الاخبار العاجلةسياسة

5 أشهر على موعد إجراء الانتخابات المحلية.. ما مصير التحالفات السياسية بالعراق؟

بغداد- بعد تصويت البرلمان العراقي على الموازنة العراقية، تشير مصادر سياسية إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تفكك كثير من الكتل السياسية والتحالفات، ولا سيما في الجانب السني والشيعي، في ظل بروز خلافات سياسية كبيرة حول استحقاقات المرحلة المقبلة، وسط حديث عن احتمالية تأجيل الانتخابات لأشهر عديدة بعد الموعد المحدد.

ويتزامن هذا الحديث مع استمرار الاعتزال السياسي للتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بعد أن كان قد أعلن عن تجميد عمل تياره السياسي في أبريل/نيسان الماضي لمدة عام كامل، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عن إمكانية عدول التيار عن موقفه والمشاركة في الانتخابات، مع تساؤلات عن مستقبل التحالفات السياسية بصورة عامة.

الإطار التنسيقي
مصادر من داخل تحالف الإطار التنسيقي تشير إلى أن كتل التحالف لن تدخل الانتخابات المحلية بقائمة واحدة (الجزيرة)

التحالفات السنية

وكانت مجالس المحافظات في العراق قد حُلَّت على إثر التظاهرات الشعبية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، لانتهاء مدة ولايتها القانونية وعدم شرعيتها وفق قرارات المحكمة الاتحادية العليا في البلاد.

كما أن مجلس النواب كان قد صوّت في مارس/آذار الماضي على تعديل قانون الانتخابات التشريعية والمحلية، على أن تعقد الأخيرة في نهاية العام الجاري وباعتماد نظام التمثيل النسبي (سانت ليغو) بمعيار 1.7 من الأصوات.

وفي ظل الطائفية السياسية المعتمدة عُرفا في البلاد منذ عام 2003، شهدت جميع الدورات الانتخابية التشريعية والمحلية تغييرا كبيرا في التحالفات السياسية وفقا لما تقتضيه مصالح الكتل السياسية، وهو ما ينطبق بالدرجة الأولى على الكتل السياسية الشيعية والسنية.

وعن التحالفات السياسية السنية، تشير مصادر من تحالف السيادة -تحدثت للجزيرة نت- إلى أنه قد تم الاتفاق على دخول حزب “تقدم” وتحالف “عزم” بزعامة خميس الخنجر بشكل منفصل في الانتخابات المحلية القادمة.

المصادر من داخل تحالف السيادة السني أوضحت أن الاتفاق بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وبين السياسي خميس الخنجر قد تم على الدخول بقوائم منفصلة، مبينا أن هذا الاتفاق يعد تكتيكيا، حيث سيتحد الطرفان بعد الانتخابات في تحالف موحّد على غرار تحالف السيادة الذي يجمع الطرفين حاليا تحت قبة البرلمان.

وقد تتسق هذه المعلومات مع ما يراه أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان مهند الجنابي، الذي يضيف أن المؤشرات السياسية تشي بأنه بعد إقرار الموازنة المالية العامة للبلاد، فإن ذلك سيؤثر على التحالفات السياسية بالمجمل.

وأوضح الأكاديمي أن التخصيصات المالية للمحافظات ضمن قانون الموازنة تعد انفجارية (كبيرة جدا)، وبالتالي فإن دخول الانتخابات وفق ذات التحالفات سيؤدي إلى إدارة مشتركة للمحافظات، وهو ما لا يناسب غالبية الأحزاب التقليدية، بما سيؤدي بالكثير من الكتل السياسية للبحث عن مصالحها، بحسب قوله.

وفي ما يتعلق بالكتل السياسية السنية، يعتقد الجنابي -في حديثه للجزيرة نت- أن تحالف تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي وانطلاق مشروع الأخير من محافظة الأنبار (غربا)، سيدفعه لدخول الانتخابات بشكل منفرد في المحافظات التي يحظى فيها بجماهيرية كبيرة، في وقت قد يتحالف فيه الحلبوسي مع الكتل السياسية السنية الأخرى في المحافظات الأخرى التي تحظى فيها كتل منافسة بدعم جماهيري، وهو ما قد ينطبق على محافظة صلاح الدين (شمال بغداد).

التحالفات الشيعية

وفي ما يتعلق بالتحالفات السياسية الشيعية، تؤكد آيات مظفر نوري المتحدثة باسم تحالف “النصر” الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي -المنضوي ضمن تحالف الإطار التنسيقي الشيعي- أن مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة أرست معالم واضحة لتوجهات الكتل السياسية، مبينة أن الكتل السياسية داخل الإطار التنسيقي تعمل على التنسيق فيما بينها ضمن ما وصفته بـ”تحالفات اللون الواحد”، وفق قولها.

وفي حديثها للجزيرة نت، كشفت نوري عن أن قوى الإطار التنسيقي لن تخوض الانتخابات بكتلة انتخابية واحدة، مضيفة “سيكون هناك أكثر من تحالف وفق الخط السياسي للأحزاب. بعض الأحزاب الإسلامية ستتحالف مع نظيراتها، وكذلك الحال مع الأحزاب اليسارية والمدنية”.

أما عن التيار الصدري وفيما إذا كان سيشارك في الانتخابات، فقد كشف مصدر من داخل التيار -فضل عدم ذكر اسمه- أن هناك خيارين اثنين لا يزالان قيد النقاش ضمن أروقة التيار، أولهما إمكانية تأجيل الانتخابات لما بعد مارس/آذار 2024، وبالتالي يمكن مشاركة التيار الصدري في الانتخابات مع انتهاء المدة التي حددها للعزلة السياسية التي بدأها في أبريل/نيسان 2023.

أما عن الخيار الثاني، فيضيف المصدر أن المعلومات الحالية تشير لإمكانية فعلية في مشاركة التيار الصدري بالانتخابات حتى لو جرت في موعدها، كاشفا عن أن التيار بدأ فعليا تنظيم صفوفه للمشاركة فيها، حيث قسمت المحافظات وفق الخارطة الانتخابية للنفوذ الصدري في محافظة بغداد ومحافظات الفرات الأوسط والمحافظات الجنوبية، وقد تم اختيار الشخصيات ذات التأثير الجماهيري الكبير في التيار للترشح للانتخابات.

من جانبه، يرى الباحث السياسي الدكتور سيف السعدي -في حديثه للجزيرة نت- أن موقف التيار الصدري لا يزال غامضا وفي وضع وصفه بـ”السبات” السياسي، مبينا أن من غير المستبعد أن تتجه الكتل السنية المنضوية ضمن تحالف السيادة فعليا للتحالف مع التيار الصدري مرة أخرى، في حال مشاركته بالانتخابات، وذلك انطلاقا من أن تفاهمات تحالف السيادة مع الإطار التنسيقي ضمن تحالف إدارة الدولة لم تفضِ لتطبيق الاتفاقيات المشتركة ضمن تحالف إدارة الدولة، وفق قوله.

الإطار التنسيقي يسعى إلى تشكيل حكومة محاصصة توافقية وهو ما يعارضه التيار الصدري – مواقع التواصل
مصادر أوضحت أن هناك خلافات داخل الإطار التنسيقي بشأن عقد الانتخابات المحلية في موعدها أو تأجيلها (مواقع التواصل)

إمكانية تأجيل الانتخابات

شهدت الأيام الماضية عودة الحديث عن إمكانية عقد الانتخابات في موعدها المحدد أو تأجيلها، حيث كشفت مصادر سياسية للجزيرة نت أن هناك خلافات داخل الإطار التنسيقي، ولا سيما بين ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق من جهة وبين بقية الكتل السياسية ضمن الإطار التنسيقي من جهة أخرى، حول موعد إجراء الانتخابات والتحالفات السياسية، مع رغبة دولة القانون والعصائب بإجراء الانتخابات في موعدها وعدم مشاركة تيار الفراتين الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في الانتخابات المحلية، خوفا من حصول الأخير على أصوات تؤهله للتحكم بالمحافظات.

في السياق، يكشف مصدر من داخل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق -فضل عدم ذكر اسمه- أنه رغم أن موعد عقد الانتخابات لا يزال في موعده المقرر نهاية العام الجاري من الناحية الرسمية، فإن دوائر المفوضية لا تزال تفتقر للحراك العملي الذي كان يسبق كل انتخابات محلية وتشريعية منذ عام 2005.

ويضيف المصدر للجزيرة نت أن الأجواء الحالية داخل المفوضية لا تشي بأن الانتخابات ستعقد في موعدها، فضلا عن أن هناك عددا قليلا من الأحزاب السياسية -لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة- بدأت تعمل على تهيئة المرشحين وعقد المؤتمرات الانتخابية، مبينا أن نسبة عقد الانتخابات في موعدها لا تتجاوز 60% على أعلى تقدير، ولا سيما أن المفوضية لم تبدأ حتى الآن بالإعداد الحقيقي لتوفير متطلبات قانون الانتخابات الجديد المغاير تماما للقانون السابق رقم 9 لعام 2020.

ويختتم المصدر بأنه لم يبق على موعد عقد الانتخابات وفق الموعد المحدد سوى 5 أشهر، وبالتالي لن تكفي هذه المدة لتعاقد المفوضية مع الشركات الدولية لتوفير الأجهزة الإلكترونية وتدريب الكوادر المحلية المشرفة على الانتخابات، وفق التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات، وفق قوله.

أما المتحدثة باسم تحالف النصر آيات مظفر، فتشير إلى أن من الممكن تأجيل الانتخابات إذا ما استجدت أوضاع سياسية أو اتفاقات تؤيد تأجيلها، مبينة بالقول “ورغم ذلك، حتى اللحظة، فإن جميع الاجتماعات داخل تحالف الإطار التنسيقي لم تقر تأجيلها”.

على الجانب القانوني، يرى الخبير القانوني علي التميمي أن التعديل الأخير لقانون الانتخابات المقر في مارس/آذار الماضي قد نصّ على تحديد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء، وبالتنسيق مع المفوضية على أن يعلن ذلك قبل مدة لا تقل عن 90 يوما قبل موعد إجرائها.

وأضاف التميمي -في حديثه للجزيرة نت- أن القانون نص على أن لمجلس الوزراء -بالتشاور مع مفوضية الانتخابات وبموافقة مجلس النواب- تأجيل انتخابات مجالس المحافظات عموما أو تأجيلها في محافظة أو أكثر. وبالتالي، فإنه يمكن تأجيل الانتخابات بالتنسيق بين الحكومة والمفوضية وموافقة البرلمان، وفق قوله.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى