ميدل إيست آي: الإمارات تدعم مستخدمي تويتر لخدمة إسرائيل
قال الكاتب أندرياس كريغ إن الهوة تتسع يوما بعد يوم بين الحقيقة كما هي على الأرض في القدس وبين ما تسعى
إسرائيل لتصديره للعالم. وفي هذا السبيل تحظى شبكة العلاقات العامة الإسرائيلية بدعم من جهة قد تبدو للوهلة الأولى
غير معتادة: إنها الإمارات العربية المتحدة.
وتابع في مقال له على موقع “ميدل إيست آي” بأنه عندما نمعن النظر “نجد أن الدعم الإماراتي للممارسات العنيفة
للشرطة الإسرائيلية ضد المتظاهرين السلميين ليس عرضياً”.
وأضاف: “حتى قبل اتفاقيات أبراهام، التي دشنت العلاقات الرسمية بين الإمارات وإسرائيل، كانت أبوظبي تبدي
تآزراً أيديولوجياً مع المواقف الإسرائيلية التي تزداد تطرفاً نحو اليمين ومع السرديات التي تقوم على الخوف بهدف
تبرير قمع المجتمع المدني العربي”.
وتاليا المقال كاملا كما ترجمه موقع “عربي21“:
بدعم ضمني من الدولة في الإمارات، يقوم مستخدمو تويتر بلي وانتقاء وإعادة تشكيل الحقائق خدمة لإسرائيل على
حساب الفلسطينيين.
تتسع الهوة يوما بعد يوم بين الحقيقة كما هي على الأرض في القدس وبين ما تسعى إسرائيل لتصديره للعالم، وفي هذا
السبيل تحظى شبكة العلاقات العامة الإسرائيلية بدعم من جهة قد تبدو للوهلة الأولى غير معتادة: إنها الإمارات.
ولكن عند النظر بتمعن نجد أن الدعم الإماراتي للممارسات العنيفة للشرطة الإسرائيلية ضد المتظاهرين السلميين ليس
عرضياً، فحتى قبل اتفاقيات أبراهام، التي دشنت العلاقات الرسمية بين الإمارات وإسرائيل، كانت أبوظبي تبدي تآزراً
أيديولوجياً مع المواقف الإسرائيلية التي تزداد تطرفاً نحو اليمين ومع السرديات التي تقوم على الخوف بهدف تبرير
قمع المجتمع المدني العربي.
بينما كانت المقاربة الإماراتية الخافتة تجاه القضية الفلسطينية تصم الآذان بصمتها وعلى مدى سنوات، إلا أن البلاد ما
فتئت تشهد في فترة ما بعد اتفاقيات أبراهام انطلاق شبكات التضليل الإعلامي التابعة للدولة في دعم أعمى للتقليد
الإسرائيلي القديم الذي يعتمد الانتقائية في سرد الأخبار.
تحت راية الهاسبارا (والمشتقة في العبرية من مفردة “يشرح”)، نجحت إسرائيل لعقود في كسب القلوب والعقول في
الغرب لصالح احتلال بات يصعب بشكل متزايد تبريره. فإسرائيل تصنف النشطاء على أنهم “إرهابيون”، وتصم
منتقديها بأنهم “معادون للسامية” وتصف الأدلة التي تثبت ممارسة العنف الإسرائيلي ضد النساء والأطفال بأنها
“أخبار كاذبة”.
على الرغم من أن إسرائيل، على الأقل منذ عام 1967، لم تكن داود في هذا الصراع الذي عادة ما يعتبر الخصم فيه
“جالوت العربي”، فإن العنف السياسي والبنيوي والأمني الذي يمارس ضد المدنيين المحرومين من كل سبل الحماية
يتم تبريره في إسرائيل من خلال الخوف ومن خلال تقمص شخصية الضحية.
غض الطرف
تم إنتاج الهاسبارا أساساً من أجل الاستهلاك الغربي، حيث أن الشارع العربي كما يقولون غير قابل للكسب – حتى
وقت قريب، حسابات إسرائيل على تويتر باسم “إسرائيل بالعربي” أو “إسرائيل في الخليج” ظلت مهملة وقلما يأبه لها
أحد في العالم العربي، وفي المقابل لطالما كانت القضية الفلسطينية العنصر الوحيد الذي يجمع عالماً عربياً يختلف
على كل شيء سواها – حتى وقت قريب.
قليلون هم من انطلت عليهم فكرة أن اتفاقيات إبراهيم ستمكن الإمارات من امتلاك وسيلة للضغط على إسرائيل حتى
تساعد القضية الفلسطينية، بل توقع معظم المحللين أن تستمر أبوظبي في غض الطرف عن المعاناة الفلسطينية، إلا أن
المفاجأة كانت في رؤية الإماراتيين يذهبون إلى حد القفز إلى عربة الهاسبارا الإسرائيلية، بحيث يقومون بلي وانتقاء
وإعادة تشكيل الحقائق خدمة لإسرائيل على حساب الفلسطينيين.
أكثر ما يثير الانتباه في الأمر أن مؤثري السوشال ميديا الإماراتيين، والذين يغردون برخصة من حكومة الإمارات
اختاروا أن يشيدوا بسلوك إسرائيل في الوقت الذي كانت فيه الشرطة الإسرائيلية المدججة بالسلاح تحاصر المسجد
الأقصى وتعتدي على المصلين داخل ثالث أقدس مكان عند المسلمين وفي أيام شهر رمضان المعظم.
اختار المؤثر الإماراتي حمد الحوسني أن يعيد تغريد فيديو صادر عن حساب “إسرائيل بالعربي” يتهم المحتجين زوراً
وبهتاناً بأنهم مسيرون من قبل حماس، مضيفاً بعبارة منه هو: “حفظ الله الحرم القدسي من عبث الإرهاب”، أما المؤثر
منذر الشحي فأعاد تغريد “إسرائيل بالعربي” أيضاً وقال: “شكرا إسرائيل بالعربية على توضيح الحقيقة”.
ورد مؤثر إماراتي آخر اسمه حسن سجواني على تغريدات محلية إماراتية تحت وسم “أنقذوا الشيخ جراح” بالتساؤل
ماذا بشأن الهجوم البشع على مدرسة في أفغانستان، ومضى ليتساءل: “لماذا لا يخلي المحتجون الفلسطينيون المسجد
الأقصى ويعود كل منهم ببساطة إلى بيته.”
تهديد وجودي
وكما يفهم من صور البروفايل واللوحات هذه الحسابات على السوشال ميديا ليست مجرد إماراتيين عشوائيين يعبرون
عن آراء سياسية. في بلد لا وجود للمجتمع المدني فيه ويجرم فيه النشاط السياسي، فإن أي تدفق مفاجئ للرسائل
السياسية لابد أن يكون بإيعاز من الدولة.
مثل هذه الحسابات ما هي سوى أدوات مباشرة لنظام لا يقل خشية من الشارع العربي عن خشية إسرائيل منه. فمثلها
مثل حكومة نتنياهو والمؤسسة الأمنية في إسرائيل رأت أبوظبي في الربيع العربي مشكلة كبيرة، بل والأكثر من ذلك
اعتبرته تهديداً وجودياً محتملاً.
يرى النظام في أبوظبي كابوساً أمنياً في أي حراك شعبي خارج عن السيطرة يتم تنظيمه للتضامن مع تظلمات
مشروعة مثل القضية الفلسطينية. علماً بأن أبوظبي تحولت خلال العقد الماضي إلى راعي السلطوية للثورة المضادة
في المنطقة.
ومثلها مثل إسرائيل تبنت الإمارات العربية المتحدة سرديات قائمة على الخوف من النشاط السياسي العربي ومن
الإسلام السياسي. ومثلها مثل إسرائيل فإنها تضع جميع الإسلاميين ونشطاء المجتمع المدني في خانة واحدة وتصمهم
بالإرهاب، وباتت ترى في المسجد منصة خطرة يمكن أن يستغل لتحريك المجتمع، ولذا فهي تقوم بإخضاع المساجد
والخطب والأئمة للسيطرة الكاملة للدولة.
وتحت ذريعة “التسامح” تبنت الإمارات العربية نزع السياسة من الدين وإعادة تسييسه بحيث يصبح أداة في يد النظام
لفرض الأمن وإحكام السيطرة. ومثلها مثل إسرائيل، حولت الإمارات العربية المتحدة خوف الغرب من الإسلام إلى
سلاح لتبرر القمع الذي تمارسه بحق المعارضين والمخالفين.
بل لقد استثمرت القيادة الإماراتية في نمط خاص بها من الصوفية التي تشيطن كل من يعصي الحاكم. وكان حمزة
يوسف، الذي تربطه صلات وثيقة بمجلس الفتوى في الإمارات العربية المتحدة، قد قال في عام 2019 في مقابلة
مع قناة فرنسا 24 إن أفضل ما يخدم القضية الفلسطينية هو الإحجام عن فعل أي شيء.
الإمارات تسحق المجال العام
استبدال التعاطف العام مع فلسطين بمقاربة تتجاوب مع الدعاية الصهيونية لا يأتي من منطلق سعي الإمارات لإرضاء
شريكها الاستراتيجي الجديد، بل الأسوأ من ذلك هو أن تطبيع العنف الإسرائيلي ضد المتظاهرين السلميين من قبل
حسابات السوشال ميديا الإماراتية ينبثق عن خوف من انطلاق حراك شعبي محلي مناصر لفلسطين.
يقبل النظام وأتباعه في أبوظبي بالهجوم الإسرائيلي الأخير على المسجد الأقصى أثناء شهر رمضان المعظم بسبب
الخشية من القلق الذي يمكن أن يتولد داخل المجال العام الإماراتي المسحوق من خلال النقاش الذي قد يتجاوز
المواضيع التي يقرها النظام، مثل الرياضة أو الترفيه، لقد تمت التضحية بالقضية الفلسطينية على مذبح أمن النظام.