وثائق البنتاغون المسربة: الموساد وراء الاحتجاجات في اسرائيل
وثائق البنتاغون المسربة كشفت ان المخابرات الإسرائيلية (الموساد) هي التي تقف وراء الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والموساد ينكر ذلك. فما وراء الخبر؟
جاءت المعلومات الاستخباراتية المسربة في شكل مذكرة من المخابرات الأمريكية. و زعمت أن الموساد “دعا المسؤولين والمواطنين الإسرائيليين للاحتجاج على الإصلاحات القضائية المقترحة من الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
حيث اتى في وثائق البنتاغون المسربة التي تحمل عنوان سري للغاية “أنه في شباط / فبراير، حفز كبار قادة جهاز التجسس “الموساد” مسؤولي الموساد و المواطنين الإسرائيليين للاحتجاج على الإصلاحات القضائية المقترحة للحكومة الإسرائيلية الجديدة.
ومن ناحية اخرى أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية في أواخر فبراير أنه سمح لموظفي الموساد ذوي الرتب المنخفضة بالمشاركة في المظاهرات، بشرط ألا يعلنوا عن انتماءاتهم المهنية. جاء القرار رداً على التماس من ضباط المخابرات يشيرون إلى أنهم لن يذهبوا إلى الخدمة إذا تم المضي قدما في التشريع.
إن ظهور هذه المعلومات نتيجة التجسس الأمريكي على أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، يمكن أن يزيد من تأجيج الاضطرابات السياسية في إسرائيل.
ردود الفعل الرسمية على وثائق البنتاغون المسربة
وقال ناتان ساكس، الباحث في شؤون إسرائيل في معهد بروكينغز: “إذا كانت وثائق البنتاغون المسربة دقيقة، فهذا تغيير دراماتيكي في الإجراءات من قبل قيادة الموساد و يضع إسرائيل في موضع غير مسبوق”
واضاف ساكس: “إذا كانوا ينظمون ضد إصلاحات نتنياهو بصفتهم الرسمية، فهذه فضيحة حقيقية”. “هذا خط ليس من المفترض أن يتخطاه الموساد، ويمكن أن تتوقع تداعيات كبيرة له.”
بينما أصدر مكتب رئيس الوزراء، الأحد، بيانا باسم الموساد، وصف فيه التقارير الإعلامية حول المذكرة بأنها “كاذبة ولا أساس لها على الإطلاق”.
ذكر في البيان”إن التقرير الموجود ضمن وثائق البنتاغون المسربة والتي تم نشرها بين عشية و ضحاها في الصحافة الأمريكية كاذب ولا أساس له على الإطلاق. ولم يشجع الموساد وكبار مسؤوليه ولا أفراد الجهاز على الانضمام إلى التظاهرات ضد الحكومة أو المظاهرات السياسية أو أي نشاط سياسي اخر.
وأضاف أن “الموساد وكبار موظفيه والعاملين به مكرسون لخدمة الدولة التي قادت الموساد منذ تأسيسه”.
وقد يؤدي دور واشنطن في الكشف عن مخاوف الموساد بشأن الإصلاح الشامل إلى إثارة نيران المحافظين الإسرائيليين، الذين اتهم بعضهم بالفعل الولايات المتحدة بإثارة الاحتجاجات سراً، وهي اتهامات تنفيه واشنطن بشكل قاطع.
في الشهر الماضي، زعم نجل نتنياهو يائير أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت “وراء الاحتجاجات في إسرائيل، بهدف الإطاحة بنتنياهو، من أجل إبرام اتفاق مع الإيرانيين”.
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل هذه التهمة، قائلا “أي فكرة بأننا ندعم هذه الاحتجاجات أو المبادرين لها خاطئة تماماً”.
وقال ساكس إن أي دور تجسس أميركي في اعتراض اتصالات قادة الموساد “يمكن أن يوفر تغذية لبعض اليمينيين الذين يقاومون مخاوف إدارة بايدن بشأن الثورة القضائية”.
في أواخر مارس، أدلى وزير الدفاع غالانت ببيان متلفز دعا فيه إلى تجميد التشريع، بحجة أنه يضر بقدرة البلاد على الدفاع عن نفسها. و قال: “الشقاق داخل مجتمعنا يتسع ويخترق جيش الدفاع الإسرائيلي”. هذا خطر واضح وفوري وملموس على أمن الدولة ولن أكون طرفًا فيه”.
أفادت القناة 12 الإسرائيلية أن آفي ديختر، وزير الزراعة والرئيس السابق لوكالة المخابرات الداخلية شين بيت، أعرب بشكل خاص عن مخاوفه بشأن تأثير ما حدث على التماسك الوطني.
كتب قادة الاحتجاج في رسالة تم تداولها عبر واتساب: “لقد فشلت الحكومة الإسرائيلية في كل المجالات، وبدلاً من التركيز على الأمن، أعلن وزراء كبار عن نيتهم تمرير الانقلاب القضائي في نهاية عطلة الكنيست”.
ما الذي تم الكشف عنه في الوثائق المسربة
ان وثائق البنتاغون المسربة قليلة التفاصيل فيما يتعلق باسرائيل، وليس من الواضح من في قيادة الموساد حفز العملاء و المدنيين للاحتجاج على خطط نتنياهو. حيث جاء في الوثيقة المسربة أن جهود قادة الموساد لتشجيع المظاهرات حدثت في “أوائل إلى منتصف فبراير”.
تم تصنيف المعلومات بموجب قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (FISA)، مما يعني أن جمع المعلومات الاستخباراتية تتطلب موافقة قاضٍ فيدرالي على النحو المنصوص عليه بموجب قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية.
في البداية، التزم البنتاغون الصمت بشأن التسريب، الذي كشف عن ما هو أبعد من إسرائيل ووصولاً إلى أوكرانيا وحلفاء آخرين للولايات المتحدة.
فهي عبارة عن تقارير استخباراتية عالمية حول دول في الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، بالاضافة الى تحديثات ساحة المعركة على المستوى التكتيكي وتقييمات القدرات الدفاعية الأوكرانية وأكثر بكثير. يبدو أن المعلومات الواردة في الوثائق، التي يعود تاريخها إلى أواخر فبراير وأوائل مارس.
رفض مجلس الأمن القومي ومكتب مدير المخابرات الوطنية ووزارة الخارجية التعليق يوم السبت على المذكرة المتعلقة بإسرائيل. بينما قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع سابرينا سينغ يوم الجمعة إن التسريب قيد المراجعة، و ان وزارة الدفاع تراجع الأمر بدقة، وقد قامت بإحالته بشل رسمي إلى وزارة العدل للتحقيق فيه”
في حين قالت وزارة العدل بدورها إنها فتحت تحقيقاً حول هذا الموضوع.
أشارت تقارير إعلامية إلى أنه على الرغم من أن وثائق المخابرات الأمريكية تبدو أصلية، الا ان هذا لا يشير بالضرورة إلى صحة التقارير.
خلاصة لاحتجاجات اسرائيل المستمرة
تأتي وثائق البنتاغون المسربة والمحرجة هذه في وقت الاضطرابات الداخلية في إسرائيل، حيث تواجه حكومة نتنياهو، الأكثر يمينية ومحافظة دينيًا في تاريخها، أزمات على جبهات متعددة.
حيث أدت خطة الإدارة الجديدة لإضعاف المحكمة العليا في البلاد إلى انقسام المجتمع، وإخراج مئات الآلاف إلى الشوارع، بالاضافة الى حدوث انشقاقات في الجيش، وانضمام دبلوماسيون إسرائيليين إلى الاحتجاجات، وأغلاق عشرات السفارات الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم ليوم واحد.
بينما في العلن، جاءت المعارضة أساسًا من القواعد الشعبية، في حين وقف المشرعون الحاليون والشخصيات الأمنية مؤيدين أو صامتين. وكان وزير الدفاع يوآف غالانت، الشخصية الرئيسية الوحيدة التي خرجت عن هذه القاعدة، فقد اعلن انزجاره عن حكومة اسرائيل في أواخر مارس / آذار، وكان هو نفسه تحت ضغط من زملائه العسكريين السابقين. في اليوم التالي، أعلن نتنياهو إقالة غالانت من منصبه.
أثار المواطنون الإسرائيليون ضجة في الأسابيع الأخيرة بسبب جهود نتنياهو لإصلاح النظام القضائي في البلاد.
وافق نتنياهو على وقف عملية الإصلاح في أواخر مارس، مع وصول الاحتجاجات إلى ذروتها، وذلك حتى الجلسة البرلمانية القادمة في 30 أبريل.
سيكون لإصلاحات رئيس الوزراء تأثير كبير على المجتمع الإسرائيلي. لأن العديد من القضايا الشائكة في البلاد من بينها حقوق الفلسطينيين، وشؤون الدين والدولة، وحقوق الأقليات المدنية ينتهي امرها الى المحاكم الإسرائيلية. ومن شأن الإصلاح المقترح أن يمنح سيطرة البرلمان الإسرائيلي على التعيينات القضائية، ويلغي المراجعة القضائية للتشريعات ويسمح للمشرعين بالتصويت ضد قرارات المحكمة العليا، بالاضافة الى تغيير لجنة اختيار القضاة، المسؤولة عن تعيين قضاة جدد في نظام المحاكم.
المصدر: washingtonpost + nytimes + رأي الخليج