تكرارا لتجربة فورد ونيكسون.. هل يعفو بايدن عن ترامب في حال إدانته؟
واشنطن- بعد توجيه 37 تهمة للرئيس السابق دونالد ترامب تتعلق بعدم نقل آلاف الوثائق -بعضها سري للغاية- إلى “الأرشيف الوطني” عند انتهاء فترة حكمه تلوح في الأفق متاعب قانونية جادة بحق ترامب قد تنهي المطاف به إلى السجن.
ويتزامن الحديث عن احتمالات سجن الرئيس السابق مع أحاديث عن ضرورة العفو عنه نظرا لما يعنيه سجنه للمنصب الأهم في النظام السياسي الأميركي وكونه كان قائدا أعلى للقوات المسلحة لـ4 سنوات، كما تهدئ مثل هذه الخطوة سخونة وخطورة الانقسام المجتمعي المستقطب بشدة سياسيا.
وخلال سنوات حكمه مارس ترامب نفسه سلطة العفو عن مساعديه الذين أدينوا جنائيا، ومنهم ستيفن بانون، وروجر ستون، وبول مانافورت.
ولا تنتهي المتاعب القضائية لترامب عند قضية الوثائق، فقد واجه اتهامات جنائية في ولاية نيويورك في أبريل/نيسان الماضي تتعلق بدفع أمول لإسكات ممثلة أفلام إباحية عن الحديث بشأن علاقتها به، وهو ما يعد مخالفة لقانون تمويل الحملات الانتخابية.
تضاف إلى ذلك تحقيقات ما زال على ترامب عبورها، الأول يتعلق بدعوته مسؤولي الانتخابات في ولاية جورجيا لتغيير نتائج انتخابات 2020، إلى جانب تحقيقات بشأن دوره في هجمات السادس من يناير/كانون الثاني 2021 على الكونغرس بهدف عرقلة التصويت على فوز الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020.
عقوبات بالسجن وغرامات مالية
ووفقا للائحة الاتهام الفدرالية ضد ترامب والمكونة من 37 اتهاما، فإن كل واحدة من هذه التهم تحمل عقوبة مقدارها غرامة قصوى تصل إلى 250 ألف دولار، مع عقوبة سجن قصوى تتراوح بين خمسة أعوام و20 عاما.
ويعتقد الكثير من القانونيين أن ترامب قد ارتكب بوضوح عددا من الجرائم التي يمكن من خلالها أن تنتهي به إلى السجن، وأهم هذه الجرائم:
- الاحتفاظ المتعمد بمعلومات تتعلق بالأمن القومي، وتنطبق هذه التهمة على الاتهامات رقم 1 إلى رقم 31.
- التآمر لعرقلة العدالة من خلال إخفاء تلك الوثائق عن هيئة المحلفين الكبرى.
- حجب وثائق وسجلات، واتهم ترامب بتضليل محامي التحقيق عن طريق نقل صناديق من الوثائق السرية حتى لا يتمكن المحامي من العثور عليها أو تقديمها إلى هيئة المحلفين الكبرى.
- إخفاء مستندات وسجل بشكل خاطئ، حيث حاول ترامب إخفاء صناديق الوثائق السرية عن المحامي.
- تقديم بيانات كاذبة بشأن نتائج البحث في منزله عن الوثائق السرية.
من يملك سلطة العفو عن ترامب؟
على المستوى الفدرالي هناك 3 طرق يمكن من خلالها العفو عن ترامب: من حاكم الولاية صاحبة الدعوى، أو من الرئيس الحالي جو بايدن، أو من دونالد ترامب نفسه إذا ما تم انتخابه رئيسا جديدا في 2024.
وعلى مستوى الولايات لكل ولاية عمليتها الخاصة للعفو والتخفيف، والتي تختلف عن العفو الرئاسي من حيث إنها تخفف العقوبات على الجرائم بدلا من القضاء عليها تماما، وبعض الولايات تقدم هذه السلطات إلى حاكمها والبعض الآخر مع مجموعة من المسؤولين التنفيذيين.
ويواجه ترامب حاليا اتهامات جنائية فعلية أو محتملة في ولايتين هما نيويورك وجورجيا، وتعود سلطة العفو الوحيدة ذات الصلة المتعلقة بهذه الاتهامات إلى حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوكول التي من غير المرجح أن توافق على العفو عن الرئيس الجمهوري السابق في حال إدانته.
التحقيق الثاني يجري في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا في ما يتعلق بمكالمة ترامب المسجلة، والتي ناشد فيها سكرتير الولاية براد رافنسبرغر بالقول “أريد فقط العثور على 11 ألفا و780 صوتا” ليفوز بأصوات هذه الولاية.
وإذا قدمت المدعية العامة للمقاطعة لائحة اتهام ضد ترامب -والتي أعلنت مؤخرا أنها قد تكون قبل نهاية هذا الصيف- فسيتعين على ترامب اللجوء إلى مجلس العفو والإفراج المشروط في ولاية جورجيا المكون من 5 أعضاء للحصول على عفو، ويتمتع حاكم جورجيا الجمهوري بريان كيمب بسلطة تعيين هؤلاء الأعضاء.
سابقة فورد ونيكسون
إذا صدرت لائحة اتهام فدرالية فإن القانون واضح بشأن سلطة العفو الرئاسي، ويحق للرئيس بايدن أن يعفو عن ترامب أثناء المحاكمة أو قبل النطق بالحكم في نهايتها أو بعد أن تتم إجراءاتها كلية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يجب على الرئيس جو بايدن العفو عن ترامب؟
يرى بعض المعلقين أن كل ما يجري من تحقيقات ومحاكمات تتعلق بالرئيس السابق والمرشح القوي لانتخابات 2024 يزيد تقسيم البلاد.
وبالنظر إلى السابقة التي أرساها عفو الرئيس السابق جيرالد فورد عن الرئيس السابق ريتشارد نيكسون فإن سيكون هناك ضغط كبير على بايدن للقيام بذلك.
ولن يقتصر مصدر الضغط على الحزب الجمهوري، لكن يُعتقد أن كثيرا من الديمقراطيين سيدعون بايدن كذلك لإصدار عفو عن الرئيس السابق ترامب من أجل وقف الانقسام المجتمعي الكبير الذي تشهده الولايات المتحدة.
ويعتقد على نطاق واسع أن خطوة فورد كلفته الانتخابات الرئاسية التالية عام 1976، وقد يخشى بايدن من تأثير قيامه بالعفو عن ترامب على حظوظه الانتخابية لعام 2024.
ويُعقّد من فكرة عفو بايدن المبكرة عن ترامب خوضهما الانتخابات معا، في وقت يواجه ترامب فيه انتخابات تمهيدية قوية ضد عدد من المرشحين الجمهوريين مثل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس ومايك بنس نائب ترامب السابق.
الرئيس يعفو عن نفسه
إذا فاز ترامب بانتخابات 2024 الرئاسية فمن الممكن أن يحاول الرئيس الجديد العفو عن نفسه، ويدخل مثل هذا القرار البيت الأبيض في معضلة دستورية، خاصة مع عدم قيام أي رئيس بمثل هذه الخطوة من قبل على مدار التاريخ الأميركي.
ولم تنظر أي محكمة حتى الآن في مسألة ما إذا كان بإمكان الرؤساء العفو عن أنفسهم.
وتنص المادة الأولى/ القسم الثالث من الدستور على إقالة الرئيس وعزله من منصبه، وهو العلاج الأكثر وضوحا للمخالفات الرئاسية أثناء شغل المنصب.
ومن هنا يرى فريق قانوني أن الدستور الأميركي لم يمنح الرئيس حق العفو عن نفسه، خاصة مع وجود بنود دستورية تدفع إلى إقالة الرئيس ومحاكمته إذا ارتكب مخالفات.