الأردنية 100 دينار (الدينار الأردني يساوي نحو 1.4 دولار أميركي)، رغم قدومها من مدينة أخرى واضطرارها لتحمل تكاليف السكن والتنقل، فضلا عن التحاق شقيقتها بالدراسة في جامعة أخرى أيضا، مما يضاعف العبء على الأسرة.
وتقول ولاء للجزيرة نت إن تكلفة دراسة الفصل الواحد في تخصص الطب تبلغ 1850 دينارا، وهو ما يصعب على والدها الموظف توفيره، مما قد يجبرها على تأجيل إكمال دراستها لسنة كاملة وليس لفصل واحد، لأن نظام التخصص سنوي، معبرة عن استيائها مما وصفته بالظلم الكبير في نظام التنافس على المنح والقروض.
استثناء الآلاف رغم زيادة الحاجة
وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن منتصف يناير/كانون الثاني الحالي إلى استثناء أكثر من 23 ألف طالب وطالبة من الحصول على قروض أو منح جامعية، على الرغم من استيفائهم شروط التقدم لصندوق دعم الطالب، في حين رُشح للاستفادة 57 ألفا و747 طالبا وطالبة.
وتظهر الإحصائيات ارتفاعا متزايدا في عدد المتقدمين للصندوق، حيث زاد العدد عن العام الماضي بأكثر من 11 ألف طالب وطالبة، في وقت ارتفع فيه خلال 4 سنوات فقط إلى 37 ألف طلب.
وبالرجوع إلى العام الدراسي 2019-2018، بلغ عدد المتقدمين بطلبات منح وقروض حوالي 52 ألف طالب وطالبة، في حين تجاوز عددهم هذا العام الدراسي 89 ألفا.
ويتراوح سعر الساعة الدراسية لمعظم التخصصات في الجامعات الأردنية ما بين 45 و100 دينار، ويشكل هذا عبئا اقتصاديا كبيرا على الطلبة وأولياء الأمور، الأمر الذي يدفعهم لطلب منحة أو قرض يتم سداده لاحقا من أجل إكمال دراستهم الجامعية حتى ولو كان بالدين مؤجل السداد.
انتقادات لآلية توزيع المنح
يقول الدكتور فاخر دعاس المنسق العام للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة التي حملت شعار “ذبحتونا”، إن بيانات صندوق دعم الطالب أظهرت حرمان أعداد كبيرة من الطلبة المتفوقين من الحصول على منحة أو قرض، مما يضع علامة استفهام كبيرة حول آلية تقييم الطلبات وطريقة توزيع المنح والقروض.
ويوضح دعاس أن ازدياد عدد المتقدمين مردّه للارتفاع الكبير في الرسوم الجامعية في الوقت الذي يعاني منه المواطنون من أوضاع مالية صعبة، مشيرا إلى أن الأصل في التعليم الجامعي أن يكون مجانيا كما هو الحال في معظم دول العالم الفقيرة كاليمن وموريتانيا أو حتى الغنية كالكويت والسعودية وأيضا النامية كمصر وسوريا والمتقدمة مثل ألمانيا والسويد وغيرها.
بعض أهالي الطلبة غير المشمولين في المنح والقروض:
– ابنتنا آخر فصل الها ورح تنحرم من الدراسة بعد 4 سنوات!
– من وين ندفع!
– والله حاولنا لحتى نجمع نقاط أكثر!
– اكمال دراسة البنت كانت من المنح والقروض والآن ما رح تكمل دراستها! #قبول_جميع_طلبة_المنح_والقروض— النشامى | Nashama-JU (@nashamaju) January 15, 2023
الحل بيد الحكومة
من جهته، يقول الناطق باسم وزارة التعليم العالي مهند الخطيب إن المصادر المالية المتوفرة لدى الوزارة مكنتها من شمول 33 ألف طالب فقط في المنح والقروض، مما دفعها لاتخاذ إجراءات كزيادة قيمة الاقتطاع من الدعم الحكومي للجامعات لمصلحة صندوق الطالب، ورفد الحكومة بـ5 ملايين دينار من بند الطوارئ في الموازنة، الأمر الذي رفع عدد المستفيدين إلى 57 ألف طالب وطالبة.
وعن التساؤلات عن معايير الاختيار، قال الخطيب للجزيرة نت إن المنافسة تتم حسب اللواء، وكل لواء له حصة؛ “إذا ليس من العدالة مثلاً منافسة طالب في عمّان مع آخر في الطفيلة لأن الخدمات مختلفة، لذا قد تجد طالبا حصل على 600 نقطة في عمان ولم يحصل على منحة أو قرض، في حين حصل طالب آخر في لواء آخر على 150 نقطة واستفاد من الصندوق”.
وحول مشكلة عدم شمول أكثر من 23 ألف طالب محتاج، قال الخطيب إن الحل ليس بيد وزارة التعليم العالي، بل يحتاج لقرار على مستوى الحكومة الأردنية، ولكن إذا توفرت أي مخصصات مالية بقرار حكومي، فالوزارة مستعدة لتغطي أكبر عدد ممكن من هؤلاء الطلاب.
تحرك في الشارع
وشارك العشرات من الطلبة وذووهم اليوم الأحد في وقفة احتجاجية أمام البرلمان الأردني، مطالبين بشمول جميع المتقدمين لصندوق دعم الطالب بالمنح والقروض أسوة بالعام الماضي، الذي استفاد فيه من الصندوق ما نسبته 100% من المتقدمين، في حين أطلق عدد من الطلبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسم “قبول جميع طلبة القروض والمنح” للتعريف بقضيتهم.
حلول مقترحة
ويقول المدير التنفيذي لجمعية صندوق “حياة” للتعليم خالد العالم إن مشكلة تمويل الطلبة الجامعيين تتفاقم عاما بعد آخر، مشيرا إلى ارتفاع ملحوظ في أعداد المتقدمين للصندوق والجمعيات المماثلة، مما يدلل على أزمة حقيقية”.
ولفت إلى أن جزءا من المتقدمين هم ممن كانوا سابقا مقتدرين واجهوا مع تداعيات أزمة كورونا مشاكل اقتصادية حدّت من قدراتهم على تغطية نفقات إكمال الدراسة.
ويذكر خالد العالم بجملة من الحلول التي قد تسهم في معالجة جزء من الأزمة: إعادة النظر في سياسات الرسوم الجامعية وأسعار الساعات، وتعزيز ثقافة مجتمعية لدى المتبرعين خاصة بما يشمل أهمية الإنفاق على التعليم باعتباره جزءا من الاستثمار في الإنسان وبناء مستقبله، والعمل على توجيه الأهل لأبنائهم نحو المجالات المهنية ومراكز التدريب أكثر من التخصصات الأكاديمية.