أصبحت الخيمة حلما للكثيرين.. أزمة إيواء كبيرة تجتاح شمالي سوريا منذ الزلزال المدمر
شمالي سوريا ـ في مخيم الكمونة الواقع بالقرب من الحدود السورية التركية يعيش حازم حاج عمر مع عائلته وعائلة ابنه منذ 10 أيام ضمن خيمة مساحتها 40 مترا مربعا.
حازم (41 عاما) كان يمتلك شقة سكنية مساحتها 200 متر مربع وكان يعيش فيها هو وعائلة ابنه، أي أكثر من 12 فردا، ولكنهم اضطروا للنزوح إلى مخيم الإيواء بسبب الخوف من الهزات الارتدادية بعد الزلزال وتصدع المباني.
وفي حديث للجزيرة نت، يؤكد حاج عمر أنه يبحث منذ أسبوع عن خيمة ليشتريها ولكنه لم يجد حتى الآن بسبب الطلب الكبير على الخيام من قبل النازحين والمنظمات التي تقوم بطلب مخيمات الإيواء.
ويضيف أن “معظم أصحاب الشقق السكنية يبحثون عن خيام لنصبها بجانب مبانيهم ليبقوا قريبين منها، ولكن بسبب الطلب الكبير وعدم وجود شحنات من الخارج فإن العائلات مضطرة للاكتظاظ في خيمة واحدة”.
وارتفعت أسعار الخيام لنحو 3 أضعاف بسبب الطلب الكبير عليها رغم أنها لا تحقق متطلبات وشروط المعيشة للعوائل، خصوصا في ظل عدم توفر مكان للصرف الصحي.
أسعار الخيام
ووصل سعر الخيمة الواحدة -التي كان سعرها 100 دولار- إلى 300 دولار، فيما وصلت سعر الخيمة من النوع الجيد إلى 500 دولار.
بدوره، أكد عبيدة دندوش عضو فريق “منسقو استجابة سوريا” أن أعداد النازحين الموثقين والنازحين ضمن مراكز الإيواء بلغت أكثر من 55 ألف نازح، فيما بلغ عدد النازحين الكلي قرابة 190 ألف نسمة، يشكل الأطفال والنساء والحالات الخاصة 65% منهم.
ولفت دندوش في حديث للجزيرة نت إلى أن عدد المنازل المدمرة بلغ 1298 منزلا، مع وجود منازل متصدعة زادت على 11 ألف منزل، كما لم توثق كافة المنازل المتصدعة بسبب وجود تصدعات أو أضرار مخفية تؤثر بشكل مباشر على هيكل المبنى.
وبحسب دندوش، فقد تجاوز عدد المتضررين من الزلزال في المنطقة مليونا و43 ألفا و833 نسمة، وتشمل المتضررين والنازحين والمجتمعات المضيفة، ومن المتوقع ازدياد عدد المتضررين خلال الفترة القادمة نتيجة الضعف الكبير في عمليات الاستجابة الإنسانية.
احتياجات متعددة
وأشار الناشط الإنساني إلى أن التأمين الأولي لمعدات المخيمات (الخيام أو وحدات سكنية دائمة أو مؤقتة) ارتفع إلى قرابة 23 ألف عائلة كمرحلة أولى ريثما يتم الانتهاء من دراسة واقع الأبنية في المنطقة والتي ستسمح بعودة عدد من العائلات إلى منازلها، وقدرت سابقا الحاجة الملحة بـ20 ألف خيمة لاستيعاب موجة النزوح الحالية.
وبالنسبة لقطاع المواد غير الغذائية، أشار دندوش إلى أنه “تم تقديم مواد لـ25 ألفا و743 عائلة كمرحلة أولى، أما مواد التدفئة والمستهلكات فيتوجب العمل على تقديم مواد التدفئة والملابس لكافة النازحين المسجلين والمتضررين داخل مناطق النزوح”.
مياه نظيفة
وختم دندوش حديثه بالتأكيد على ضرورة تقديم مياه نظيفة ومعقمة بمعدل 3 لترات يوميا للشخص البالغ بالحد الأدنى، إضافة إلى ترحيل يومي للفضلات بمعدل مرتين يوميا من مراكز الإيواء والتجمعات السكنية والمخيمات التي تضم النازحين الجدد، مما يشكل تحديا في ظل الظروف الحالية.
وأعلن فريق “منسقو استجابة سوريا” أنه قام بتقديم سلال غذائية جافة لأكثر 28 ألفا و743 عائلة، إضافة إلى تأمين سلال طوارئ جاهزة للأكل بشكل عاجل لأكثر من 60 ألف عائلة لضمان الأمن الغذائي.
عباس المربوع (30 عاما) انتقل مع عائلته من ولاية هاتاي التركية إلى شمال سوريا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، وذلك خلال الزيارة التي سمحت بها الحكومة التركية للسوريين.
لم يجد عباس مأوى له في المنطقة المكتظة بالمخيمات، كذلك لم يعد بإمكانه استئجار شقة سكنية، بسبب الخوف من تعرضها للتدمير بسبب الزلزال.
وأشار المربوع في حديث للجزيرة نت إلى أنه أرسل والده ووالدته إلى عائلة شقيقته التي تقطن في خيمة بالمخيمات الواقعة بالقرب في مدينة سرمدا شمال إدلب والتي لا تتجاوز مساحتها 40 مترا مربعا، مؤكدا أن البديل مفقود حاليا، ومجبرون على تحمل الاكتظاظ.
وأضاف “لم تسعنا الخيمة كلنا، لذلك اضطررت للعيش أنا وعائلتي مع عائلة زوجتي في خيمة أفراد آخرين ضمن المخيم، كذلك هم نازحون من شقة سكنية إلى خيمة، مؤكدا أن أوضاع الناس عموما كارثية”.
يشار إلى أن مناطق شمال غربي سوريا كانت قبل الزلزال تضم مئات آلاف النازحين الذين يقطنون في خيام ويعانون من تسرب المياه، ليضاعف الزلزال معاناتهم وتصبح الخيمة حلما للكثيرين منهم.