الاخبار العاجلةسياسة

ضغط على الخدمات أم تقصير؟ اختفاء مئات الأطفال من طالبي اللجوء يثير القلق في بريطانيا

لندن- يتصاعد القلق في بريطانيا إثر تقارير عن اختفاء مئات الأطفال من طالبي اللجوء، الذين لم يكونوا مصحوبين بذويهم وقت عبورهم الحدود، في حين حذّرت الأمم المتحدة من مخاطر الاتجار بهم وانتهاك القانون الدولي.

وخلُص تقرير للأمم المتحدة صدر يوم 11 أبريل/نيسان الجاري إلى أن حكومة المملكة المتحدة “فشلت في الامتثال لالتزاماتها الأساسية بضمان مصالح الأطفال الفضلى من دون تمييز، ومنع الاتجار بهم”.

وأشار التقرير إلى أن السلطات البريطانية قامت بإيواء 4600 طفل من طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم في 6 فنادق منذ يونيو/حزيران 2021، وأن 440 طفلا -أغلبهم من الألبانيين- قد اختفوا من هذه الفنادق.

 

 

تحذير من الاتجار بالبشر

وأعد التقرير كل من مقرر الأمم المتحدة المعني بالاتجار بالبشر سيوبان مولالي، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين فيليبي غونزاليز موراليس، والمقرر الخاص المعني بأشكال الرق المعاصرة تومويا أوبوكاتا.

ودعا هؤلاء الخبراء الحكومة البريطانية إلى إنهاء وضع الأطفال في فنادق تشبه السجون، إذ حذر التقرير من أن “هذه الممارسات تضع الأطفال في مناخ يتزايد فيه ضحايا الاتجار بالبشر وأشكال الرق المعاصر”.

وأوضح خبراء الأمم المتحدة في تقريرهم أن “السياسة الحالية المتمثلة في وضع الأطفال طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم في فنادق تضعهم خارج نظام حماية الطفل المعمول به في المملكة المتحدة”، ووصفوا هذه السياسة بأنها “تتسم بالتمييز”، مضيفين أن “الإخفاقات والثغرات في حماية الأطفال طالبي اللجوء تزيد من المخاطر التي يواجهونها”.

GettyImages 1402854616
انتقادات أممية ومن مؤسسات المجتمع المدني لنظام إيواء الأطفال من طالبي اللجوء (غيتي)

مطالب بالحماية

تواصلت الجزيرة نت مع باتريشيا دورر من منظمة “كل طفل له حق في الحماية من الاتجار” (ECPAT UK)، وأكدت مشاهدة بعض الأطفال المفقودين في مدينة برمنغهام، التي تبعد مئات الكيلومترات عن الفنادق الستة لطالبي اللجوء الواقعة على المدن الساحلية.

وحسب دورر، فإنه “تم التأكد من انخراط أحدهم مع إحدى عصابات المخدرات”، مما أثار قلق المنظمة وعدة منظمات أخرى لجأت للتوقيع على عريضة تحث رئيس الوزراء ريشي سوناك على التدخل الفوري لإنقاذ الأطفال من هذا المصير.

وأكدت دورر أن الظروف المعيشية في الفنادق غير مناسبة للأطفال، إذ أوردت المنظمة معلومات عن أن بعض العاملين في تلك الفنادق لم يتم وضعهم في صورة إجراءات التدقيق المتعارف عليها في المباني التي تخدم الأطفال في المملكة المتحدة، كالمدارس والنوادي، التي تمنع البالغين من دخول هذه المباني من دون التحقق من سجلهم الإجرامي، “ويبدو أن هذا النظام غير معمول به في هذه الفنادق”.

وأضافت المسؤولة بالمنظمة أن الفنادق -بوصفها مقار تسكين- لا يوجد بها متخصصون في رعاية الأطفال، بل موظفو أمن فقط. ومن المتوقع أن هؤلاء الأطفال تعرضوا لرحلة قاسية خلال عبور الحدود، ولربما تكون هناك قصة مأساوية دفعتهم للخروج من بلادهم ويعانون من كرب ما بعد الصدمة، وكل هذا يجعلهم بحاجة ماسّة لرعاية خاصة، وليس لمجرد أمن وموظفين وإطعام.

وقالت دورر إن “معايير الرعاية إلزامية بموجب القانون لأي طفل دون 18 عاما على أراضي المملكة المتحدة، بغض النظر عن أوراقهم الثبوتية أو جنسيتهم. ويمكن مقارنة هذه المعايير مع الأطفال المعرضين للعنف من ذويهم الذين يتم إدخالهم في نظم رعاية خاصة من المفترض أن يُدرج فيها الأطفال طالبو اللجوء الذين وصلوا البلاد من دون ذويهم، وخلاف ذلك هو تمييز بموجب القانون الوطني”.

ويكفل نظام رعاية الأطفال بالمملكة المتحدة توفير أسر بديلة أو دور رعاية بإشراف اختصاصيين اجتماعيين مدربين لرعاية الأطفال ونظم متابعة لصحتهم النفسية والعقلية. وبحسب وصف دورر، فهذا النظام لا علاقة له بما يحدث بفنادق تسكين الأطفال طالبي اللجوء.

وزارة الداخلية ترد

وردا على تقرير الأمم المتحدة وانتقادات مؤسسات المجتمع المدني التي اتهمت السلطات البريطانية بالفشل وتعريض الأطفال طالبي اللجوء لمخاطر الاتجار والرق المعاصرة، قال متحدث باسم وزارة الداخلية للجزيرة نت إنه “نظرًا لارتفاع أعداد عمليات عبور القوارب الصغيرة، لم يكن أمام الحكومة أي بديل سوى استخدام الفنادق بشكل طارئ لمنح الأطفال طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم سقفا فوق رؤوسهم فور وصولهم المملكة المتحدة”.

وأضاف المتحدث الرسمي أن “رفاهية الأطفال والقُصر الذين تحت رعايتنا تُعتبر أولوية قصوى، وهناك أمن على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع في كل فندق يُستخدم لاستيعابهم”.

وعن الأطفال طالبي اللجوء المفقودين، أوضح المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية للجزيرة نت أنه “عند اختفاء أي منهم، يتم العمل وفق بروتوكول البحث عن الأطفال المفقودين، الذي يبدأ فور اختفاء أي طفل، وتتم تعبئة عدة مؤسسات للبحث عنهم بعد خطوات مدروسة، ويتم هذا جنبًا إلى جنب الشرطة والسلطات المحلية، ويستخدم النظام في اقتفاء أثر وتحديد مكان المفقودين والتأكد من سلامتهم”.

ونفت وزارة الداخلية اتهامات المجتمع المدني بعدم وجود عمال دعم اختصاصيين، وأكدت أنه يتم دعم الأطفال طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم من قبل فرق وموظفي دعم موجودين في الموقع على مدار 24 ساعة، ويتوفر مزيد من الرعاية في الفنادق من قبل فرق من الاختصاصيين الاجتماعيين والممرضات.

وأرجع المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية الأزمة إلى الضغط البالغ الذي شهده برنامج النقل الوطني (NTS)، حيث تم استقبال 3161 طفلا وصلوا عبر الحدود وجرى نقلهم إلى السلطات المحلية، وهو ما تسبب في ضغط على الخدمات خلال عام 2022 مقارنة بـ1276 طفلا عام 2021.

ويعكس هذا الرقم زيادة مفاجئة بنسبة 148% تقريبًا مقارنة بالعام الماضي، في حين أشرفت وزارة الداخلية البريطانية على نقل إجمالي 5953 طفلا إلى السلطات المحلية بين سبتمبر/أيلول 2016 ونهاية 2022.

وخلال هذه الفترة، استطاعت الجهات المعنية إعادة 220 طفلا من المفقودين مرة أخرى للنظام، ولا يزال البحث جاريا عن 220 آخرين، ويجري البحث في الأسباب والدوافع التي دعتهم إلى الهروب من مقار السكن المؤقتة التي تستقبلهم.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى