في حال أودع السجن.. هل يستطيع ترامب الترشح لانتخابات 2024 وحكم البيت الأبيض؟
واشنطن- تحبس الولايات المتحدة أنفاسها بعدما أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه يتوقع أن تُلقي السلطات القبض عليه، الثلاثاء، ودعا أنصاره للاحتجاج.
وأكد عدد من خبراء القانون الدستوري الأميركي عدم وجود ما يمنع ترشّح ترامب لانتخابات 2024، حتى لو تمت إدانته، أو حتى لو كان يقضي عقوبة السجن.
تفاوض
وذكرت تقارير أن مكتب المدعي العام، لمنطقة مانهاتن بنيويورك، عرض على ترامب فرصة الاستسلام كجزء من حزمة كفالة تم التفاوض عليها مسبقا قبل اتهامه المحتمل، لكن الرئيس السابق لم يوافق بعد على هذه الخطوة.
ومن المتوقع أن يتم اتهام ترامب بدفع أموال سرية لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز التي ادعت أنها كانت على علاقة جنسية معه عام 2006. وينفي ترامب أن يكون على علاقة مع هذه الممثلة، وقال إنه لم يرتكب “أي خطأ على الإطلاق” في منشور حديث على منصة “تروث” (Truth).
ويركز التحقيق على دفع مبلغ 130 ألف دولار قبل أسابيع من انتخابات العام 2016 لشراء صمت دانييلز، الأمر الذي كان سيضر بحظوظ المرشح الرئاسي الذي فاز في تلك الانتخابات.
ورغم أن دفع هذا المبلغ يعتبر بحد ذاته قانونيا، إلا أنه يطرح مشكلة على اعتبار أن مكتب المدعي العام في نيويورك، والذي يقود التحقيق، يتعامل معه على أنه تبرّع خفي في إطار حملة الرئيس، وذلك في انتهاك لقوانين التمويل الانتخابي.
وذكرت شبكة “فوكس نيوز” أن ألفين براغ المدعي العام لمنطقة مانهاتن طلب عقد اجتماع مع سلطات إنفاذ القانون، بما في ذلك الخدمة السرية الأميركية المكلفة بحماية الرئيس السابق، قبل توجيه الاتهام المحتمل “لمناقشة الخدمات اللوجستية” مما يعني أنهم يتوقعون تقديم لائحة اتهام لترامب خلال أيام.
وتشير تقارير إلى أن الخدمات اللوجستية المقصودة تتمحور حول ما إذا كان ترامب سيستسلم طواعية بمركز للشرطة في مانهاتن بمدينة نيويورك، حيث يتم حجزه ونقله إلى المحكمة الجنائية ليتم التحقيق معه بشأن التهم الموجهة إليه.
الحكم من السجن
ويجري تناول موضوع الرئاسة والسجن في عدد من المنتديات مؤخرا، وتوصّل المؤرخون والعلماء وغيرهم من جميع الأطياف السياسية والأيديولوجية بشكل موحد تقريبا إلى نفس النتيجة التي مفادها أن ترامب لا يزال بإمكانه الترشح والانتخاب، وحتى الفوز رغم إدانته. ولكنه قد يضطر إلى ممارسة واجباته من مكان غير البيت الأبيض، وهو السجن في هذه الحالة.
وقال آلان ديرشوفيتز خبير القانون الدستوري بجامعة هارفارد، خلال مقابلة تليفزيونية الأحد، إنه يتوقع توجيه الاتهام إلى ترامب وإدانته في مدينة نيويورك بسبب ما اعتبره “النظام القانوني غير العادل”. وأضاف أيضا أن الرئيس السابق لا يزال بإمكانه الترشح للرئاسة وحتى الخدمة في منصبه من السجن إذا أدين.
وكان ترامب قد تعهد في السابق بمواصلة حملته الرئاسية لعام 2024، حتى لو تم توجيه الاتهام إليه، حيث يقول بعض الخبراء القانونيين إن مثل هذا الوضع قد يضاعف من حماس قاعدته الشعبية.
ولا يمنع دستور الولايات المتحدة المجرمين المدانين من متابعة أو شغل مناصب منتخبة، بما في ذلك الرئاسة. ومع ذلك، فإن التعديل الدستوري رقم 14 مكّن الكونغرس من تمرير القوانين التي تمنع الأفراد الذين شاركوا في تمرد ضد البلاد من شغل مناصب، على الرغم من أن البعض قال إن هناك مجالا لترامب لمحاربة هذا الاحتمال، إضافة لاستحالة موافقة مجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية على مثل هذا الاقتراح.
وتحقق وزارة العدل حاليا في دور الرئيس السابق في إثارة أعمال الشغب لدى اقتحام مبنى الكابيتول (الكونغرس) في 6 يناير/كانون الثاني 2021، بناء على إحالات جنائية من لجنة اختيار مجلس النواب العام الماضي، وبتهمة “التحريض أو المساعدة في التمرد”.
إيلون ماسك: إذا تم اعتقال ترامب ، فسيفوز بانتخابات 2024 بانتصار ساحق. pic.twitter.com/pBeyQcUJfE
— 🇺🇸محمد|MFU (@mfu46) March 18, 2023
شروط دستورية حصرية
ويحدد الدستور شروطا حصرية تتضمن 3 مؤهلات للرئيس، أولها ألا يقل عمره عن 35 سنة، وأن يكون أميركيا عند مولده، وأن يكون أقام 14 عاما داخل الأراضي الأميركية. وتنطبق على ترامب الشروط الثلاثة التي لن تغيرها محاكمة أو إدانة الرئيس وسجنه.
وسبق أن رأت المحاكم أن فرض شروط إضافية خارج تلك المنصوص عليها في الدستور أمر غير مسموح به. فقبل أكثر من 3 سنوات، سنّت ولاية كاليفورنيا قانونا يطلب من المرشحين الذين يظهرون في الاقتراع التمهيدي الرئاسي بالولايات الكشف عن إقراراتهم الضريبية. ولم يكن ترامب قد فعل ذلك.
رغم هذا، فإن المحكمة العليا بكاليفورنيا في قضية عام 2019 بعنوان “باترسون ضد باديلا” حكمت بأن الحظر غير دستوري. وبالتالي، سمح للرئيس ترامب في الظهور في بطاقات الاقتراع وفاز بالانتخابات التمهيدية للجمهوريين، قبل أن يهزمه جو بايدن في الانتخابات العامة بولاية كاليفورنيا.
سوابق تاريخية
وترشح يوجين دبس، وهو زعيم اشتراكي وعمالي معروف أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20، للرئاسة عام 1920 على الرغم من وجوده في سجن فدرالي بمدينة أتلانتا بولاية جورجيا.
وحصل دبس على 913 ألف صوت، أي 3.4% من أجمالي الناخبين، والتي ذهبت بأغلبية ساحقة للجمهوري وارن هاردينغ الذي فاز بهامش ساحق بنسبة 60% على المنافس الديمقراطي جيمس كوكس.
وكان هذا الزعيم الاشتراكي يقضي عقوبة سجن تبلغ 10 سنوات بدأت عام 1918 بسبب التحدث علنا عن تورّط أميركا بالحرب العالمية الأولى، خاصة لتثبيط الرجال عن التعاون مع التجنيد العسكري. وبعد الانتخابات، خفف الرئيس الجديد آنذاك من عقوبته عام 1921.
وكذلك فعل المرشح اليميني ليندون لاروش، ولم يحصل إلا على حفنة من الأصوات بانتخابات عام 1972 وكان قد قضى عدة سنوات في السجن.
وتبقى الطريقة الوحيدة، وإن كان من الصعب إثباتها -لمنع ترشح ترامب هي تأكيد أنه شارك أو ساعد في “تمرّد” 6 يناير/كانون الثاني 2021 واقتحام الكابيتول- بموجب القسم الثالث من التعديل الـ 14 بعد الحرب الأهلية، والذي يهدف إلى منع المسؤولين العسكريين والحكوميين الكونفدراليين السابقين من شغل مناصب فدرالية.