بعد 75 يوما من المعارك.. الجزيرة نت ترصد الدمار في أسواق الخرطوم
لم يكن الفرار من بيته بفعل الاشتباكات أكبر مآسي التاجر السوداني عوض محمد علي، فقد جاء نهب متجره في سوق أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، ثم حرقه؛ أشدَّ مرارة.
وكان محمد علي يملك معرضا للعطور وأدوات التجميل في سوق أم درمان الذي يُعد أكبر أسواق السودان قاطبة، وتسبب القتال الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أواسط أبريل/نيسان الماضي، ثم مهاجمته من عصابات الإجرام والسرقة؛ بتدميره كاملا.
ويقول التاجر محمد علي للجزيرة نت إن “حرق السوق جزء من الحالة الانتقامية لعتاة الإجرام في العاصمة”. ويضيف بأسى “منذ اندلاع الحرب، أتحسس كل صباح مفاتيح متجري، ولا أنسى أن أيادي آثمة قد دمرته تماما”. ويضيف أن إغلاق أبواب المحلات التجارية بقوة لم تمنع المخربين من كسرها وسرقة محتوياتها قبل حرقها.
وفي الأسابيع الأخيرة، خلت شوارع وأزقة أسواق الخرطوم من الحياة الطبيعية، فأشرعت أبوابها لخلايا الإجرام النائمة وعتاة اللصوص التي هاجمت أسواق العاصمة السودانية المثلثة (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) بعد أن دمرتها آلة الحرب وتبعاتها، فأصبحت أثرا بعد عين.
حُطام أكبر أسواق البلاد
يمكن للمار سريعا من أسواق العاصمة مشاهدة كيف تعرضت لنهب البضائع وحرق كل ما فيها من ممتلكات خاصة وعامة، وكيف قضت النيران التي أُشعلت بعد سرقة ونهب المتاجر -بما يشبه الانتقام- على جميع المحلات التجارية والمعارض ومكاتب الشركات، ولم تسلم حتى عربات الباعة المتجوّلين.
ويشهد من تبقى من مواطنين وتجار، كيف تحوّل سوق أم درمان وهو أكبر أسواق البلاد وأوفرها حركة تجارية، إلى أنقاض كساها السواد من أوله إلى آخره، وكيف تفحّمت البضائع في جوانبه المختلفة.
ومن بين الحطام ينبعث الدخان من مخلفات بعض المواد الكيميائية كالعطور وأدوات التجميل والأدوية ومواد سائلة أخرى.
ويُعد سوق أم درمان أكبر الأسواق والممول لكل حركة التجارة في السودان بما يُقدر بنحو مليون دولار أميركي يوميا، وقد قضت النيران عليه بالكامل.
ورغم تحطم متجره واحتراقه، يأمل السوادني موسى محمد أن تتوقف الحرب ويعود لإصلاح وفتح محلّه من جديد، لكنه كما قال لم يكن يتصوّر أن يتم تدمير السوق “بكل هذا الغل”.
ويضيف “يبدو أن حرق كل المحلات التجارية والمعارض والشركات، يكشف أن أمرا مسكوتا عنه قد أظهرته الحرب وكشفت عنه غطاءه”.
أما سوق الخرطوم بحري، فقد أصابه ما أصاب سوق أم درمان من نهب وتدمير وحرق لم يتوقعه أحد من قبل. وقدر متابعون خسائره مع خسائر سوق أم درمان بأكثر من 13 مليار دولار أميركي.
سوق للسودان ودول الجوار
يقول أستاذ الإحصاء في الجامعات السودانية البروفيسور محمد أدهم، إن حرق سوق أم درمان تحديدا أثّر سلبا على مجمل أسواق السودان، وأسواق بعض دول الجوار مثل تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وحتى مصر بنسب متفاوتة.
ووفق البرفيسور أدهم، في حديث للجزيرة نت، يحرّك سوق أم درمان ما نسبته 50% من الصادرات السودانية عبر البيوتات التجارية والشركات المنتشرة في السوق. كما يحرّك نحو 70% من البضائع المستوردة والمصنّعة محليا من الذهب والمواد الغذائية نحو ولايات غرب وجنوب ووسط السودان.
وتسبب حرق الأسواق الكبيرة والمصانع والشركات المحلية وخروجها من دائرة الإنتاج؛ بأزمة غذائية في العاصمة بعد نفاد المخزون منها في البيوت أو المتاجر الصغيرة بالأحياء السكنية.
وفي مقابل ذلك، بدأت بعض المجموعات العمل بحذر شديد على حصر المتضررين لرفعها للجهات ذات الصلة بغية تعويض من أدت الحرائق إلى إفلاسهم بالكامل.