خرجا من ريف نابلس.. من هما مُنفذا عملية “عيلي”؟
نابلس- أعلن الاحتلال الإسرائيلي مقتل 4 مستوطنين وإصابة آخرين بجروح خطيرة في هجوم فلسطيني مسلّح قرب مستوطنة “عيلي” بين مدينتي نابلس ورام الله بالضفة الغربية، عصر الثلاثاء. وذلك قبل أن تتواتر الأنباء عن هوية المنفذين، واللذين قدما من قرية “عوريف” القريبة.
ومنذ اللحظات الأولى للحدث، تداول ناشطون صورا لشهيد مضرج بدمه في موقع العملية، وجرى الحديث عن فرار رفيقه في الهجوم، بينما دفع جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة وأعلنها مغلقة ليبدأ مطاردة المنفذ الآخر الذي لاحقته قوات خاصة وقامت بتصفيته في مدينة طوباس شمال الضفة.
وفي الأثناء، أعلن الاحتلال اسم الشهيد الأول بعد أن التقط صورة لهويته الشخصية إلى جانب جثمانه المسجى أرضا. وقال إنه مهند فالح عبد الله شحادة (26 عاما) من قرية عوريف جنوبي نابلس، وأكد ذلك أيضا باتصال هاتفي مع ذويه.
الهاتف مغلق
وقال عبد الله شحادة ابن عم الشهيد مهند للجزيرة نت إن سلطات الاحتلال، وبُعيد انتشار الخبر وصورة الشهيد المضرج بدمه، اتصلت بعائلته وأخبرتهم أن ابنهم هو منفذ العملية.
وأوضح عبد الله “إن العائلة لا تعرف عن مهند أي شيء منذ ساعات الصباح، فقد أبلغهم أنه ينوي الذهاب للعمل في رام الله، وحاولوا الاتصال به لساعات لكن دون جدوى، فقد كان هاتفه مغلقا”.
وفي عوريف وُلد الشهيد مهند شحادة عام 1997 لعائلة تعرف ببساطة حالها وتواضعها، وهو واحد من 4 أشقاء، وقد أنهى تعليمه في مدارس القرية، ثم التحق بكلية التربية الرياضية في جامعة النجاح بنابلس، وتخرج منها قبل 4 سنوات.
يقول ابن عمه عبد الله إن مهند لم يجد وظيفة بتخصصه الجامعي فاشتغل عاملا في مواقع عدة، وهو على هذه الحال منذ تخرجه، وأكد أنه سبق وتعرض للاعتقال في سجون الاحتلال لمدة 3 أشهر.
ويصفه ابن عمه قائلا إنه شاب “خلوق ملتزم دينيا ويُعرف بطيبته” بينما يعمل والده وهو في مطلع الخمسينيات من عمره داخل الخط الأخضر.
وبالحارة الغربية في عوريف حيث يقطن الشهيد مهند، تجمّع العشرات من الأهالي وسط تخوف من مهاجمة الاحتلال لمنزل الشهيد وعائلته، حيث أغلقت القوات الإسرائيلية محيط القرية، بينما احتشد عشرات المستوطنين في مفارق الطرق العامة وعند مداخل المستوطنات وشنوا اعتداءات على الفلسطينيين ومركباتهم.
لحق برفيقه
ولم يطُل فراق الصديقين، فبعد مطاردة استغرقت نحو ساعتين استشهد الشاب خالد مصطفى عبد اللطيف صباح (24 عاما) بمدينة طوباس على أيدي قوات خاصة إسرائيلية لاحقته بعد تتبع المركبة التي استقلها عقب تنفيذ العملية وقامت بتصفيته، وأصابت فلسطينيا آخر بجروح وصفت بالمتوسطة.
وُلد خالد، الذي يتوسط 7 أشقاء، في عوريف لأسرة بسيطة أيضا. وفيها نشأ وتلقى تعليمه الأساسي قبل أن يلتحق بالعمل باكرا، واشتغل مؤخرا في أحد المحال التجارية بالقرية.
ويقول رئيس مجلس القرية السابق مازن شحادة للجزيرة نت إن خالد الذي تزوج قبل عام تقريبا أصيب برصاص جيش الاحتلال قبل نحو 3 سنوات خلال التصدي للمستوطنين على قريته، ووصفت إصابته آنذاك بالخطيرة وتسببت بإعاقة في رجله.
ويُعرف خالد بتديّنه وبساطته، وكان مهتما بحفظ القرآن الكريم مثل صديقه مهند، وقد تداول نشطاء فلسطينيون صورا لهما معا. ويصادر الاحتلال أكثر من 1500 دونم من أراضي عوريف والمقدّرة بحوالي 4 آلاف دونم لصالح مستوطنة “يتسهار” التي تضم مدرسة دينية تخرّج المستوطنين المتطرفين.
“عيلي”.. موقع الحدث
وتجثم مستوطنة “عيلي” -التي شهدت العملية عصر اليوم وتُعرف بتطرف مستوطنيها أيضا- على أراضي 5 قرى فلسطينية جنوب نابلس (الساوية واللبن وقريوت وتلفيت وقبلان) وتصادر آلاف الدونمات منها.
وتضم “عيلي” أيضا أخطر المعاهد الدينية العسكرية بإسرائيل، والذي خرَّج ضباطا عديدين في ألوية جيش الاحتلال، ومنهم عوفر فنتور قائد لواء “جفعاتي” والمسؤول عن مجزرة “الجمعة السوداء” في رفح عام 2014.
وفي المستوطنة أقيمت “مقبرة عيلي” على أرض “الخوانق” التي تعود لأهالي قريوت، وهي واحدة من أكثر من 30 مقبرة زرعت بمستوطنات الضفة، وينطلق المستوطنون في تشييد هذه المقابر من فكر أيديولوجي بهدف تثبيت وجودهم والسيطرة على المزيد من الأرض الفلسطينية.
ومن جانبها نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -في بيان وصل الجزيرة نت نسخة منه- الشهيدين شحادة وصباح. وقالت إنهما ينتميان لكتائب القسام جناحها المسلح، مؤكدة أن هذه “العملية البطولية” تأتي ثأرا لدماء الشهداء وردا على اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى الشريف.